نوستالجيا إلى الزمن الجميل.. رحلة مع نجوم “حكم العدالة”
أطلت مجموعة من أبرز نجوم المسلسل الإذاعي الأشهر والأقدم في إذاعة دمشق، حكم العدالة، ضمن الجناح المخصص للإذاعة في معرض “ميديا اكسبو سيريا”، في دورته الثالثة المقامة حالياً على أرض مدينة المعارض.
“حكم العدالة” الذي حجز مكانة له، منذ سبعينيات القرن الماضي حتى اليوم، بموعد حفظه السوريون عن ظهر قلب، كل ثلاثاء في الواحدة والنصف ظهراً، تبدأ حلقة جديدة، بجريمة وحبكة بوليسية مختلفة، تنتقى من أروقة القضاء السوري، وحكايا الإجرام التي تقع بين كل حين.
والتقى تلفزيون الخبر، عدداً من الممثلين المشاركين في الحلقة التي جرى تسجيلها في المعرض، وفي تصريح لتلفزيون الخبر، ذكر الفنان رامز عطا الله أن “مسيرتي الفنية في حكم العدالة بدأت منذ الثمانينيات، وبشكل متقطع، لكنها مستمرة اليوم حباً وشغفاً بهذا العمل وتقديراً لعظمته”.
وأضاف “لا يزال الجمهور يترقب كل حلقة ليسمع أداء كل واحد فينا، فيعلم من شارك في هذه الحلقة، وبأي دور ظهر كل ممثل، وعلى الرغم من مرور أكثر من أربعة عقود زمنية على إنتاج العمل، إلا أنه لا يزال مطلوباً في سوريا وخارج حدودها، مع أنني أتمنى أن يلقى اهتماماً أكبر في مردوده المادي حتى يتمكن الجميع من الاستمرار فيه وفي العمل الإذاعي الدرامي عموماً”.
وبالرغم من أن “عطا الله” أدى شخصيات شريرة وإجرامية عديدة في الإذاعة والتلفزيون، لكنه يستذكر التنوع في حكم العدالة “فمرة عملت شرطياً، ومرة مجرماً، وضحية على اختلاف الحلقات”.
ومن جهته، أوضح الممثل إياس أبو غزالة، في حديثه لتلفزيون الخبر، أن “حكم العدالة يقدم للفنان الكثير والكثير، فهو مسلسل مسموع كما كان منذ إنتاجه إلى الآن، ونفاجأ دوماً بحجم المتابعة المستمر، فنسأل أحياناً عن تفاصيل تتعلق بحلقات تذاع في الآونة الأخيرة، وحبكتها، وأرى حجم ما تثيره من فضول لدى كل مستمع”.
وأكد “أبو غزالة” أن “حكم العدالة يجب إلا يتوقف، فهو بات اليوم أكثر من مجرد مسلسل إذاعي، بل بمثابة تاريخ لنا، يجب التمسك فيه، ناهيك عن دوره التوعوي، حيث تقشعر الأبدان من فظاعة بعض القصص التي ترويها الحلقات، وما فيها من غرابة”.
وعن طبيعة الشخصيات التي يفضل أداءها في العمل الإذاعي الذي تمتد مسيرته فيه لحوالي 20 عاماً، لفت “أبو غزالة” ميله إلى “أدوار السلم بعيداً عن القتلة والمجرمين”.
ومن جهته، قال الممثل براء وفيق الزعيم، خلال لقاءه مع تلفزيون الخبر، إن “حكم العدالة والعمل في التمثيل الإذاعي فتحوا الباب للوقوف أمام قامات لن أنسى أنني عملت معها يوماً ما كالراحل رفيق سبيعي، نذير عقل، محمود جبر وغيرهم، ومنذ 15 سنة، عشقت هذا العمل لما فيه من سحر وخصوصية في إيصال كل المشاعر والأفكار بالصوت وحده، فتضحك المستمع وتبكيه وتنقل إليه بالصوت خفايا الشخصية وتركيبتها”.
ولفت “الزعيم” إلى أن “في الإذاعات لا يزال هناك قامات كبيرة شغوفة في هذا العمل، لكنه مجال بحاجة إلى رعاية واهتمام، فمن لا يزال يعمل فيه، يعمل بغرض الحب والاستمرارية لا للمردود المادي غير الملائم، والذي كان سبباً في الرفض العديد من الأشخاص في تقديم المزيد من المسلسلات”.
ويرى “الزعيم” أنه “من المفترض أن يتجه أي خريج للعمل الإذاعي أولاً فيتعلم هناك النطق الصحيح، والصوت المعبر، واللغة السليمة، وألا يعتبر الإذاعة أقل من أن تقدم كل هذا، وأذكر أن والدي (الفنان الراحل وفيق الزعيم) كان يقول لي اذهب إلى الإذاعة واجلس واستمع من غرفة التحكم حتى تتعلم مما تراه هناك”.
وكان انطلق حكم العدالة عام 1977 من دائرة التمثيليات في “إذاعة دمشق”، ويوقع بإسم المخرج محمد عنقا حالياً، وهو أطول مخرج مر على البرنامج، وقدم العمل منذ بدءه أكثر من من 5000 حلقة وشارك في حلقاته العديد من النجوم السوريين، خاصة من فناني الجيل الأول، من أمثال “هالة حسني”، و”صالح الحايك”، و”سليم كلاس”، و”ياسر العظمة” و”رفيق سبيعي”، و”دريد لحام”، و”نجاح حفيظ” وآخرين.
وتوالى على كتابته أجيال متعاقبة من عائلة يعرفها كل من يتابع العمل، فكان الأستاذ المحامي هائل منيب اليوسفي، هو من يكتب حلقات العمل، ثم بعد رحيله عام 2012، أكمل ابنه المحامي منيب هائل اليوسفي الكتابة حتى تاريخه.
وواكب العمل أشكال الراديو المختلفة، من تلك الصناديق الخشبية الموضوعة في البيوت، وتتجمع حولها الأسرة، أو أصحاب المحال في الأسواق لمناقشة الحلقة الجديدة، ثم راديو (الترانزستور)، ومذياع الباص، والسيارات الخاصة، والراديو على الهواتف المحمولة.
ورافق العمل شخصيات عمرها عشرات السنين، وغدت مثالاً يستخدمه السوريون في معرض أي حديث، ومنها شخصيتي “المساعد جميل” التي أداها الفنان أحمد مللي منذ 33 عاماً، و و”الرائد هشام” من أداء الراحل عمر قنوع، وهما الشخصيتان اللتان تتوليان التحقيق مع المجرمين وإحالتهم إلى القضاء.
ويعد الفنان الكبير هاني شاهين، أحد أركان العمل لسنوات طويلة، فهو من يؤدي في كل حلقة دور القاضي الذي ينطق بالحكم النهائي على الجُناة، كلٌّ بحسب المخالفة التي اقترفها.
أجيال تتعاقب على سماع أحد أبرز إنتاجات الدراما السورية بشقها الإذاعي، هذا البرنامج الذي عايش تطورات مختلفة وبقي ثابتاً، يحافظ على أصالته أمام انحدار في مضمون وآلية ما يقدم عبر هذه المنابر، ليبقى “حكماً” في الذاكرة السورية المسموعة، ومسطراً أسماء لن يمحيها جمهور عتيق لرفيق زمن جميل.
لين السعدي – تلفزيون الخبر