العناوين الرئيسيةمجتمع

” أبو حمدو” والحدادة العربية..من أواخرِ معلمي مهنةٍ تصارعُ الإنقراض في حمص

ببشرةٍ سمراءَ داكنة، حصلت على لونها نتيجة تعرضها لغبار الفحم، وحرارته المتوهّجة لسنوات طويلة من العمل، يقف الرجل السبعيني نظمي المصري (أبو حمدو) في محله الصغير بمساحة عدة أمتار مربعة، يلتقط رزقة في مهنة العمر كما أسماها.

sdr

رافعاً كفيه أمام وجهه، لتظهر خطوط الزمن الطبيعية، والتشققات الطارئة نتيجة العمل الطويل مع الحديد، واستخدام “المهدّة” التي تستخدم لتكسير الصخور في المقام الأول، لطرق الحديد قبل أن تأخذ القطعة شكلها النهائي.

dav

“اللهم أجرنا من النار”، عبارةٌ واضحة تعلو فرن العمل، فرغم آلاف الأيام التي قضاها أبو حمدو أمامه، يطوّع فيها قضبان الحديد، إلا أن ذكر اليوم الآخر يبقى حاضراً في عمله، حباً بالرزق الحلال وابتعاداً عن كل اللقمة السهلة بالطرق الخاطئة، حسب قوله.

dav

على السندان وفي حركة متناسقة ومتناوبة، يطرق أبو حمدو على الحديد بقوة وسرعة، ليطوع الحديد ويصنعه بإتقان محولاً إياه لأدوات متنوعة، مستخدماً ما يعرف بـ “الكور” وهو الفرن الخاص لتليين القطع الحديدية المراد تصنيعها.

 

ويشيح بنظره قليلاً ليتذكر عامه الأول في المهنة، “يا سيدي من 1967″، يقول أبو حمدو، فبدأتُ العمل بمهنة الحدادة العربية في عمر 13 عاماً في محل والدي الذي ورثه بدوره عن جده”.

 

ويكمل أبو حمود لتلفزيون الخبر :”باتت مهنة الحدادة العربية أقرب للإنقراض في وقتنا هذا، وتحتاج لحرفية عالية بتليين وتطويع الحديد، لإنتاج مناجل الحصاد والفؤوس والسكك الحديدية للفلاحة والحرث”.

 

وعن آلية العمل، يضيف أبو حمدو لتلفزيون الخبر :”نستعمل الفحم لتشغيل الفرن، مع وجود مروحة تساعد على استعار النار فيه، إضافة لأهم الأدوات وهي المطرقة والسندان، إضافة إلى آلة الجلخ لسن السكاكين والمناجل وغيرها”.

 

“على الأصابع”، يشير أبو حمدو إلى تناقص عدد ممارسي هذه المهنة رغم الطلب على الأدوات المصنوعة بالحدادة العربية، لاسيما من الفلاحين ممن يحتاجونها في العمل ضمن مناطقهم الجبلية التي لا يستطيع الجرار الوصول إليها”.

 

ويعدد أبو حمدو محتويات محله، من فؤوس ومجارف والمناجل والرفوش والمطارق والأزاميل وشوكة الأرض والجنازير والمشاطات وغيرها الكثير.

 

“عمرو العرق ما لم ورق”، مثل شعبي استخدمه أبو حمدو، مشيراً إلى أن معناه يكمن بعدم مردودية المهن العضلية بالقدر الكبير، حيث أن العائد المادي منها يكفي قوت اليوم ومصروفه فقط”.

 

“مهنة قديمة واكبت الإنسان منذ القدم”، يكمل أبو حمدو لتلفزيون الخبر، فالحدادة العربية حرفة تاريخية، وتطوّرت تقنيّاتها مع مرور الزمن، لكنها بقيت تعتمد على المعدّات البسيطة، والتقنيّة اليدوية، ومن الواجب دعمها والحفاظ عليها قبل اندثارها”.

 

ويختم أبو حمدو لتلفزيون الخبر أن : “لكل بلد أصول و(شروش) يجب الحفاظ عليها مهما تقدم الزمن، ومن الواجب عدم التخلي عن أصولنا والتشبث بتاريخنا، لأن كل المهن تهدف لشيء واحد وهو خدمة ابن البلد في الوطن الواحد”.

 

عمار ابراهيم _ تلفزيون الخبر _ حمص

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى