“صفيان يوم العيد متل غيره”.. كيف يقضي السوريون عيدهم دون أحبابهم؟
تطلب هذه البلاد منا الفرح لكنها لا تساعدنا في الحصول عليه، بل تضع الحواجز بيننا وبينه فلا يأتي عيدٌ علينا إلا ونحن نعيد صياغة وجعنا من خلال البحث عن لقاءٍ الكتروني يجمعنا بأهلنا وأحبابنا.
هذا العيد الثاني عشر منذ اندلاع الحرب على سوريا، اثنا عشر عيداً للفطر ونحن مشتتون بين البلاد مغيبون عن الفرح، يستمر صيامنا لما بعد رمضان، فلا يفطر الموجوع دون أحبابه.
اثنا عشر عيداً مرَّ وفي الغربة تنمو أجيال لا تعرف عن العيد شيئاً.. كبر أولادنا دون أن “يلحقوا” بالمسحر بين الحارات صباح العيد، أو يساعدوا بتحضير المعمول في ليلته، أو يستمتعوا بشراء “أواعي العيد” التي مهما وجدوا “براندات” في الغرب لن تعطيهم ربع الوقع الجمالي لشراء ثياب العيد من أسواقنا.
“العيد فرحة” تقول أم محمد لتلفزيون الخبر والغصة تملأ صوتها: “كيف بدي عيّد وولادي بعاد عني أصلا شو يعني عيد بلا ضوجة البيت وشقاوة الأحفاد، لمين بدي أعطي عيادي؟ كيف بدي ابعتلهن العيدية بالنت؟ العيد فرحة والفرح هجر بيوتنا فصفيان يوم العيد متله متل غيره”.
وتشرح ليلى (مغتربة بالسويد) للتلفزيون “حتى عبر الانترنت لا يمكننا التواصل مع أهلنا حيث يذهب أكثر من نصف الاتصال ما بين (مافي تغطية) و(راح النت) و(علقت الشبكة) فتتحول معايداتنا إلى (كلمة إي و لأ)”.
تتابع ليلى “حاولت العيد الماضي التحدث مع أهلي عبر الفيديو ليشاهدوا أطفالي بثياب العيد، لكن لم نستطع ذلك لرداءة النت، لكن أمي وعدتهم بثياب جديدة في حال تمكنا من العودة في العيد، وقد مرَّ على هذا الكلام ثلاثة أعياد، لا نحن عُدنا ولا الثياب أصبحت تليق بمقاسات أطفالي ولا تحسنت شبكة النت ليصبح التواصل أسهل”.
وتضيف ليلى “لا يوجد مثل العيد في بلادنا، في المغترب نحاول الاحتفال بالعيد ونجهز للاحتفال بكل حب، النساء تجهز الحلويات والرجال يذهبون للصلاة ويجتمعون بعدها، والأطفال يلعبون، ونتحدث مع أهلنا ونعايدهم عبر سكايب، وفي داخلنا غصة العيد الحقيقي، فهنا العيد ليس بعيد”.
“عمري 60 سنة لكن هذا أجمل عيد منذ سنين” يقول أبو ياسر ذلك والفرح يسيطر عليه بشكل طفولي “لأول مرة منذ 10 سنوات يجتمع حولي أولادي في العيد، لم يكن هناك شيء يذكرنا بمرارة الفقد أكثر من العيد عندما كنا نتسمر أنا وأم ياسر أمام شاشة الموبايل لنعايد أولادنا، لكن هذا العيد ليس كغيره فهم هنا بيننا”.
ويكمل أبو ياسر “رغم كل هذا الفرح إلا أننا ندرك أنه عابر مؤقت كيف لا والعيد القادم سيكون منزلنا خالياً وسنعود لنبحث عن فرصة توفر إنترنت جيد لنعايد أولادنا وأحفادنا”.
وكانت طقوس العيد في البلاد تبدأ قبل أيام من انتهاء شهر رمضان المبارك حيث يتم التجهيز لشراء الثياب للأطفال، وفي ليلة العيد يتم تجهيز “محلي العيد” وفي الصباح لا صوت يعلو على صوت تكبيرات العيد ومن ثم تبدأ الزيارات العائلية تليها رحلة الأطفال مع “المراجيح”.
يذكر أن هذا العيد سيأتي بكثير من القلق والحزن على السوريين نتيجة الوضع الاقتصادي الحالي فلا قدرة على شراء ثياب جديدة للأطفال ولا على تحضير “المحلي” لما شهدته الأسواق من ارتفاعات متتالية جعلت كل شيء هذا العيد يبدو وكأنه “كابوس” لا ينتهي.
جعغر مشهدبة-تلفزيون الخبر