أربع سيدات يقتحمن الصناعة الحلبية بمشروعهنّ الصغير
“سمر” و”يمنى” و”جودي” و”سابين ” جمعهنّ علم الأكاديميين وصبر الأمهات، فانطلقن بمشروعهنّ الصغير مستفدن من المِنح الرئاسية المقدّمة لدعم الشباب ومساعدتهم على تأسيس مشروعاتهم الصغيرة.
ولطالما أن المشاريع الصغيرة والمتناهية الصغر، باتت الحلّ الذي يعوّل عليه للنهوض بالواقع الاقتصادي في سوريا.
إلا أن المرأة السورية تعود مجدداً لتقول “إنّ هذا النهوض لن يحدث بمعزلٍ عن وجودها”، مثبتةً كفاءتها وحضورها في شتى مجالات الحياة.
وهذا ما جسدنَه السيدات الأربع الدكتورة سمر حفار، يمنى ابراهيم آغا، جودي آشجي، وسابين نصري، اللواتي انطلقن بفكرة مشروعٍ صغير لإنتاج المنظفات، وأطلقن عليه اسم “صبايا”، آملاتٍ أن يسجلنه كعلامة تجارية خاصة بهنّ.
فيما لمعت شرارة مشروعهنّ الصغير، من طموح قديم جمع دكتورة الكيمياء التطبيقية سمر حفار مع زميلتها يمنى إبراهيم آغا، مدرّسة الكيمياء في جامعة حلب، لتصبح فيما بعد الدكتورة سمر، صلة الوصل ما بين يمنى وجودي آشجي اختصاصية الكيمياء التطبيقية.
ولتنضم إليهن سابين نصري، التي درست الأدب الفرنسي تلبيةً لرغبة والديها، لكن شغفها بالكيمياء قادها إلى مشاركة صديقاتها بهذا المشروع، فتوزّعن الأدوارَ فيما بينهنّ، بحسب ما ذكرن في حوارهن مع تلفزيون الخبر.
ويبدو واضحاً حرص الـ “صبايا” على تنفيذ فكرتهنّ بإتقان، كاختيارهنّ لاسمٍ تجاري، بدا لطيف الوقع على الأذن، سهل التذكّر، معبّر عن أصحابه، وموجّه بذكاء للشريحة المستهدفة من المستهلكين، المتمثلة بربّات المنزل، كونهن الأكثر تعاملاً مع منتجات المنظفات، وهذا يمثّل أهم معايير الإعلان والتسويق لمنتج ما، بحسب خبراء التسويق التجاري.
وحرصن السيدات الأربع على تطبيق تلك المعايير ضمن مشروعهنّ الصغير، مستثمرنَ خبرتهنّ العلمية بالكيمياء التطبيقية، في تركيب وتصنيع المنظفات بأنواعها، بحسب ما أشارت يمنى إبراهيم آغا في حديثها لتلفزيون الخبر.
وتقول يمنى: ” عندما شاركنا بمعرض منتجين، الذي أقيم في خان الشونة الأثري أواخر العام 2021، لم يصدقوا زوار المعرض أن المنتجات التي نعرضها هي من صنع أيدينا”.
وأضافت: ” إن معرض منتجين مثّل لنا الانطلاقة الأولى والظهور الأول بمنتجاتنا لتعريف الناس بها، ومن خلاله تمكنّا من توقيع عقدنا الأول مع السورية للتجارة، بهدف عرض وبيع منتجاتنا في صالاتها ضمن محافظة حلب”.
وتبيّن يمنى إبراهيم آغا متحدّثة لتلفزيون الخبر: ” استطعنا حتى الآن أن نركّب ونصنّع الأدوية السائلة لغسيل الملابس، وأربعة أنواع من المعطرات، إضافة إلى أدوية إزالة بقع الأسطح التي تستخدم في المطابخ والحمامات، وبإمكاناتنا الحالية المتواضعة نستطيع أن ننتج في كل (طبخة كيميائية)، كميات تكفي لتعبئة 200 علبة “.
موضّحة بشفافية، أن الكميات التجريبية الأولى من المنظفات التي قمن بتركيبها، أنتجنها بجودة عالية جداً، لكن بالمقابل، سعرها كان مكلف جداً ولا يتناسب مع القدرة الشرائية للمستهلكين، وهذا كان بمثابة التحدي الأول بالنسبة لهن، على حدّ تعبير يمنى.
وأضافت: “لكننا استطعنا أن نتجاوز ذلك”. كيف..؟! تجيب يمنى على تساؤل تلفزيون الخبر: ” ببساطة.. بما أننا كيميائيون، استطعنا التحكم بتركيب المنتج محافظين على فاعليته وخواصه الأساسية”.
وتابعت: “ما جعلنا نقدّمه بسعر جيد يتناسب مع القدرة الشرائية للمستهلكين، وبما يتلاءم أيضاً مع واقع السوق المحليّ، وهذه هي السِمة الأبرز التي تميّز مشروعنا عن غيره من مشاريع صناعة المنظفات “.
وفي سؤال آخر لتلفزيون الخبر عن ردود أفعال الناس حيال دخولهن مجال الصناعة والتجارة، كشفت جودي آشجي، عن صعوبات واجهنها في بدايات مشروعهن.
إذ قالت: “رغم أننا حظينا بدعم معنوي وتشجيع كبير سواء من عائلاتنا ومحيطنا أو من المعنيين بتسهيل إجراءات عملنا، إلا أننا في البدايات، عند ذهابنا لأسواق الجملة لشراء المواد الأولية والأساسية، اصطدمنا ببعض الباعة الذين نظروا إلينا على أننا نساء جاهلات بالتجارة، فكانوا يبيعوننا بأسعار مضاعفة، فقط لأننا نساء، لكننا فيما بعد استدركنا الأمر و(تعلّمنا من كيسنا) كما يقال”.
ويتفقن السيدات الأربع حول حرصهن وإصرارهن على استمرار تصنيع منتجات بجودة عالية وأسعار تناسب جيب المستهلك، لكن أكثر ما يشكل هاجساً مقلقاً بالنسبة لهنّ، كغيرهن من أصحاب المشاريع الإنتاجية الصغيرة، هو استمرار ارتفاع أسعار المواد الأولية والأساسية، أمام تواضع رأس مال مشروعهن الصغير، وهو ما يمثل الخطر الأكبر على نجاح مشروعهنّ واستمراريته، على حدّ تعبيرهن.
نغم قدسية – تلفزيون الخبر