بالتحدي وإرادة الحياة يكمل “عامر عيسى” أيام اغترابه بعيداً عن أهله ووطنه
لطالما أثبت السوريون أنّهم أبناء الحياة، وأهل الصبر والمثابرة، وأنهم قادرون على تحويل آلامهم إلى فرصة للمضيّ نحو الأمام بخُطى ثابتة.
بابتسامة تختبئ في جوفها دمعة حب وغصة وألم وحنين لبلده ولأهله، روى (معلم المشاوي) “عامر عيسى” معاناته والصعوبات التي تصادفه خلال عمله في العراق لتلفزيون الخبر، ويقول إن “أكثر الصعوبات التي عانيت منها وصادفتني في الغربة، هي التنقل بين أي مكان عمل وآخر لعدم وجود مسكن أقيم فيه، حيث كنت أخاف من مغادرة العمل لئلا أبقى في الشارع بلا سكن، ولكي لا يسلمني صاحب العمل لدورية شرطة عراقية في حال كانت إقامتي منتهية”.
وبيّن “عيسى” أن “من الصعوبات أيضاً التي تصادفني هنا، هي عدم الاستقرار بمكان عمل معين لأسباب كثيرة منها، التعرض للاستغلال من قبل صاحب العمل، والمشاكل التي تحدث ما بين زملاء العمل، بالإضافة إلى صعوبة التكيف والتأقلم مع بيئة جديدة ومختلفة”.
وذكر عيسى أنه “عملت في أحد المطاعم بمحافظة البصرة لمدة سنة ونصف، صادفتني فيه ظروف مختلفة وصعبة، كالتكيف مع بيئة جديدة، ولهجة ومصطلحات عراقية شعبية، ومشاكل أخرى تتعلق ببيئة العمل”.
وأكمل “عيسى” “بعدها غادرته وذهبت للعمل في مطعم آخر، لم أبقَ فيه سوى أسبوع واحد فقط، حيث تعرضت للابتزاز من صاحب المطعم العراقي، وخيّرني بين البقاء في العمل بمطعمه أو إعطائه جواز سفري، ليتحكم بي على هواه وليستغلني أبشع استغلال”.
وأردف “عيسى” أنه “فضلت المغادرة وعدم تعرضي للاستغلال، وكان معي عاملان حينها غادرا العمل للأسباب ذاتها، حيث غادرنا المطعم عند الساعة الرابعة فجراً، ولم يمهلنا صاحب المطعم للصباح، حينها لم يكن لدينا سكن نلتجئ إليه، فذهبنا إلى إحدى الحدائق في محافظة البصرة للنوم فيها”.
وتابع “عيسى” بعدها انتقلت للعمل في مطعم آخر بقيت فيه لمدة 3 أشهر، وتعرضت فيه لمضايقات كثيرة من قبل الموظفين في المطعم واضطررت لمغادرته”.
وأكمل “عيسى” “عندها فضّلت الانتقال لمطعم جديد، استلمت فيه قسم المشويات بنفسي، ووجدت فيه الراحة واستمررت فيه لمدة 6 أشهر، وبعدها انتقلت للعمل في مطعم بمحافظة كربلاء، ووجدت أيضاً فيه الراحة والاستقرار وحالياً ما زلت فيه”.
أما عن طبيعة العمل، أشار “عيسى” إلى أن “طبيعة عملي ما بين سوريا والعراق مختلفة، حيث هناك فرق في تحضير المشاوي هنا وهناك، في بلدنا كنا نقوم بتحضير المشاوي على نار هادئة، أما في العراق فيتم استعمال موتور هواء لتحضير المشاوي بأسرع وقت”.
ولفت “عيسى” إلى أن “طريقة ضم ولف لحمة الكباب على السيخ مختلفة مابين سوريا والعراق، عانيت منها في البداية على الطريقة العراقية بشكل دائري وبصمة إلى أن أتقنتها، وقمت بتطوير نفسي في هذا المجال، حيث أقوم بتحضير خلطات بهارات خاصة بي، ووصلت إلى مرحلة مهمة في عملي، والآن بمقدوري وبعد تعب سنين أن أفتح قسم مشاوي بنفسي وأديره”.
وعن الأحداث المؤثرة التي حصلت معه في الغربة، ذكر “عيسى” أنه “بعد قرابة الشهر من وجودي في العراق، اتصل بي أخي ليخبرني أن أبي متعب صحياً، وتم إدخاله إلى المستشفى، حيث توفي والدي هناك”.
وتابع “عيسى” “حينها اسودت الدنيا بوجهي وأصبت بحالة نفسية يرثى لها، فراق والدي وأنا بعيد عنه ولا أستطيع العودة إلى بلدي بسبب توقف حركة الطيران من جهة بسبب انتشار فيروس كورونا، وألم الغربة من جهة أخرى”.
وأشار “عيسى” إلى أنه “في تلك الظروف التي عشتها كان لا بد لي من الصبر والتحدي، وإكمال ما طلبه مني والدي في الاعتماد على نفسي، والتطور في عملي وتأمين مستقبلي ومساعدة أخوتي، حيث هيَّأ لي كل الظروف للسفر إلى العراق”.
وبيّن “عيسى” أنه “قبل سفري إلى العراق كنت أعمل في مطعم لتحضير كافة أنواع المشاوي في قريتي الشبطلية في ريف اللاذقية مع أبي وأخوتي، حينها كان عملنا في المطعم جيداً، ولكن بدون أي تقدم أو أي نتيجة تذكر، بسبب الواقع المعيشي الصعب الذي بدأ بالانحدار والتدهور يوماً بعد يوم في بلدنا”.
وذكر “عيسى” أنه “كنت أدرس في كلية التربية الرياضية في جامعة تشرين بمحافظة اللاذقية، وفي شهر أيار عام 2019 كان يجب عليّ تقديم 5 مواد للتخرج من الكلية، إلا أني لم أستطع تقديمهم بسبب ظروفي العائلية، والحالة النفسية السيئة التي وصلت إليها بعد وفاة والدتي”.
وبين الوطن والغربة، يغرق السوري في أحلام عجز عن تحقيقها في بلده، فراح يبحث عن فرصة للحياة من جديد، سعياً منه إلى تطوير ذاته بما يعود بالخير عليه وعلى أهله.
علي رحال – تلفزيون الخبر