مونديال الدوحة يعمّق جروح السوريين ويكشف “شماعات” الإدارات الكروية
انتهى دور المجموعات في مونديال قطر 2022 وسط أداء عربي وأسيوي وإفريقي مشرف، حيث استطاعت المنتخبات المشاركة مقارعة كبرى منتخبات العالم بل التفوق عليها والتأهل عوضاً عنها.
وتابع الجمهور السوري كأس العالم بتفاعلٍ وحماسة كبيرين، لا يخلوها الحسرة والتندم على ما آلت إليه كرتنا، وهو يشاهد التطور الحاصل عند منتخبات قريبة كروياً وجغرافياً.
وبعد سنتيمترات “كرة السومة” أمام أستراليا في ملحق مونديال 2018، تفاءل البعض بالتطور القادم للكرة السورية وعدم ترك ما جرى خلال التصفيات يمر مرور الطفرات المعتادة على كرتنا، لكن وللأسف حساب الجمهور لم يطبق على حساب المُسييرين لشؤون كرتنا.
وتداول الجمهور الكروي خيباته بعد تصفيات 2018 بين تغيير مدربين، واتحادات و”حرد” لاعبين وغياب التنظيم، والتخطيط سواء للدوري المحلي، أو دوريات الفئات العمرية، أو حتى ما يخص تحسين واقع المنتخبات بمختلف فئاتها.
ماذا حصل منذ تصفيات 2018 إدارياً وفنياً؟
تعاقب على رئاسة “كرسي الفيحاء” 3 اتحادات منذ تصفيات ،2018 بدايةً مع اتحاد فادي الدباس، ثم اتحاد حاتم الغايب، فالعودة أخيراً إلى اتحاد صلاح رمضان الذي كان مشرفاً زمن “الطفرة”.
واحتار الجمهور السوري على أي خديه يلطم في ظل هذه الاتحادات الثلاثة، حيث كان التخبط واضحاً على الصعيد الإداري والفني، وأصبحت مهمة تبديل المدرب شماعة كل اتحاد أمام غضب الجماهير.
وبدأت القصة بتغيير الألماني شتانغه بعد إخفاق كأس أسيا 2019، ليحل محله فجر إبراهيم الذي “طار”، وجاء عوضاً عنه التونسي نبيل معلول، حيث درب المنتخب “أون لاين” وحقق المنتخب برفقته عدة إخفاقات، ليتم استبداله بالمحلي نزار محروس ليدير دكة المنتخب خلال تصفيات 2022.
وبعد تصفيات مخيبة للآمال تمت إقالة “المحروس” قبل بطولة كأس العرب وتعيين الروماني تيتا لتدريب المنتخب، وبعد 3 مباريات تم استبدال الروماني بالمحلي غسان معتوق ليستكمل مشوار التصفيات المونديالية، ثم دخل المنتخب بفترة فراغ تدريبي أنهاها اتحاد صلاح رمضان في نهاية أب الماضي بتعيين حسام السيد مدرباً للمنتخب الأول.
على صعيد النتائج!
لحساب منتخب الرجال حقق منتخبنا منذ تصفيات “الطفرة” سلسلة من النتائج المخيبة، بدأت مع أمم أسيا 2019 بتعادل سلبي مع فلسطين، وخسارتين من الأردن وأستراليا، تبعها نتائج سلبية في بطولة غرب أسيا 2019 أبرزها خسارتين مع لبنان وفلسطين، وتعادل مع اليمن، حيث تذيل المنتخب ترتيب البطولتين وخرج من الدور الأول.
وودياً تعرض منتخبنا لخسارتين مع إيران بمجموع 8 أهداف لصفر، ومع طاجيكستان بهدفين دون رد ومع أوزباكستان بهدف للاشيء، وتعادل مع الهند بهدف لهدف وخسارتين من الأردن والبحرين.
وفي تصفيات مونديال 2022، خسر منتخبنا في المراحل الأولى أمام الصين ب3 أهداف لهدف، بينما في المرحلة النهائية حقق المركز الخامس من أصل 6 منتخبات، ب6 خسارات أبرزها مع لبنان والإمارات و3 تعادلات وفوز وحيد.
وشارك منتخبنا الأول في بطولة كأس العرب ضمن مجموعة ضمت الإمارات وتونس وموريتانيا، حيث خسر من الإمارات بهدف دون مقابل، وانتصر على تونس بهدفين لصفر ، وفي مباراة الحسم للتأهل للدور الثاني خسر من موريتانيا بهدفين لهدف.
وختم المنتخب سلسلة نتائجه السيئة للعام 2022 بحلوله رابعاً في بطولة الأردن الرباعية، بخسارتين أمام العراق والأردن دون تسجيله أي هدف، وتابع نتائجه المخيبة خلال معسكر دبي الذي انتهى قبل أيام، بثلاث خسارات مع فنزويلا والجزائر المحلي وبيلاروسيا، وتسجيله هدف وحيد ضد فنزويلا فقط لا غير.
