الظروف المعيشية والاقتصادية تجبر سوريين على “تحديد النسل”
أجرت “ندى” 35 عاماً عملية ربط للرحم مكتفية بطفل واحد عمره 5 سنوات وذلك بسبب صعوبة تأمين معيشة الاولاد بهذه الظروف كما قالت ندى لتلفزيون الخبر .
وأضافت السيدة: “بعد عدة نقاشات مع زوجي وصلنا إلى هذا القرار حيث أن أغلب طرق منع الحمل غير آمنة ومن الصعب انجاب طفل ثان في ظل الوضع الاقتصادي الراهن”.
وأكملت “ندى” المعلمة في احدى مدارس ريف دمشق، لتلفزيون الخبر: “حتى أن قوانين الوظيفة تقف في صف انجاب طفل واحد حيث إجازة الامومة للطفل الاول أربع اشهر بينما للطفل الثاني أقل ورغم ذلك هذا القرار يعرضنا للمشاكل مع العائلة .
وعن طبيعة المشاكل، قالت ندى “أهل زوجي يفضلون انجاب الكثير من الأطفال على قولهم (رزقة الولد بتجي معو)، كما أن أهلي يفضلون انجاب اخت لطفلي ومتل ما بقولوا “الله يزينو باخت حلوة” والكثير من الكلام الذي نسمعه وقررنا عدم الانصات واجراء عملية الربط”.
“تصل المشاجرات احيانا إلى درجة الطلاق والاختلاف على نفس الموضوع انجاب طفل اخر يسند أخاه في الحياة “تقول “سميرة” (اسم مستعار) لتلفزيون الخبر.
وتضيف “سميرة (28 عاماً): “تحب عائلة زوجي كثرة الأولاد للمحافظة على نسل العائلة، ويعتقدون أن لا أحد يموت من الجوع ولكن رغم أهمية وجود الاخوة في الحياة إلا أنّها لن تعوض نقص الاهتمام الذي قد يتعرض له أي واحد منهم بسبب كثرتهم وهذا ما يجعلني أصرّ على عدم انجاب طفل أخر رغم معارضة أهل زوجي”.
وتمكنت “سميرة” من اقناع زوجها بالاكتفاء “بأحمد” طفلهما الوحيد ومنحه كامل الاهتمام والرعاية، بينما صدم “عقيل” 32 عاماً العامل في أحد مطاعم حمص من خبر حمل زوجته بعد شهرين من ولادة طفلهما الأول.
يقول “عقيل” لتلفزيون الخبر: “منذ زواجنا نهاية العام الماضي قررنا ألا ننجب أكثر من ولد واحد بسبب الظروف المعيشية الصعبة حيث يحتاج طفلنا “سمير” الذي لم يكمل الشهرين بعد إلى كيس حفاضات أسبوعيا يبلغ ثمنه 20 ألفاً”.
وتابع “عقيل” بالقول: “كما أنّ والدته لم تستطع ارضاعه مما يتطلب علبة حليب كل ستة أيام بكلفة 16 ألف ليرة لأرخص نوع موجود عدا عن كثير من التطورات التي تحدث كمرض الطفل المفاجئ ومعاينات الطبيب التي لا تقل عن 6 آلاف ليرة عن كل معاينة بالإضافة للأدوية الضرورية كالفيتامينات والمعقمات التي يصل سعرها إلى 8 ألاف ليرة”.
وأضاف “عقيل”: “ارتفاع ثمن كل ما يخص الطفل مع أجار المنزل وحاجياته الأساسية، جميع هذه الظروف تجعلنا في مرحلة عدم استقرار لا يمكن خلالها المخاطرة بأكثر من طفل لكن القدر أراد عكس ذلك”.
ومن جهة أخرى، لا تفكر “نورة” اسم مستعار، بإنجاب طفل أخر رغم أن طفلها يبلغ عمره سنتين ونصف وقالت لتلفزيون الخبر:” نعطي طفلنا الوحيد كامل الرعاية والاهتمام ونقدم له كل ما يحتاجه والتفكير بإنجاب طفل أخر سيأثر بشكل سلبي على اهتمامنا بطفلنا حيث قمنا بتسجيله في مدرسة للأطفال يبلغ قسطها 4 ملايين سنويا”.
وأضافت “نورة” وهي تتذكر أول سنة من عمر طفلها لتلفزيون الخبر: “قررنا أن نشتري حاجيات طفلنا من حفاضات وحليب بجودة عالية وفي كثير من الاحيان نشتري حفاضات من الخارج بسبب عدم توافرها ضمن البلد وكان يصل سعر الكيس إلى 90 ألف ليرة ولو كان لدينا طفل آخر ربما لن نستطيع تأمين حاجياتهم من أفضل الانواع ولن نقدم لهم نفس الاهتمام والرعاية”.
أخصائية: إنجاب طفل واحد ينطوي على سلبيات
وأكدت الاخصائية النفسية في احدى الجمعيات ولاء الحسن لتلفزيون الخبر أن “انجاب طفل واحد ليس قرارا سهلا ويحتاج إلى دراسة وحذر في التربية لا يختلف كثيراً عن قرار تعدد الأطفال، وكما تلعب الظروف المعيشية والاجتماعية للوالدين دوراً مهما في اتخاذ مثل هذا القرار”.
وتؤكد الأخصائية “الحسن” أن “انجاب طفل واحد يعطي فرصة للوالدين لتربيته من مختلف النواحي النفسية والاجتماعية وغيرها، حيث من الملاحظ أن الطفل الوحيد يلقى رعاية واهتمام خاص فتكرس جميع الجهود لتلبية كافة احتياجاته كما أنه ينشأ رابط قوي بين الطفل ووالديه ولكن لا يخلو هذا القرار من بعض السلبيات وبشكل خاص على المستوى النفسي”.
وتستدرك الأخصائية بخصوص السلبيات أن “الطفل يدلل بشكل مبالغ فيه مما يعيق انخراطه في المجتمع مع أقرانه بسبب حرمان الطفل من الاعتماد على النفس والحق في اللعب مع أطفال نفس عمره نتيجة الحماية الزائدة له”.
واكملت “الحسن” بالقول: “يتعرض الطفل لضغوط نفسية عندما يتوقع الأهل منه التفوق والتميز متجاهلين مستواه وقدراته والخلاصة فكرة انجاب طفل واحد لها سلبياتها وإيجابياتها وتعتمد بشكل اساسي على اسلوب الوالدين في التربية ومراعاتهم كل مرحلة عمرية”.
تجدر الاشارة أنه في ظل الظروف الاقتصادية والمعيشية التي تعيشها البلاد يحدد معظم المتزوجين نسلهم ويكتفون بطفل واحد دون الحاجة إلى اصدار قرار تحديد النسل.
بشار الصارم – تلفزيون الخبر