العناوين الرئيسيةموجوعين

في حلب.. سوريون يبيعون زينة العيد بدلاً من شرائها وباعة شجرة الميلاد يواجهون كساد الموسم

لعلّ أبرز ما يميّز عزيزَ النفس أنه يكلّل نفسه بالستر حتى ولو اضطره الأمر أن يبيع فرحة بيته وبهجة عيده. ذلك ما آل إليه ضيق أحوال السوريين، مما جعل بعضهم لا يستغني عن الـ “الكماليات” فحسب وإنما يبيعها ليقتات.

في جولة ميدانية على بعض محلات الألعاب والزينة بحلب، رصد تلفزيون الخبر حركة “موسم العيد” محاولاً معرفة الكلفة الوسطية لشجرة الميلاد وزينتها، ومدى إقبال الناس على شرائها هذا العام.

بائع زينة الأعياد والذي يعدّ محلّه نقطة علام في منطقة السليمانية، ربما خانته الكلمات عند سؤاله عن حركة البيع لهذا الموسم، فأبعد نفسه، للوهلة الأولى، عن التصريح، ثم اندفع بحديثه متحسراً، وقائلاً: “صندوق مبيعاتي يوم أمس 11 ألف ليرة فقط هذا ومن المفترض أننا في موسم”.

 

مسترجعاً ذكريات العمل قبل الحرب، ومضيفاً: “في مثل هذه الأيام قبل الحرب، كنت أبيع 6 آلاف شجرة، أما هذا العام فلم أبِع شجرة واحدة حتى الآن”.

وأكمل: “أصبح بعض الناس يأتون إلينا ويعرضون علينا بيع شجرتهم وزينة منزلهم كي يقتاتون بثمنها”.

 

يتوقف صاحب المحل عن متابعة حديثه، متأثراً بما تشهده عيناه من مواقف إنسانية تحدث في محلّه خلال “موسم العيد”، لتأخذ شقيقته عبء وصف الحال عنه.

وتوضّح “رائدة بي” في حديثها لتلفزيون الخبر: “أن هناك شرائح مختلفة من الناس باتوا يعرضون على بائعي الزينة، شراء شجرة منزلهم وزينتها. بعضهم يرغب ببيعها بداعي السفر، وبعضهم الآخر ليسد حاجته بثمنها”.

وتضيف “بي”: ” كانوا الزبائن يأتون إلينا في أوج أيام الحرب وتحت أصوات القذائف، ويطلبون الشجرة الأجمل، الشجرة الأكبر، أو الشجرة ذات الجودة الأفضل، أما الآن يبدو أننا نشهد مرحلة كساد، إذ ليس هناك يد تمتد إلى الرفوف، وكأن عجلة الدوران واقفة”.

 

وتابعت “بي”: “مع أننا نبيع النوع الوطني من شجرة الزينة، طول 1 متر مثلاً، بحوالي 22 ألف، والشجرة ذات المتر و20، بحوالي 27500 ل.س، ونحاول أن نأتي بأرخص الأسعار واضعين مربح ألفين ليرة فقط، لكن مع ذلك.. الموسم مضروب”.

“والحال من بعضه” مع أحد أصحاب المحلات العريقة والمعروفة ببيع الألعاب وزينة الأعياد، في منطقة السليمانية، الذي وصف المشهد بخيبة واضحة على ملامحه، في حديثه لتلفزيون قائلاً: ” لم أتبضّع شجراً لبيعه في محلّي هذا العام، وأفكر جدياًّ بتغيير الكار بعد 45 عاماً من العمل في هذا المجال”.

مشيراً بيده إلى شجرة وحيدة موضوعة وسط محلّه، وقائلاً: “هذه الشجرة الأخيرة في محلّي، تركتها للعرض فقط وليس للبيع، إنما اقتصر الأمر على كميات من الزينة ذات النوعية الجيدة، نبيع الدزينة منها، بالقطعة، تماشياً مع قدرة الزبون على الشراء”.

 

 

وبحسبة بسيطة، يشرح صاحب المحل، في حديثه لتلفزيون الخبر، غلاء الكلفة الوسطية، إذا ما أراد أحدهم شراء “تشكيلة” من الزينة لشجرة منزله، إذ يقول: “تتجاوز كلفة زينة شجرة الميلاد الـ 100 ألف ل.س، إذا أراد ربّ الأسرة أن يشتري مجموعة واحدة من كل صنف، أو ربما لون أو لونين من بين الأشكال المتوفرة”.

