“الاستفتاحية” تقليد سوري قديم لا يزال حاضراً في أسواقها
حافظَ باعة سوريا على تقليد “الاستفتاحية” الذي يمارسونه منذ عقود، وتوارثوه أبناءً وآباءً من الأجداد، لم تعطب هذه العادة حتى مع مجيء سنوات الحرب الدائرة في البلاد منذ أكثر من عقد ونيف.
الاستفتاحية الشامية
يواظب أبو ماهر كل صباح على فتح محله في منطقة الشعلان بدمشق ، منتظراً أول زبون تطأ قدمه أرض المحل قائلاً له “استفتاحية مباركة بالصلاة عالنبي”.
يبدأ أبو ماهر مع أول زبون تحصيل قوت يومه، الرجل الذي يعمل حلاقاً منذ أكثر من أربعة عقود, يقول أبو ماهر لتلفزيون الخبر: ” نعتقد أن أول زبون هو وجه خير لنا لإتمام بقية اليوم برزق جيد ومبارك”، هذا الاعتقاد تحول مع مرور الزمن لتقليد شعبي دمشقي أصيل ورثناه عن آبائنا وأجدادنا.
يشرح أبو ماهر لتلفزيون الخبر عن تقليد “الاستفتاح أو الاستفتاحية” بلهجة أهل الشام: بموجب هذا التقليد يُسمح لأول زبون خلال يوم العمل بدفع “شو يطلع من خاطره” مقابل ما يشتري أو الخدمة التي يتلقاها دون الدخول في جدال أو مساومة مع البائع”.
يوضح أبو أدم أن الاستفتاحية ” تكسر عين إبليس” بالعرف التجاري المحلي، ويضيف الرجل الذي يمتلك محلاً لبيع الألبسة في شارع الحمرا، ” أن الاستفتاحية خلال الظروف الاقتصادية لا تقتصر على التساهل في الأسعار مع أول زبون بل أصبحت مساعدة محتاج أو عابر سبيل”.
ويشير أبو آدم إلى أن تجار دمشق لا يزالون يتبعون نفس التقاليد الصباحية لبداية عملهم حيث يقومون برش الشارع بالماء أو تكنيس الرصيف من الغبار وتشغيل القرآن الكريم فيما يقوم التجار المسيحيون بتبخير محالهم.
ولا يقتصر تقليد الاستفتاحية على التجار في الأسواق وإنما يمارسه الحرفيون وسائقو سيارات الأجرة والعاملين في ورش التصليح بكافة اختصاصاتها.
يقول “أبو ندى” وهو سائق سيارة أجرة أن الاستفتاحية الصباحية تجلب له الحظ والرزق خلال عمله،وينوه أنه لا يدخل في مفاوضات الأجرة مهما كانت مسافة الطلب تاركاً تقدير الأجرة للزبون
الاستفتاحية الحلبية
تشارك الشهباء شقيقتها دمشق، عرف الاستفتاح ضمن أسواقها، في أقدم محل للبن بحلب يعمل منذ عام 1920، ورث وائل وائل كنيفاتي المهنة عن والده وحافظ على تقاليد العائلة في محالها، خاصة فيما يتعلق بالاستفتاحية الصباحية.
يقول كنيفاتي: أن أول زبون لايصح أن يخرج زعلان من المحل، ويردف : ونضيفه فنجان قهوة صغير ريثما نجهز طلبه.
الاستفتاحية الحسكاوية
لا يختلف الحال في الحسكة عن باقي المحافظات السورية، إذ يستفتح يعقوب إلياس محله، بعبارة “الله يرزق العالم ويرزقنا “، الرجل يملك محل سندويش لحوم منذ أكثر من ثلاثة عقود.
يشير أن أول زبون تكون سندويشته “مُدللة” أكثر من غيرها، وينوه أنه يبيع السندويش مجاناً إذ زاره أحد الدارويش.
الاستفتاحية اللاذقانية
استعانت ريهام صاحبة مقهى “دركسيون” في اللاذقية، بالعروض المجانية خلال الفترة الصباحية.
تحكي الفتاة العشرينية أنها اتفقت مع شركات البسكويت والكوكيز لقديم ضيافة للزبائن عند طلبهم للقهوة الصباحية أو أي مشروب آخر.
تتابع صاحبة المشروع حديثها : “كلمة هي مني إلك بالصبح مع ابتسامة، تسطيع أن تحدث فرق لصباح الزبون ليبدأ نهاره بطاقة ورواق.
تتفرد كل محافظة بطريقتها الخاصة للاستفتاح الصباحي متفقين أن هذه العادة تجلب الرزق ولا تصح صباحات أعمالهم ألا بها.
تلفزيون الخبر – صفاء صلال