هل تقدّم دائرة الشؤون الاجتماعية السويدية الرعاية للأطفال أم تسرقهم من عائلاتهم؟
عاد الجدل ليتصاعد مؤخراً، حول الأسباب التي تدفع بدائرة الشؤون الاجتماعية السويدية، أو ما يُطلق عليها “السوسيال”، لأخذ الأطفال من عوائلهم.
وانتشرت فيديوهات عبر مواقع التواصل الاجتماعي، تُظهر بحسب ناشريها، قيام دائرة الخدمات الاجتماعية، بسحب الأطفال من عائلاتهم بطريقة وحشية واقتيادهم إلى دورها.
وتظاهرت عشرات العائلات المهاجرة مؤخراً للمطالبة باسترجاع أطفالها بعد أن سحبتهم هيئة الخدمات الاجتماعية السويدية.
ولا يقتصر تطبيق هذا الإجراء على الأسر المهاجرة، بل يشمل عائلات من كافة شرائح المجتمع السويدي ممن ثبت أنها “ترتكب انتهاكات بحق أطفالها”.
من يرصد الانتهاكات؟
يشرح مشرف سابق في دائرة الخدمات في بلدية نورتاليا التابعة للعاصمة السويدية استوكهولم، حسن راشد لتلفزيون الخبر، جميع إجراءات سحب الأطفال من ذويهم
وبيّن أنها “تستند إلى قانون رعاية الأحداث أو ما يسمى اختصاراً قانون “LVU” الصادر عام 1990، الذي يتيح لدائرة الخدمات الاجتماعية تولّي رعاية الأطفال والمراهقين ممن تحت سن الـ21 عاماً”.
وتقيّم دائرة الخدمات الاجتماعية حالة الطفل في حال كان معرّضاً لخطر يهدد صحته الجسدية أو النفسية أو خطر على نموه، أو إن كان الطفل يشكل خطر على نفسه أو على الآخرين، وهي أمثلة لأكثر الحالات شيوعاً والتي قد تؤدي لسحب الأطفال، وفقاً لـ “راشد”.
وتحقّق دائرة الخدمات الاجتماعية بهذه النقاط بعد تلقّيها “بلاغ قلق”، وبحسب القانون السويدي يجب على كل جهة أو فرد يعلم أو يشتبه بسوء معاملة أحد الأطفال أن يقدّم هذا البلاغ، إلى دائرة الخدمات الاجتماعية، وتأتي عادةً البلاغات من جهات على صلة بالطفل مثل المدرسة أو العيادة الطبية أو المستشفى.
ويضيف “راشد”: “يجب على دائرة الخدمات الاجتماعية أن تُجري (تقييم سلامة) للطفل خلال 24 ساعة من تاريخ استلام (بلاغ القلق)، ويمكن أن تقوم في بعض الحالات بسحب الطفل مباشرةً في حال كان هناك خطر واضح على الطفل”.
ويُطبَّق في هذه الحالة قرار سحب الطفل بشكل فوري، ومن ثم يجب على المحكمة أن تدعم أو ترفض قرار دائرة الخدمات الاجتماعية.
وتقوم الدائرة بالتواصل مع الطفل وذويه، لإجراء تقييم فيما إذا كان الأمر يتطلب فتح تحقيق، في حال كان قرار “تقييم السلامة” هو إبقاء الطفل في منزل ذويه.
ويشارك ذوو الطفل بالتحقيقات في حال قررت الخدمات الاجتماعية فتحها، والتي يجب أن تتضمن خطة وإجراءات حسب كل حالة.
وأوضح “راشد” أن “الإجراءات تنحصر بثلاث حالات، الأولى هي إنهاء التحقيق دون اتخاذ أي إجراء، والثانية اتخاذ إجراءات داعمة لذوي الطفل لمساعدتهم في رعاية طفلهم، والأخيرة هي أن تقوم دائرة الرعاية الاجتماعية بسحب الطفل من ذويه لرعايته ضمن أسرة بديلة أو دار رعاية للأطفال”.
هل يتم التواصل مع الأهل خلال فترة رعاية الطفل ؟
ويفترض أن تقدّم دائرة الخدمات الاجتماعية الدعم المطلوب للعائلات لإزالة العوامل التي أدت لسحب طفلهم.
ويمكن لذوي الطفل أن يتواصلوا معه خلال فترة الرعاية الإلزامية، عن طريق زيارات أسبوعية أو شهرية.
