العناوين الرئيسيةسياسة

ما هو تاريخ العلاقات السورية السعودية؟

أفادت وكالة “سانا” عن زيارة يجريها وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان إلى دمشق الثلاثاء 18 نيسان الجاري، بغاية لقاء الرئيس بشار الأسد وذلك في أول زيارة لمسؤول سعودي منذ 2011.

وكان زار وزير الخارجية والمغتربين فيصل مقداد قبل أيام العاصمة السعودية الرياض لأول مرة منذ مطلع الحرب على سوريا والتقى عدد من المسؤولين السعوديين.

كيف كانت العلاقات السورية السعودية؟
لا شك أن أي مطلع على السياسة في العالم العربي خصوصاً خلال النصف قرن الأخير يدرك تأثير التوافق أو التجاذب في العلاقات بين سوريا والسعودية وانعكاساتها على الإقليم ككل.

وتعود هذه العلاقات لمرحلة الاستقلال، حيث كان للسعودية علاقات قوية مع الرئيس شكري القوتلي ودعمته في وجه الانقلابات، كما دعمت انقلاب أديي الشيشكلي.

واصطفت سوريا في الخمسينات والستينات إلى جانب ما يسمى المعسكر السوفيتي، والسعودية في صف الغرب وأميركا، وكانت هذه المرحلة مرحلة تجاذبات كبيرة نتيجة خضوع المنطقة لعدة أحلاف تختلف في ولائها ما بين الغرب والشرق تأثراً بالحرب الباردة عدا عن وقوف سوريا لجانب الرئيس المصري جمال عبد الناصر وإقدامها على الوحدة مع مصر بما يخالف الهوى السعودي.

واستمرت هذه التجاذبات والتوترات في العلاقة بين البلدين حتى سبعينات القرن المنصرم، ومع وصول الرئيس الراحل حافظ الأسد وموقف السعودية الإيجابي في حرب تشرين التحريرية بدأت العلاقات تزداد تحسناً.

وتبادلت قيادات البلدين خلال السبعينات الزيارات الرسمية على مستوى الرئيس والملك عدة مرات، وأيدت الرياض الدور السوري في الحرب الأهلية اللبنانية ضمن جيوش الردع العربية.

وعادت التوترات بشكل كبير بين البلدين بعد وقوف سوريا إلى جانب إيران في حربها مع العراق، والتي اعتبرتها دمشق تعدياً من نظام صدام حسين وداعميه على طهران، وأدى ذلك لوقوف الرياض بوجه سوريا علناً.

ورغم توترات حرب الخليج الأولى إلا أن الجهود السورية السعودية لوقف الحرب الأهلية في لبنان أتت ثمارها عبر مؤتمر الطائف، والذي عُقد نهايات 1989 وأنهى الحرب الأهلية اللبنانية.

ومع انطلاق فترة التسعينات وصلت العلاقات السورية السعودية لأوج قوتها وتحسنها خصوصاً بعد مشاركة سوريا في الدفاع عن السعودية في وجه الغزو العراقي للكويت.

وعُرف خلال هذه الفترة على مستوى المنطقة العربية أن نتائج اجتماعات الراحلين الرئيس حافظ الأسد والرئيس المصري حسني مبارك والأمير عبدلله، هو من يحدد قرارات المنطقة ويفصل في نزاعات أكثر من أي اجتماع آخر على مستوى العالم العربي.

وتجلت مقولة (س-س) في لبنان التي تختصر التوافق السوري السعودي لحل أزمات هذا البلد طيلة تسعينات القرن الماضي وحتى العقد الأول من الألفينات.

وظلت العلاقات على وفاق حتى غزو العراق وتوتر العلاقات مجدداً مع الرياض، نتيجة عودة تجاذبات المحاور بين المحور الداعم لوجود أميركا بالمنطقة والمحور الرافض لذلك.

وتعقدت العلاقات أكثر إبان اغتيال رئيس وزراء لبنان رفيق الحريري في شباط 2005، واتهام الرياض لسوريا وحلفائها بهذه العملية، وتشكيل محكمة دولية بدعم سعودي غربي لمحاسبة سوريا.

ووصلت في هذه المرحلة العلاقات لطريق مسدود، وجرى سحب السفراء بين البلدين وتصاعدت المواقف السعودية تجاه دمشق خصوصاً بعد تأييدها المطلق لحركات المقاومة في نضالها ضد كيان العدو في لبنان 2006 وغزة 2008.

واستقرت العلاقات نسبياً منذ 2007 حتى عادت القطيعة الأكبر مع بداية الحرب الغربية على سوريا، ووقوف السعودية ضد الدولة والشعب في سوريا وتمويلها للتنظيمات الإرهابية لضرب استقرار دمشق وتغيير موقف سوريا الداعم للمقاومة اللبنانية والفلسطينية والعراقية ضد أميركا وكيان العدو.

وساهمت السعودية بسحب مقعد سوريا من الجامعة العربية 2012، وشكلت مجالس معارضة وحاولت إعطائها صبغة الشرعية وأنها ممثلة سوريا وشعبها، وقادت حملة دولية للإطاحة بالدولة السورية وقياداتها وفرضت العقوبات وشددت الحصار على مدار السنوات العشر الأخيرة.

ومنذ نهايات 2017 بدأت مؤشرات ورغبات التراجع السعودي عن الوقوف بوجه سوريا تظهر في تصريح مسؤول سعودي هنا أو هناك، وامتلأت الصحف العربية والغربية بتسريبات زيارات سعودية سرية إلى دمشق، وتقديم العروض للرئيس بشار الأسد لدعم سوريا وإعادة إعمارها مقابل تنفيذ عدة شروط أهمها تغيير موقف سوريا الممانع.

واستمرت التسريبات حول زيارات الوفود بين البلدين وعن تغيير في موقف الرياض نحو دمشق بوساطة إماراتية، لاسيما بعد عودة العلاقات السورية الإماراتية وفتح السفارات.

ومع تعرض سوريا وتركيا لزلزال مدمر في 6 شباط 2023 وصلت للمرة الأولى قوافل مساعدات سعودية لسوريا، وبدأت تظهر تسريبات عن النية بتبادل زيارات رفيعة المستوى بين البلدين.

وفي آذار 2023 نقلت “رويترز” عن مصادر مطلعة نية دمشق والرياض إعادة العلاقات وفتح السفارات بعد عيد الفطر السعيد، عدا عن التجهيز لزيارة وزير الخارجية السعودية لدمشق ناقلاً دعوة سوريا لحضور قمة الجامعة العربية في الرياض، وإنهاء القطيعة العربية مع السورية التي امتدت لعقد كامل.

وتقود السعودية بشراكة مع الإمارات حملة عربية لإعادة سوريا للحضن العربي، وإعادة تفعيل دورها في الجامعة العربية، والإسراع في دعمها لتفادي آثار الزلزال والحرب.

يذكر أن سوريا قيادةً وشعباً لم يقوموا برفض أي مبادرة مع أي دولة عربية لإعادة العلاقات، بشرط أن يكون ذلك دون التدخل في شؤون سوريا الداخلية، والحفاظ على استقلال البلاد وآمنها.

تلفزيون الخبر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى