عمي يا بياع الورد
دخل من باب المقهى الذي يجتمع به طلاب الجامعة، رجلٌ طلته الأولى توحي بأنه عاش حياةً سعيدة، لكن الزمن والحرب في البلاد أثقلتا كاهله.
بيدين بارزتي العروق، يحمل نصف عبوة بلاستيكية مقصوصةً بطريقة يدوية، فيها القليل من المياه لتمد الورود الجورية الحمراء بمقومات الحياة التي حرم منها.
“يسعدني أن تجلس على طاولتي، لأتعرف عليك”، يتفاجأ العم الطاعن بالسن، يبتسم لتظهر “السن” الوحيدة في فمه، ويقول بلكنةٍ حلبية: “إيش بدك تعرفي عني؟”، “كل شيء” أجيبه.
ويقول العم، لتلفزيون الخبر: أنادى بأبي بشير، من سكان مدينة حلب، بجانب القلعة، كنت أملك بيت نسميه “حوش عربي” فيه الشجروالورد، لدي ابنتان وابنان، أحدهما مصاب حرب، والآخر عسكري يخدم الوطن في دير الزور.
ويتابع: عمري سبعين عاماً إلا سنتين، أعمل ببيع الورد، أبدأ صباح كل يوم وأمشي بشوارع اللاذقية التي احتضنتني مع أسرتي، لأبيع كل ورداتي، أغلب الذين يبتاعون مني الورد شباب عاشقون، لا أحدد سعراً ثابتاً للوردة، “حال الناس كلو على قدو”.
يضع العم أبو بشير يده بجيب بنطاله القماشي الرمادي اللون، يظهر خيط أسود اللون، ويقول: “مرتي خيطتلي الجيبة”، يضحك ويكمل، كنت أعمل في حلب بتزيين سيارات العرسان، أنسق باقات الورد، والكوشة، نزحنا إلى اللاذقية منذ حوالي عشر سنوات، و”راح الرزق والحوش العربي، الحمدلله، بعدنا بخير، وكلو بيتعوض”.
عن أبرز أحلامه، يقول أبو بشير: حلمي على قدي، أن أحصل على معونة فيها الرز، السكر، البرغل، الأسعار كسرت ضهري، وحلمي الأكبر العودة لحلب، منزلي تهدم، وكلفة صيانته أكثر من خمسة ملايين ليرة “منلي الخمسة مليون”.
عمي يابياع الورد، قلي الورد بإيش؟، يجيب أبو بشير: “اللي بيطلع من خاطرك، شو ما إجاني ببوس إيدي وج وقفا، نعمة”.
شذى يوسف – تلفزيون الخبر- اللاذقية