تطبيق التواصل “واتساب” الشهير تتغير وظائفه في المجتمع السوري
لم يدرك مخترع تطبيق “واتسآب” وسيلة التواصل الأشهر في العالم، أن مهامه من كونه وسيلة لتقارب الأشخاص والتواصل مع بعضهم، وإلغاء المسافات فيما بينهم، أن تتغير إلى وسيلة لتفريق الأسر أو لفصل الشراكات في المجتمع السوري.
حيث تحول التطبيق في مجتمعنا إلى أداة “للتجسس” بين الأزواج والعشاق عبر ميزة ربط الحساب على الأجهزة اللوحية واللابتوب.
“مرام” (31 عاماً) من دمشق، تتحدث بحرقة لتلفزيون الخبر عن انفصالها عن زوجها العام الماضي لأنها استطاعت كشف خيانته عبر تطبيق “واتساب”، مشيرة أنه كان أداة مميّزة للكشف عن علاقة زوجي بأخرى وهدم منزلي”.
التقني “عبد الرحمن” (35 عاماً) أكد لتلفزيون الخبر أن “هناك تخوّفات كثيرة تقف أمام مستخدمي تطبيق (واتساب) حول إمكانية مراقبة محادثاتهم مع الآخرين”.
“حيث وقع الكثيرون بخلافات عائلية كبيرة بسبب هذه الميزة التي تحوّلت لأداة تجسّس عند البعض ذكوراً كانوا أم إناث، ومنها تندرج تحت مبدأ الصح والخطأ بحسب الأعراف المجتمعية، ومنها كانت بداعي التبلّي والأذى من قبل أشخاص لدوافع عديدة”، بحسب “عبد الرحمن”.
وأضاف التقني: “أتاحت (واتساب) إمكانية تسجيل الدخول إلى الحساب لمرة واحدة عبر (واتساب ويب)، وهي كافية لحفظ البيانات وتسجيل الدخول إلى الحساب عبر الحاسوب في أي وقت دون الحاجة إلى الهاتف المحمول مرة أخرى”.
ولا يتطلب الأمر سوى عدة دقائق من شخص قريب عبر استخدام الهاتف الخاص بك، ومن الممكن أن يكون زوج/ة أو أخ أو أب أو صديق أم.. الخ، ريثما يكون قد سجّل الدخول إلى حساب الواتساب الخاص بك عن طريق الواتساب ويب”، بحسب “عبد الرحمن”.
كيف يراقب محادثاتي ويتحدّث باسمي؟
قال “عبد الرحمن”: “بعد وضع جهازك الشخصي أمام شيفرة يستعرضها غوغل عند بحث أحدهم عن الواتساب ويب، يصبح بإمكانه الدخول إليه متى يشاء دون الحاجة إلى وجود هاتفك مرة أخرى”.
وأضاف “عبد الرحمن”: “هذه الطريقة تخوّل رؤية جميع محادثاتك والصور المرسلة والكتابة بدلاً عنك متى أراد، أي أنها لاتقف عند الكشف عن الخيانات الزوجية والتسبّب بالخلافات العائلية، فحسب، إنما تُعطي فرصة لأصحاب النفوس الضعيفة انتهاك خصوصية الآخرين وانتحال شخصيتهم والقيام بأفعال سلوكية بأسمائهم”.
جدير بالذكر أن “واتساب ويب” يقدّم الكثير من الخدمات المتميّزة لمستخدميه، وتعتبر هذه ميزة جيدة في عالمه ليتمكّن الفرد من قراءة وتصفّح الرسائل وإرسال واستقبال الملفات عبر الحاسوب بسلاسة ومرونة، إلا أن البعض استخدموها لأهداف فردية أخرى.
أثر التكنولوجيا على حياتنا الخاصة
أكدت الباحثة الاجتماعية والنفسية والتربوية هبة موسى لتلفزيون الخبر أن “هناك مزايا جيدة لاستخدام وسائل التواصل الاجتماعي لكل فرد أو مؤسسة مثل التواصل مع الآخر والتعليم والتوعية، إلا أن هناك جانبًا مظلمًا منها بدأ يظهر تدريجياً منذ سنوات”.
وأضافت “موسى”: “آثار التكنولوجيا السلبية واضحة على المجتمع السوري وخاصة على العلاقات والقضايا العقلية والنفسية التي يبدو أنها تنمو نتيجة الاستخدام الخاطئ وغير السليم لوسائل التواصل الاجتماعي وفي مقدمتها “واتساب”.
نقاط الضعف النفسية
“يمكن أن يصبح الفرد مدمناً على وسائل التواصل الاجتماعي لدرجة أن الاستعمال المفرط يعطّل لديه الإنتاجية ويودي به لتحقيق أهداف فردية كامنة مثل العلاقات الأخرى أي الخيانة، لأنها الطريقة الأسهل في الوصول إلى مراده”، بحسب “موسى”.
وأضافت “موسى”: “يرى الشخص الذي يحقّق أهدافه الفردية بالخفاء أنه حقّق الانتصارات، ومن الممكن أن يعلّي هذا الفعل لديه شعور الإحساس بالذات، بحيث لا يلقاه من قبل الآخرين في الحياة الواقعية وخاصة مع الشريك، ولكن هذه ليست أرضًا مستقرّة تستند إلى الشعور بالقيمة الذاتية”.
“ومن الممكن أن تتسبّب وسائل التواصل الاجتماعي في اكتشاف شخصية نرجسية أو مغرورة أو أنانية، فيبدأ الفرد بتحويل حياته الشخصية من حقيقية إلى خيالية، ويبدأ الآخر بمشاهدة ما لديه، وإعطائه معنويات لم يحظ بها في حياته اليومية أو مع الشريك”، بحسب “موسى”.
“ويتشجّع قليلو الثقة بالنفس على وسائل التواصل الاجتماعي بالتكلم عن مواضيع مختلفة لا يمكنهم التعبير عنها وجهاً لوجه، فهم يختبؤون وراء شاشاتهم”.
“كل شي زاد عن حدو نقص”
قالت “موسى”: “يجب التقليل من نشاطات وسائل التواصل الاجتماعي التي تأخذ العقل بشكل غير طبيعي، والتي تخلق الإدمان وكثرة استخدامها تصحب الفرد إلى طرق غير سليمة”.
وأضافت “موسى”: “نحن بحاجة إلى التركيز دائماً على الإيجابيات في حياتنا ونسعى أن تكون لدينا روح متواضعة وراضية عن كل ما لدينا”.
“ويجب على الفرد عدم الانجرار للخطيئة السريّة وهي الأخطر على الإطلاق، فيبني المستخدم عواطف وهلوسات افتراضية، حيث ينزوي الأفراد باستعمال هواتفهم وينسون تماماً بأن الصديق والعلاقة الصحيحة موجودة أمامهم”، بحسب “موسى”.
يشار إلى أن التكنولوجيا وثورة الاتصالات عكست عواقب سلبية بقدر الإيجابية أو ربما أكثر بعد استخدام البعض لتطبيقاتها بطريقة خاطئة ومزعجة للآخرين وربما تكون بمثابة أداة لانهيار استقرار حياتهم.
كلير عكاوي – تلفزيون الخبر