نفحات من “خان الخليلي” و”زقاق المدق”… نجيب محفوظ في ذكرى رحيله
لا يمكن أن يمر حديث “الحارة” و”أولاد الحارة” في مصر دون أن نعرج على عرّابهم الأدبي الذي وصل بهم إلى “نوبل” ومن غيره الأديب الكبير نجيب محفوظ.
ولد نجيب محفوظ في حي الجمالية، القاهرة، عام 1911، والده “عبد العزيز إبراهيم”، والذي كان موظفاً، لم يقرأ كتاباً في حياته بعد القرآن غير حديث عيسى بن هشام لأن كاتبه المويلحي كان صديقاً له.
والدته هي “فاطمة مصطفى قشيشة”، ابنة الشيخ “مصطفى قشيشة”، وهو من علماء الأزهر.
كان نجيب محفوظ أصغر إخوته، ولأن الفرق بينه وبين أقرب إخوته سناً إليه كان عشر سنوات، فقد عومل كأنه طفلٌ وحيد.
وكان محفوظ عمره 7 أعوامٍ حين قامت ثورة 1919، والتي أثرت فيه وتذكرها فيما بعد في “بين القصرين” أول أجزاء ثلاثيته.
التحق محفوظ بجامعة القاهرة في 1930، وحصل على ليسانس الفلسفة، وشرع بعدها في إعداد رسالة الماجستير عن الجمال في الفلسفة الإسلامية، ثم غير رأيه وقرر التركيز على الأدب.
بدأ نجيب محفوظ الكتابة في منتصف الثلاثينيات، وكان ينشر قصصه القصيرة في مجلة الرسالة.
في عام 1939، نشر روايته الأولى “عبث الأقدار” التي تقدم مفهومه عن الواقعية التاريخية، ثم نشر” كفاح طيبة”، و”رادوبيس” منهياً ثلاثية تاريخية في زمن الفراعنة.
وبدءاً من 1945 بدأ نجيب محفوظ خطّه الروائي الواقعي الذي حافظ عليه في معظم مسيرته الأدبية برواية “القاهرة الجديدة”، ثم “خان الخليلي”، و”زقاق المدق”.
جرب نجيب محفوظ الواقعية النفسية في رواية “السراب”، ثم عاد إلى الواقعية الاجتماعية مع: بداية ونهاية، وثلاثية “القاهرة”.
فيما بعد اتجه محفوظ إلى الرمزية في رواياته: “الشحاذ”، و”أولاد حارتنا”، والتي سببت ردود فعلٍ قوية، وكانت سبباً في التحريض على محاولة اغتياله.
كما اتجه محفوظ في مرحلة متقدمة من مشواره الأدبي إلى مفاهيم جديدة كالكتابة على حدود “الفانتازيا” كما في رواياته: “الحرافيش”،” ليالي ألف ليلة”.
وتعتبر مؤلّفات محفوظ من ناحية بمثابة مرآة للحياة الاجتماعية والسياسية في مصر، ومن ناحية أخرى يمكن اعتبارها تدويناً معاصراً للوجود الإنساني، كما أنها تعكس رؤية المثقّفين على اختلاف ميولهم إلى السلطة.
تُعتبر “أولاد حارتنا” واحدة من أربع رواياتٍ تسببت في فوز نجيب محفوظ بجائزة نوبل للآداب، كما أنها كانت السبب المباشر في التحريض على محاولة اغتياله، وبعدها لم يتخل تماماً عن واقعيته الرمزية، فنشر ملحمة الحرافيش في 1977، بعد عشر سنواتٍ من نشر أولاد حارتناكاملة.
كما أنه قد رفض نشرها بعد ذلك حرصاً على وعد قطعه للسيد كمال أبو المجد مندوب الرئيس عبد الناصر بعدم نشر الرواية داخل مصر.
رحل نجيب محفوظ في 29 آب 2006 عن عمر ناهز 95 عاما إثر قرحة نازفة بعد عشرين يوماً من دخوله مستشفى الشرطة، في حي العجوزة، في محافظة الجيزة مخلّفاً وراءه مكتبة متكاملة موقّعة بإسمه من الروايات والتراجم والسيناريوهات التي رُسمت كلوحة بريشة السينما والدراما المصرية.
تلفزيون الخبر