“في الاتحاد قوة”.. عنوان حكاية حب “ميشيل ونيللي” في دار المسنين
ربما تضاف حكاية “ميشيل ونيللي” إلى عدد من حكايات الحب التي تحولت إلى أساطير ووثقها التاريخ، وظلت خالدة في أبيات الشعراء وروايات الأدباء مثل “انطونيو وكليوباترا” و”قيس وليلى” و”روميو وجولييت”.
علاقة الحب الخاصة هذه نشأت في دار للمسنين وتكلّلت بالزواج وهم في “حيطان” السبعين، الأحد، الساعة الواحدة ظهراً بكنيسة الصليب في دمشق.
وردّد أستاذ اللغة الفرنسية ميشيل معصب (74 عاماً) جملة “في الاتحاد قوة” أثناء حديثه لتلفزيون الخبر تعبيراً عن “سعادته باتخاذ قرار مصيري وهو زواجه من المهندسة المدنية “نيللي” من أصول بلغارية، والمقيمة بدار المسنين مقابل غرفته تماماً منذ بضعة أشهر في جمعية القديس “غريغوريوس” الأرثوذكسية في دمشق”.
ومكثت “نيللي” (78 عاماً) في غرفة تقابل غرفة العم “ميشيل” في الدار منذ ستة أشهر، وبدأ في مساعدتها والاهتمام بها منذ اللحظات الأولى لإقامتها”، قائلاً: “كنا نحتسي القهوة سوية بعد صنعها بطريقة خاصة على غاز الكحول المتوفر لدي في فترة قطع الكهرباء، وتطورت علاقتنا إلى أن تحولت من صداقة إلى حب”.
ونشأت صداقة العريس مع عروسته لأنها “مختلفة عن جميع نساء العالم” بحسب ما تراه عينيه، موضحاً أن “أرواحهما تلاقت فكرياً وثقافياً ومعنوياً وسط تشابه كبير في الأوضاع والظروف التي اعترضت حياتهما منها غربة أولادهم وفقدان الأزواج”.
وقال “معصب”: “الظروف ولّدت لدينا دافعاً بأن نسند بعضنا البعض لذلك أقدمنا على هذه الخطوة، وكللنا ما تبقى من حياتنا في الزواج.. والآن نعيش في غرفة واحدة داخل الدار، وحوّلنا الغرفة الثانية إلى مكاناً للجلوس واستقبال الضيوف”.
وأضاف العم “ميشيل” وعيناه تضحك فرحاً: “لاقينا دعماً كبيراً من إدارة الدار، وقدّموا لنا كل ما هو لازم، بالإضافة إلى التحضيرات التي كانت مفاجئة بالنسبة لنا من فرقة موسيقية وكشفية وتنسيق الزينة والصالة والطعام وغيرها من لوازم الاحتفال في مطعم الدار بعد انتهاء الإكليل.
“”وبعد الكبرة جبّة حمرة” مَثَلٌ توقع التعرض له العريس “ميشيل” من قبل الناس والأصدقاء وكل من حوله كونها خطوة غير مسبوقة أو قليلة في المجتمع الشرقي، إلا أن ردة الفعل كانت إيجابية وعلى عكس التوقعات تفهموا الأمر بتشجيع ومحبة لأن الحب ليس له زمان أو مكان”، بحسب وصفه.
وابتسمت المهندسة المدنية “نيللي” التي تحمل الجنسية السورية ولا تجيد الكلام الممتاز في اللغة العربية، قائلة لتلفزيون الخبر: “أنا طاير عقلي من الفرح وسعيدة جداً في قراري وفخورة بالخطوة التي فعلتها ببقية حياتي.. من سنة 1975 عشت في سوريا وأحببتها وبقيت فيها، ولا أريد الآن سوى القلب الجميل والدافىء”.
“وكانت ردة فعل الأصدقاء جميلة جداً وقالوا لي: “مبروك يا عروس”.. شجعوني بثقافتهم وتفهمهم وفرحة قلوبهم، إضافة إلى تقبّل أولادي وإعجابهم بالفكرة عندما قالوا لي: “إذا بترتاحي معو ألف مبروك”.. وبالنتيجة هم لديهم حياتهم وسعداء فيها، وكل منّا يستحق أن يعيش”.
بدورها مديرة دار المسنين في “غريغوريوس” الأرثوذكسية في دمشق وداد طنوس أشارت لتلفزيون الخبر إلى أن “خطوة زواج العرسان تعتبر الأولى من نوعها في الدار، علماً أنهم يقطنون فيه بإرادتهم بهدف الراحة والحصول على الحياة الاجتماعية وممارسة النشاطات والحفلات الموسيقية”.
وعن صحة العروسين، قالت “طنوس”: “صحتهم جيدة جداً ولا يعانون من الأمراض، حيث جاءت السيدة “نيللي” إلى الدار بقرار منها منذ 6 أشهر، زوجها متوفى وأولادها في ألمانيا أحبّت سوريا جداً، ثم قابلت “ميشيل” وتبادلا الاهتمام والحب، علماً أن الأخير فارق زوجته بعد وفاتها وأولاده يقطنون في هولندا وكلاهما يحتاجان إلى حياة يسيطر عليها الأمان”.
واحترمت الإدارة قرارهما وجهزت لهم غرفة خاصة بهم، إضافة إلى دعم كل ما يحتاجون إليه من حاجات أساسية وأولية، قائلة “طنوس”: “لدينا أزواج جاؤوا مع بعضهما إلى الدار، ولكن لم يتزوجوا هنا، أما الأصدقاء المسنين في الدار فرحت قلوبهم وعبروا عن ذلك بطرق كثيرة أهمها تقديم باقة ورود خاصة بالعرسان”.
وختمت “طنوس”: “اعتبرناهم أمنا وأبانا رغم جرأة هذه الخطوة في مجتمعنا، إلا أننا لم نتعرّض لانتقاد واحد.. كنا كخلية نحل في عمليات التنسيق للعرس وفعلاً أنهما كانا مثالاً للشباب.. علّموهم الحب الذي ربما فقدوه”.
“وجاءت مجموعة من الاتصالات لمديرة الدار أثناء التحضير للعرس من الأصدقاء المسنين تطرح الكثير من التساؤلات حول لون الفساتين التي سيرتدونها النساء وعن ربطات العنق التي سيضعها الرجال، وكان للفرح أثر كبير على مشاعرهم ومعنوياتهم.
فقد أعاد لهم القوة والإرادة وأثبت لهم بأنهم يستطيعون اتخاذ القرار ولا علاقة للتقدم بالسن في توقف الأمل والسعادة طالما هم في الوجود ويحملون روحاً شبابية.
كلير عكاوي – تلفزيون الخبر