“لن أدع هذا العالم يستريح ما دام شعبي يتألم ” .. وديع حداد في ذكرى رحيله
رحل في مثل هذا اليوم، 28 آذار، من العام 1978 رجل من طراز ثوري رفيع مغادراً جعبة المقاومة والمقاومين، بعد أن خاض ميادين مقارعة العدو، وديع حداد الذي قاد نضال الشباب الفلسطيني المؤمن بأن الكفاح المسلح هو الطريق الأمثل والأوحد لاسترجاع الأرض والوطن.
ومن وحي تلك القناعات وذاك الإيمان بحتمية تحرير فلسطين، ساهم حداد بتأسيس حركة القوميين العرب و الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين إلى جانب رفاقه الدكتور جورج حبش وآخرين منهم الأحياء ومنهم الشهداء الذين آمنوا بفلسطين عربية وبأن ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة.
ولد وديع حداد في مدينة صفد الجليلية في فلسطين المحتلة في العام 1927، وبعد نكبة عام 1948، اضطر للهجرة من وطنه وللجوء مع عائلته ووالده إلى مدينة بيروت حيث استقر بهم الحال هناك.
وفي هذه الأثناء التحق وديع بمقاعد الدراسة في الجامعة الأميركية ليدرس الطب، هناك تعرف على زميله بالنضال والطب الدكتور جورج حبش، وخلال دراستهما انخرطا في العمل و النشاطات الوطنية والإنسانية المدافعة عن الشعب الفلسطيني.
وكانا معاً من أعضاء جمعية “العروة الوثقي” التي بدأت بلعب دور سياسي بعد انخراط الشباب القومي المتحمس للعمل السياسي بها، وتولى الشهيد وديع موقعاً قيادياً في هذه الجمعية.
وبعد تخرجه كطبيب من الجامعة الأمريكية وانتقاله إلى الأردن حيث كان قد سبقه الى هناك رفيق دربه الدكتور جورج حبش ، شكلا معاً العيادة المجانية إلى جانب عيادتيهما، معتبرين نشاطهما الأساسي والرئيسي، النشاط الوطني والقومي وليس الطبي.
و قاد حداد خلايا تنشط في مختلف أنحاء العالم وكان وراء عمليات خطف الطائرات الشهيرة ومنها الطائرة “لاندسهوت” الألمانية، وترك الجبهة الشعبية، إلا أن المؤتمر الوطني الخامس للجبهة أعاده إليها، باعتباره رمزاً وطنياً وفلسطينياً فذاً قدم كل شيء في سبيل فلسطين التي عمل دائماً من أجلها.
وتوفي وديع حداد يوم الثامن والعشرين من آذار 1978، في ألمانيا الشرقية، لتتضارب بعدها الروايات في وفاته، حيث أشيع أنه توفي بمرض سرطان الدم، لكن “إسرائيل” اعترفت مؤخراً وعن طريق أحد ضباط مخابراتها، أهارون كلاين، الذي كتب جزءاً من حياته الاستخبارية في كتاب بعنوان “حساب مفتوح” أنها “اغتالته بدس السم له في الشوكولا عن طريق عميل عراقي كان يشغل منصب رفيع المستوى”.
ونقلت “يديعوت أحرونوت” عن المؤلف، كلاين، أن “”إسرائيل” قررت تصفية حداد بداعي تدبيره اختطاف طائرة اير فرانس، كانت في طريقها من باريس إلى تل أبيب، إلى عنتيبي أوغندا عام 1976، وأنه كان مسؤولاً عن سلسلة من العمليات الفدائية”.
وقام خبراء “الموساد” بإدخال مادة سامة بيولوجية تعمل ببطء إلى كمية من الشوكولا البلجيكية لولعه بها، ومن تلك الروايات أيضاً دس السم في معجون الأسنان الخاص بوديع عن طريق عميل أيضاً لتسوء حالته الصحية إثر ذلك.
وأشار المؤلف إلى أن “عملية التصفية الجسدية هذه “كانت أول عملية تصفية بيولوجية” نفذتها “إسرائيل”، بعد أن اعتبرته “إرهابي متمرس ومتعدد المواهب” مبررة ذلك بأنه أول من خطف طائرة تابعة لشركة الطيران “الإسرائيلية” “العال” عام 1968
وتم الإفراج عن الرهائن فقط بعد خضوع الحكومة “الإسرائيلية” لشرطه الإفراج عن أسرى فلسطينيين.
كما اتهمه “الموساد” بالمسؤولية عن إنشاء علاقات بين التنظيمات الفلسطينية ومنظمات تحررية عالمية ودعا أفرادها للتدرب في لبنان، وكانت إحدى نتائجها قيام “الجيش الأحمر الياباني” “بمذبحة في مطار “بنغوريون” عام 1972″.
وتابع المؤلف أن “اختطاف حداد لطائرة ال “إير فرانس” كانت القشة التي قصمت ظهر البعير، إذ قرر قادة “الموساد” وجهاز المخابرات العسكرية على الفور تصفية حداد، وصادق رئيس وزراء العدو، حينها مناحيم بيغن على العملية”.
وأضاف المؤلف “الاسرائيلي” أنه “بعد تصفية حداد سجل انخفاض حاد في عدد العمليات التي استهدفت “إسرائيل” في أنحاء العالم، وزاد أن “الموساد” رأى في عملية التصفية هذه تجسيداً لنظرية “التصفية الوقائية” أو تصفية قنبلة موقوتة تمثلت بـ “دماغ خلاّق لم يتوقف عن التخطيط للعملية المقبلة”.
ومهما تنوعت الروايات في سبب رحيل حداد، و سواء كان بسبب المرض، أو اغتيالا وفق روايات العدو يبقى حداد أهم المقاومين الفلسطينين والقوميين الذين صنعوا مجد الفدائي الأول وعززوا قيم المقاومة لاسترجاع الأرض، وجعلوا الفدائي رمزا للقواعد والبنادق والنضال ولجيل التحرير.
تلفزيون الخبر