 

وأوضح صاحب المحل أن: “علبة الطابات الملونة ذات النوعية الجيدة مثلاً، والتي تحتوي على ست قطع، يبلغ سعرها 23 ألف ل.س والناس تشتريها بالقطعة”.

 

وأكمل أن: ” لا إقبال على شراء زينة العيد هذا العام بالمقارنة مع العام الفائت، سوى لمن باستطاعته شراء كميات قليلة لا تُذكر، إذ أن نسبة مبيعات الموسم لم تتجاوز الـ 10 في المئة مما نعرضه للبيع”.

 

ويرجّح ذلك إلى تبدّل أولويات الناس في ظل غلاء الأسعار إذ يقول إن: “الأسر باتت تنفق على شراء المواد المعيشية الأساسية وتختصر الكماليات”.

 

ويتحدث أحمد المحمي، أحد أصحاب المكتبات في منطقة محطة بغداد، والتي طغت على واجهتها أضواء شجرات الميلاد، لتلفزيون الخبر: “أن أنواع الشجر والزينة تبدو محدودة في الأسواق، تصنف بالنوعية الوسط، وتتنوع ما بين البلاستيك والوبري، فيما يتوفر نوع ثالث تجاري لا نتعامل ببيعه”.

مضيفاً: “يبلغ سعر الشجرة من النوع الوبري ذات ارتفاع 60 سم بحوالي 35 ألف، وذات ارتفاع 90 سم، يتراوح ما بين 45 – 50 ألف، أما الشجرات ذات الأحجام الكبيرة ذات الارتفاع 150 سم، يبلغ ثمنها حوالي 600 ألف، أما النوعية البلاستيك منها، فيقدّر سعرها بحوالي 350 ألف ل.س”.

 

أما بالنسبة لأسعار الزينة يقول “المحمي”: “إن الزينة التي نتعامل بها حالياً هي من النوع الوطني، ويتراوح سعر طابة الزينة مثلاً، وحسب حجمها، ما بين 2000 إلى 5000 ل.س، يشترونها الناس بالقطعة، ونادراً ما يأتي زبون ويأخذ دزينة كاملة”.

وبالمجمل، يحسب “المحمي” الكلفة الوسطية على الزبون إذا أراد أن يبتاع شجرة من النوع الوسط ذات الارتفاع 90 سم، “إذ تبلغ حوالي 150 ألف ل.س كاملة ًمع ما يستلزمها من زينة” على حد قوله.

 

واصفاً الموسم بـ “الضعيف”، إذ يقول: “موسم البيع في العام الفائت كان أفضل، وفي العام الذي قبله، كان أفضل وأفضل”.

 

وأضاف “المحمي”: “للأسف نحن في تراجع، هذا الموسم لم يتجاوز عدد الشجرات التي بعتها سوى 6، وجميعهم من الأحجام الصغيرة، بينما في العام الفائت بعت أكثر من 25 شجرة، وبالنسبة للشجرات ذات الأحجام الكبيرة فلم أبِع أي منها هذا العام بعد”.

 

ويرجّح السبب في ذلك إلى غلاء الأسعار موضحاً أن: “أسعار شجرات العيد والزينة ارتفعت أكثر من الضعف، وبعض الأصناف والأنواع ارتفعت ضعفين وثلاثة، بالمقارنة مع أسعارها في العام الماضي، فباتت الناس هذا الموسم تشتري القطعة الضرورية فقط”.

 

ومما رصده تلفزيون الخبر خلال جولته بين الناس وفي محلات بيع الزينة، اقتصرت مشتريات بعض الزبائن في أحد المحلات على حبل ضوئي، أو شريط نايلوني مزركش باللون الأخضر، وبعضهم توقف مع أطفاله أمام واجهة المحل مطّلعاً على الأسعار فقط.. ثم ابتعد.

 

وفي الوقت الذي جاءت به إحدى السيدات كبيرات السن لتبتاع “علّاقات بلاستيك” تعلّق بواسطتها ما توفر لديها من زينةٍ في منزلها، وقفت إلى جانبها سيدة مُحرجة في ملامحها، حاملة أكياس بيديها، بانتظار خروج تلفزيون الخبر من المكان، لتعرض بأريحية بعيداً عن عدسات الإعلام، زينتها، أمام صاحب المحل… لعلّه يشتريها.

 

نغم قدسية _ تلفزيون الخبر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى