بانوراما العنصرية ضد السوريين في الخارج 2021.. “عندما يُنقش الألم على وشاح المهاجرين”
تُعرّف العنصرية والتمييز العنصري بأنها ممارسات تقوم على اضطهاد وتهميش فئات أشخاص ومجموعات لأٍسباب منها اختلاف العرق أو اللون أو الثقافة أو القومية. وقد تصل هذه الممارسات إلى استخدام العنف والقتل.
وفي السنوات الماضية تحوّلت قضية اللاجئين السوريين خاصة بعد الأزمة السورية التي خلّفت الكثير من النازحين واللاجئين الذين لجأوا إلى بعض دول الجوار ودول أوروبا إلى قضية رأي عام لما يتعرض له هؤلاء اللاجئين من بعض حالات التمييز العنصري.
عنصرية واضطهاد في تركيا
يعاني السوريون في تركيا من حالة عدم وجود صفة قانونية تفيدها كلمة “لاجئ” وتفترض مجموعة من الحقوق كتلك التي تتوفر في حالة لجوء السوريين مثلاً إلى دول أوروبية، ولكنهم يندرجون تحت صفة “الحماية المؤقتة” التي تُحرمهم من كثير من الحقوق.
وشهدت تركيا خلال شهر آب 2021 أحداث عنف دامية اندلعت بعد تعرض شاب تركي للطعن على يد لاجئ سوري، وقد أدت هذه الحادثة إلى شن مجموعات معادية للمهاجرين هجمات على منازل وأماكن عمل وسيارات السوريين في المناطق التي يعيشون فيها في أنقرة واسطنبول.
كما انتشرت منشورات معادية للسوريين عبر منصات التواصل الاجتماعي التركية من قبيل “لا نريد أي سوريين” و”تركيا للأتراك”.
وتعرض طالب سوري بشهر كانون الثاني 2021 في الصف السابع للضرب المبرح في منطقة كتشوك شكمجي في إسطنبول، بُعيد انصراف التلاميذ من مدرستهم، فاعتدت عليه مجموعة من الطلاب الأتراك، الذين قاموا بالتهجم لفظياً على الطالب بعبارات عنصرية، ثم انهالوا عليه بالضرب حتى فقد وعيه.
أمّا أحد أكثر حالات العنصرية الدموية تجلّت في كانون الأول 2021 حيث لقي 3 شبان سوريين مصرعهم في ولاية “أزمير” التركية، جرّاء إقدام مواطن تركي على حرقهم حتى الموت عن طريق إضرام النار في أجسادهم.
وبحسب وسائل الإعلام، لم يكن بين الجاني وضحاياه أيّة مشاحنات أو مشاجرات قبل الواقعة، وقام بفعلته بدوافع عنصرية بحتة.
وأكد أحد الأتراك الرواية لوسائل إعلامية، بالقول إن “الجاني ذكر قبل ساعات من الواقعة عبارة (سأذهب و أحرق هؤلاء السوريين)”.
وعانى السوريون هذا العام في تركيا من أزمة البيوت وارتفاع الإيجارات حيث رفض الكثير من أصحاب المنازل والوكلاء العقاريين في تركيا تأجير اللاجئين السوريين، ولا سيما في الفترة الأخيرة، وبحسب تقارير فإن أصحاب العقارات بمجرد أن يعلموا أن المستأجر سوري يقومون برفضه مباشرة، دون نظر إلى حاله أو حتى وضعه المادي.
وفي ظل تنامي العداء والعنصرية ضد اللاجئين السوريين، خلص استطلاع نُشرت نتائجه 2021 لشركة “ميتروبول”، للأبحاث التركية، إلى أن 70% من الأتراك يطالبون بإغلاق الحدود في وجه اللاجئين.
أمّا أبرز مشاهد الامتعاض التركي الذي وصل إلى الأحزاب السياسيّة، حملة “أكل الموز” التي أطلقها سوريّون في تركيا، للرّد على مُقابلة في الشّارع، ظهر في خلفيّتها رجل تركي، قال بأنه لا يستطيع تحمّل كُلفة شراء الموز، ويرى أن السوريين يشترونه “بالكيلوغرامات”.
وعلى خلفيّة انتشار المقاطع بشَكلٍ مُتواصل، أدّى إلى امتعاض تركي مُلاحظ، حيث اعتقلت الشرطة التركيّة 7 سوريين شاركوا بمقاطع فيديو الموز، وبتُهمة تحريض الناس على الكراهية والإذلال، وسيجري ترحيلهم من تركيا.
في لبنان
يستضيف لبنان نحو مليون ونصف مليون لاجئ سوري، مسجَّلين بشكل رسمي بحسب الإحصائيات اللبنانية والأممية، ودخل هؤلاء اللاجئون الأراضي اللبنانية منذ عام 2011، إثر الأحداث التي اندلعت في سوريا.
وعانى اللاجئون السوريون في لبنان من عدة مظاهر تندرج تحت بند العنصرية وأحد أبرز هذه المظاهر في 2021 تعميم عنصري تجاه اللاجئين السوريين.
حيث أصدرت بلدية “رأس بعلبك” بمحافظة البقاع شمال لبنان تعميماً يحدد ساعات العمل والأجور اليومية المتعلقة باللاجئين السوريين القاطنين في المنطقة، إضافة لمنعهم من استقبال الضيوف، وفرض حظر للتجوال خلال ساعات الليل.
وفي التفاصيل، فإن الأجرة اليومية للعامل السوري في المنطقة حدّدها التعميم ب40 ألف ليرة لبنانية، أي أقل من “2 دولار” في اليوم، وأجرة العاملة السورية في المنازل “10 آلاف ليرة لبنانية” في الساعة الواحدة، ما يعادل “نصف دولار”.
وفي آذار 2021 اتهمت منظمة العفو الدولية الأمن اللبناني بارتكاب جرائم مروعة بحق اللاجئين السوريين وفق تقرير صادر عنها.
وأفاد التقرير الذي استند إلى مقابلات أجريت مع محتجزين ومحامين، أن 25 حالةً من الحالات ال26 التي تضمنها أقرت بتعرضها للتعذيب بشكل عنصري. وهناك اثنان من ضحايا التعذيب تم اعتقالهم في سن 15 و16 سنة فقط.
وخلال ال 2021 نشبت العديد من جرائم الاعتداء على اللاجئين السوريين من متطرفين لبنانيين.
وتجلّى ذلك في شهر آذار 2021 بإشعال النار في ثلاث خيام بمخيم للاجئين في بلدة دير الأحمر على أيدي حراس محليين، ما أدى إلى وقوع اشتباكات بين السوريين وبعض رجال الإطفاء هناك، ما أسفر عن إصابة أحدهم، لتصدر البلدية أمرًا بإخلاء 400 سوري خيامهم والانتقال إلى مكان جديد.
ولم يمر وقت طويل على هذه الواقعة حتى أجُبرت قرابة 270 عائلةً سوريةً على الهرب من بلدة بشرّي شمال لبنان، خوفًا من عمليات انتقام قد يتعرضوا لها على خلفية خلاف وقع بين مواطن لبناني ولاجئ أدى إلى مقتل الأول، ما أشاع أجواء التوتر الملبدة بغيوم الاحتقان العن.صري الشديد.
وفي أيار 2021 هاجم متطرفون ينتمون لحزب القوات، سيارات الناخبين السوريين المتجهين للسفارة السورية في بيروت ومنعهم مرورها، والتهجم بالضرب والعصي والشتائم على السوريين.
وتوفّي السوري “م.ص.ا”، مواليد 1967 بذبحة قلبية داخل سيارة فان نتيجة هجوم متطرفين لبنانيين على السيارة التي كانت تقلّه.
في ألمانيا
يشّكل المهاجرون واللاجئون المنحدرين من سوريا ثالث أكبر مجموعة من أصل أجنبي في ألمانيا إذ يبلغ عددهم نحو 790 ألف وفقاً لآخر الإحصائيات بحسب وكالة “DW” الألمانية.
وتعرّض قسم من المهاجرين لموجات من العنصرية حيث شهدت ألمانيا تزايداً في الكراهية ضد المهاجرين في 2021، تغذيها دعاية جماعات النازيين الجدد وحزب “البديل من أجل ألمانيا” “AfD” اليميني المتطرف.
ومن هذه المظاهر هاجمت مجموعة من المواطنين الألمان، في شهر أيلول 2021، لاجئاً سورياً وابنته في مدينة إيبرسفيلده “بارنيم”، شرقي البلاد.
وتعقيباً على هذه الحادثة قالت وكالة الأنباء الألمانية “dpa”، إن رجلين وامرأة أقدموا على إهانة لاجئ سوري يبلغ من العمر 36 عاماً وابنته البالغة من العمر خمس سنوات بطريقة عنصرية ثم اعتدوا عليهما جسدياً.
وفي نيسان اعتدى رجل ألماني يبلغ من العمر 39 عاماً على شاب سوري “17 عاماً” بالبصق والشتم والضرب بوحشية، في أحد القطارات الداخلية بمدينة “إيرفورت” الألمانية.
وبحسب وسائل إعلام ألمانية فإن المعتدي وجه للشاب السوري كلاماً عنصرياً وشتمه بألفاظ نابية، وقال له “ارجع من حيث أتيت.. ارجع إلى بلدك واترك بلدي، ويجب عليك أن تحني رأسك حين أقف أمامك”.
وإحدى تجلّيات العنصرية كانت في شهر آذار 2021 حينما أعلن حزب الخُضر، أن اللاجئ السوري طارق العوس تراجع عن مسعاه للفوز بمقعد في البرلمان الألماني؛ بسبب مخاوف أمنية، بعد أن أثار ترشحه موجة من الإهانات العن.صرية.
وقال العوس وهو محام “31 عاما” لوسائل إعلام ألمانية، إن “المستوى المرتفع من التهديد الموجه لي وخصوصا لأقربائي هو السبب الأهم لسحب ترشحي”.
وتتعدد أشكال ومظاهر العنصرية ضد اللاجئين السوريين في ألمانيا، بازداد عدد المسيرات اليمينية المتطرفة والعنف اللفظي والتحريض وتخريب الممتلكات وأعمال العنف. بالإضافة للاعتداءً على منظمات الإغاثة والمتطوعين.
أخيراً يبقى الألم يلاحق السوري ولكن كل ما نتمناه أن لا نقوم أبداً بنشر مثل هذه البانوراما المؤلمة في نهاية 2022.
تلفزيون الخبر