وتُقرر الدائرة في بعض الحالات، أن تَوَاصُل الطفل مع ذويه قد يشكّل خطر على صحة الطفل. مثل أن يكون قرار الرعاية الإلزامية ناتج عن تعرّض الطفل لعنف أو سوء معاملة.
وتنتهي فترة الرعاية البديلة بزوال الأسباب التي أدت لاتخاذ قرار السحب، ويمكن أن يعود الطفل لذويه في هذه الحالة نظرياً.
وبحسب القانون يجب على دائرة الخدمات الاجتماعية أن تجري إعادة تقييم كل 6 أشهر من أجل اتخاذ قرار فيما إذا كان قرار السحب سيستمر أم لا.
ويقع عبء إثبات زوال أسباب السحب على عاتق ذوي الطفل، ومن الصعب أحياناً إثبات ذلك، خاصة إذا كان هناك حالات عنف ضد الأطفال.
ويطبَّق قانون رعاية الأطفال “LVU” بعد أن أقرّه البرلمان السويدي في عام 1990 على جميع المواطنين والمقيمين في السويد، واحتجّت جاليات عربية وشرق أوسطية، مؤخراً أمام البرلمان السويدي ومقر الحكومة السويدية ضد هذا القانون وطالبوا بتعديله. وانضمت أعداد قليلة جداً من السويديين لهذه الاحتجاجات.
كيف تقيّم الرعاية البديلة التي توفرها دائرة الخدمات الاجتماعية؟
ويقول “راشد” لتلفزيون الخبر: إنه “يفترض أن توفر دائرة الخدمات الاجتماعية، بيئة ملائمة وآمنة للطفل المسحوب من ذويه، لذلك يجب التأكد والتحقيق ومتابعة سير الرعاية البديلة. وتختلف الرعاية المقدمة للطفل الخاضع لقانون الـLVU بحسب عمر الطفل وحاجياته”.
ويضيف: “تقوم هيئة حكومية تسمى “مفتشية الصحة والرعاية الاجتماعية “IVO”، بمنح تصاريح ومراقبة عمل دور الرعاية. ويتم تكليف أسرة بديلة أو دار رعاية للعناية بالطفل خلال فترة سريان القرار.
هل القرار يصب في مصلحة الأطفال وذويهم؟
واعتبر الموظف السابق في “السوسيال” حسن راشد في حديثه لتلفزيون الخبر، أن “دور الرعاية او العائلات البديلة، ترعى الطفل غالباً للكسب المادية (الرعاية المدفوعة)، ويتم إهمال حاجيات الطفل النفسية ما يدفع بهم إلى سلوكيات غير سوية”.
يذكر أن تقارير رسمية وثّقت بعض حالات الاستغلال الجنسي، والعنف، والوفاة نتيجة الإهمال، وحالات لتعاطي المخدرات بين الأطفال الذين تم سحبهم من ذويهم. وذلك بعد تحقيقات أجرتها مفتشية الصحة والرعاية الاجتماعية على خلفية تقارير صحفية.
وتم توثيق بعض الحالات بالاستناد إلى تقارير صادرة عن الشرطة السويدية في الحالات التي تضمنت جرائم جنائية.
وأشارت دراسة رسمية صادرة في عام 2021، عن هيئة المظالم السويدية (هيئة سويدية حكومية)، إلى “وجود أوجه قصور خطيرة في عمل دائرة الخدمات الاجتماعية من بينها تمييز في كيفية إجراء التحقيقات”.
وعلقت الخارجية السويدية على ما تم تداوله حول خطف أطفال مسلمين، على أنها “أخبار مضللة تهدف لخلق جو متوتر” وأشارت بعض التقارير الصحفية السويدية إلى أن “جماعات إسلامية متشددة تهدف إلى تشويه صورة السويد من خلال قضية سحب الأطفال”.
وبيّنت هيئة “الدفاع النفسي”، وهي هيئة سويدية نشأت حديثاً، أن “الفيديوهات المنتشرة بشكل عام حول سحب الأطفال قديمة وتهدف لإثارة التفاعل”.
يذكر أن السويد ملتزمة باتفاقية حقوق الطفل الصادرة عن الأمم المتحدة عام 1989، وتعد تلك الاتفاقية جزءاً من قانونها الاجتماعي.
وبلغ عدد حالات سحب الأطفال من أسرهم خلال عام 2019 في جميع السويد 7900 حالة، منها 4800 حالة لأطفال من أصول سويدية، و3100 حالة لأطفال من أصول مهاجرة.
وهاج عزام – تلفزيون الخبر