“تقبرني وتشكل آسي” بمعانيها السلبيّة.. هل تدفننا في الحب؟
تعتقد رشا أن كلمات مثل “تقبرني وتقبر أعظامي وتقبشني وبموت فيك أو تشكل آسي” لها تأثير يدخل في صميم الطرف الآخر لما تحمله من تضحية في العلاقات الغرامية حتى لو كانت تخفي في طيّاتها تفسيرات سلبيّة.
تقول السيدة السورية إن “كلمات الحبّ وعبارات الغزل كثيرة وقاموسها كبير في سوريا، وهي جميعها للتعبير عن عواطف المرأة السياحة النيّاحة تجاه من تحب، ثم توظّفها مع أولادها”.
وتستعمل في سوريا مفردات غزل لا حصر لها، يدور معظمها في فلك المبالغة في التعبير عن التضحية، أو الاستعداد للموت أو حتى طلبه.
ومن المفردات الأكثر شيوعاً “تشكل آسي”، أي وضع ورد الآس على القبر عند الموت، و “تقبشني” أي إغلاق الكفن للميت بربطة قماش، و”تقبرني”، وغيرها.
وبينما تجد الكثير من النساء في هذه المصطلحات وسيلة للتعبير عن الحب، ترى أخريات، ومن بينهن “ألين” أن “كلمة تقبرني وغيرها من المفردات السّلبية اعتادت مسامعنا عليها، فأصبحنا نردّدها دون وعي، ولا يوجد أي تبرير لاستخدامنا هكذا مصطلحات بمعانيها السّلبيّة في الحب”.
وهو الرأي الذي تذهب إليه “نانسي” أيضاً، والتي تقول “عندما أقول لمن أحب تقبر قلبي وكأني أناديه ليدفنني، وبذلك سيخسرني للأبد، بل أفضّل الكلمات ذات المعنى الإيجابي مثل يحميلي ياك أو تسلملي أو يخلينا لبعض، هي أكثر صدقاً وتوفي بالغرض المطلوب”.
ولا يعتبر هذا النوع من الغزل حكراً على النساء، حيث يستعمل الكثير من الرجال ذات الأسلوب وذات والمصطلحات تقريباً.
في هذا السياق، يعتبر “أبو يامن” أن للأه دور كبير في ترسيخ هذا الموروث الشعبي، ويوضح “منذ صغرنا نسمع كلمة تطلع على قبري وغيرها مردّدة في منازلنا، ثم تحوّلت إلى عادة موروثة، ولكن عند التفكير بمعانيها لا نستطيع الوصول إلى جواب مقنع حول سبب استخدامها”.
وساهمت الدراما، والأغاني، في ترسيخ هذا النمط من الغزل الذي يستعمل كلمات تدل على الموت للتعبير عن الحب.
وتقول الاستشارية النفسية والاجتماعية والتربوية “هبة موسى” لتلفزيون الخبر إن “البيئة الحاضنة تلعب دوراً كبيراً في اختيار هذه المصطلحات”، منوّهة أن هذه الكلمات في واقع الأمر تنعكس سلباً على العقل الباطن، وتصبح درساً واجب تسميعه دون دافع بسبب معناها السلبي”.
وتشير الاستشارية النفسية إلى أن بعض الأشخاص يستخدمون هذا النوع من المفردات خلال الغزل من دون الوقوع في الحب .
وتتابع “موسى”: “هناك مفردات بديلة جميلة جداً، وتعبّر عن صدق المشاعر بطريقة أكثر إيجاباً، ولها تحفيز مباشر على الطرف الآخر وتدعوه للمبادرة”.
وتضيف “يمكن استخدام مفردات مثل (تسلملي أو يخليلي ياك) حيث أنها كفيلة بالتعبير عن الحب برحابة صدر، وتفسح المجال لتوصيل كل ما في القلب إلى القلب عبر رسالة تحمل معان إيجابية”.
وتساءلت “موسى”: “كيف لنا أن نبني علاقات الحب المستقبلية على كلمة (تقبرني)، هل يتطلب وقوعنا بالحب موتنا ودفننا”، مضيفة: “دعونا نحلّل الكلمة ونربّي أولادنا على تأثير الكلمة، حيث هناك كلمات كثيرة باللغة العربية تعبّر عن العشق والوله، وفي النتيجة الحب جميل لمن يقدّره وهو بالأفعال وليس بالكلمات”.
كلير عكاوي – تلفزيون الخبر