“وإن لاقاكم حبيبي سلمولي عليه”.. في ذكرى رحيل عندليب الغناء العربي عبد الحليم حافظ
يصادف مثل هذا اليوم 30 آذار من عام 1977 رحيل العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ، هذا الفنان الذي أوجد طابعاً جديداً تميّز به للغناء العربي خطف به قلوب العشّاق وحلّق بها إلى القمر “القمر خدنا القمر، لجزيرة أبعد من الخيال لا شفتها عين ولا مرّت ببال”.
ولد عبد الحليم شبانة الذي أصبح فيما بعد عبد الحليم حافظ في قرية الحلوات التابعة لمركز الإبراهيمية محافظة الشرقية في مصر.
وكان “حليم” الإبن الأصغر بين أربعة إخوة، وتوفيت والدته بعد ولادته بأيام وقبل أن يتم عامه الأول توفي والده ليعيش اليتم من جهة الأب كما عاشه من جهة الأم “سافر من غير وداع فات في قلبي جراحه، دبت في ليل السهر، والعيون ما ارتاحوا”.
وعاش “حليم” بعد ذلك في بيت خاله الحاج متولي عماشة. كان يلعب مع أولاد عمه في ترعة القرية، ومنها انتقل إليه مرض “البلهارسيا” الذي دمّر حياته.
وقال “حليم” مرة: أنا إبن القدر”، حيث أجرى خلال حياته واحد وستين عملية جراحية.
منذ دخول العندليب الأسمر للمدرسة تجلّى حبه العظيم للموسيقى حتى أصبح رئيساً لفرقة الأناشيد في مدرسته، ومن حينها وهو يحاول الدخول لمجال الغناء لشدّة ولعه به.
والتحق “حليم” بمعهد الموسيقى العربية قسم التلحين عام 1943، هذا ما أكسبه ثقافة بالمقامات الموسيقية والآلات وتجلّى ذلك حين قيامه أحياناً بقيادة فرقته.
واكتشف عبد الحليم شبانة كصوت يعطّر شغاف القلب الإذاعي حافظ عبد الوهاب الذي سمح له باستخدام اسمه “حافظ” بدلاً من شبانة.
وغنّى “حليم” بدايةً قصيدة “لقاء” ثم غنّى “صافيني مرة” وهي أغنية شرارة البداية عام 1952 من ألحان محمد الموجي.
ومن ثم أغنية “على قد الشوق” التي انسابت إلى الأفئدة كالنسيم، وهي من كلمات محمد علي أحمد، وألحان كمال الطويل عام 1954، وحققت نجاحاً مشهوداً.
وتعاون “حليم” مع الملحن محمد الموجي بالكثير من الأغاني أهمها قصيدتي الشاعر السوري الكبير نزار قباني “رسالة من تحت الماء” و”قارئة الفنجان” التي صنفت كأعظم الأغاني في تاريخ الأغنية العربية.
وتعاون مع موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب في أغاني تُنقش بماء الذهب مثل “أهواك، نبتدي منين الحكاية، فاتت جنبنا”.
أمّا التعاون الذي شكّل أثر الأقاحي في الحقول، كان مع الملحن العبقري بليغ حمدي والكاتب الكبير محمد حمزة مثل “زي الهوى، أي دمعة حزن، سواح” بالإضافة لأغنية “مداح القمر” المستقاة من التراث السوري الحلبي.
وتجلّت الحالة الوطنية عند “حليم” إثر نكسة 1967 حيث أقام حفلة حضرها حوالي 9 آلاف شخص وجعل ريعها للمجهود الحربي المصري في قاعة الهول بلندن حيث غنّى أغنية “المسيح” كلمات الأبنودي وألحان بليغ حمدي.
وشارك “حليم” كممثل ومطرب في عدّة أفلام سينمائية طبعت بذاكرة الذهن العربي وأرشيفه، مثل “معبودة الجماهير وأبي فوق الشجرة ودليلة والعديد من الأفلام”
وساءت عام 1977 حالة “حليم” الصحية بشكل كبير إثر “تليّف بالكبد” ناجم عن “البلهارسيا”، هذا “التليّف” كان السبب الرئيسي في رحيل العندليب في 30 آذار عام 1977 عن عمر 47 عاماً مخلفاً ورائه إرث لا يمكن للزمان إخفاءه.
وتم تشييعه بجنازة مهيبة شارك بها المصريون وعدد من العرب الذين قدموا خصيصاً للسير خلف نعشه، هذه الجنازة التي بلغَ عدد الحضور فيها أكثر من 2.5 مليون شخص مدرك لمّا قدّمه العندليب من فن.
ويبقى العندليب حالة استثنائية جمع الأسى “موعود معايا بالعذاب يا قلبي” والعشق “بحياتك يا ولدي إمرأة عيناها سبحان المعبود” والنصيحة “قول بحبك، وانسى كل الدنيا”
حسن الحايك_تلفزيون الخبر