وفي إطار منتخبات القواعد ما بين 2019 و2022 لم تستطع منتخبات الشباب والناشئين والأولمبي من تحقيق أي انجاز يُذكر، حيث لم يفلح منتخبا الشباب والناشئين من التأهل للنهائيات الاسيوية في مناسبتين ب2019 و2021، كما خرجا من الأدوار الأولى لبطولة غرب أسيا في ذات العامين.
واستطاع منتخب الناشئين من الوصول لنصف نهائي غرب أسيا 2022 ، لكنه خرج متذيلاً لمجموعته من بطولة كأس العرب أب الماضي ،بخسارتين الأولى مع السعودية ب4 أهداف ل3، والثانية مع مصر ب5 أهداف دون رد، بينما تعادل سلباً مع لبنان.
وخرج منتخبنا الأولمبي من الدور الثاني لبطولة أسيا 2020 بتايلندا ، وفشل عام 2021 سواء ببطولة غرب آسيا بعد خسارته أمام الأردن 5/2 في نصف النهائي، أو ببلوغ كأس آسيا 2022 في أوزباكستان، إلا أن أولمبينا استطاع تحقيق المركز الثالث في بطولة غرب أسيا 2022.
حرقة مشاهدة المونديال!
لم يغب عن عقل المتابع السوري لمونديال الدوحة سيل الأعذار التي كانت تسوقها الاتحادات الكروية المتعاقبة عن سبب عدم النجاح الكروي المصاحب لمنتخبنا، رغم وجود لاعبين ذوي خامات كروية ممتازة.
وفي حال التطرق لموضوع المدربين، فكشف المونديال الحالي عن سوء الاختيارات التي انتهجتها قيادات الاتحاد المتعاقبة للحفاظ على ثمار “طفرة” تصفيات روسيا 2018، فتارة يقولون العلة بالمدرب الوطني، ليذهبوا للأجنبي، وحين الفشل يعودوا لنغمة المحلي المحب والوطني الفاهم والعارف بكرتنا.
لكن ما شاهده المشجع السوري في الدوحة أصابه بالإحباط ،فالأمر وفق ما عاينه في مباريات المنتخبات العربية والأسيوية والإفريقية لا يعتمد على جنسية المدرب بقدر الاعتماد على اختيار المدرب المناسب للتكتيك الذي ينسجم مع قدرات اللاعبين.
فتونس والمغرب المتصدرة لمجموعتها بالمونديال حققتا انتصارات على بطل العالم فرنسا، وأفضل منتخب تصنيفاً أخر 3 سنوات بلجيكا بمدربين محليين، بينما السعودية وإيران استطاعتا صدم العالم بفوزهما على الأرجنتين وويلز بمدرب أجنبي محترف وذو تاريخ، لم يتم جلبه من “بسطة سوق الجمعة” التدريبية التي ذهبت إليها اتحاداتنا.
وقدمت منتخبات السنغال واليابان وكوريا الجنوبية والكاميرون خلال المونديال وجبات كروية دسمة بمدربين محليين وأجانب، تمكنوا من خلالهم الفوز على ألمانيا وإسبانيا والبرازيل والبرتغال والتأهل للدور الثاني باستثناء الكاميرون.
وتداولت العديد من الصفحات العربية والمحلية على مواقع التواصل الاجتماعي صوراً للجماهير السورية الشغوفة بكرة القدم، وسط دمشق، وهي تشاهد مباريات المونديال بالآلاف، معلقةً عن سبب حرمان الجمهور السوري من حقه في التواجد بالمحفل الكروي الأبرز وهو كأس العالم، وذلك بسبب خيبات منتخبه الوطني اللامنتهية.
يذكر أن الجمهور السوري بات يتندر على منتخبه لكونه تحول لديه لمنتخب شقيق لا منتخب وطني، حيث أصبحت المنتخبات العربية أو غيرها هي المسؤولة عن هرمونات السعادة الكروية لديه، وبات خروجها من أي بطولة مزعجاً لحماسه الكروي أكثر من أخبار منتخباتنا.
يشار إلى أن اتحاد “رمضان” قرر اختيار موعد مباراة منتخبنا الأول أمام فنزويلا ضمن معسكر دبي الودي والتي خسرها بهدفين لهدف، بالتزامن مع موعد انطلاق المباراة الافتتاحية للمونديال، في تصرف اعتبره معظم المشجعين السوريين بقصد الهروب من النقد المرافق للمنتخب بعد كل خسارة.
جعفر مشهدية-تلفزيون الخبر