“الطريق إلى كابول”..ما الذي يجري في أفغانستان؟
انتشرت صباح الإثنين ١٦ أب ٢٠٢١ صوراً لمئات المواطنين الأفغان بمطار كابول الدولي وهم يحاولون الصعود إلى طائرة عسكرية أميركية للهروب من أفغانستان بعد سيطرة “طالبان” على عموم البلاد.
وقالت وكالات عالمية أنه ما لا يقل عن 5 أشخاص قتلوا أثناء محاولتهم الصعود للطائرة وذلك بعد قيام جنود أميركيين بإطلاق النار في الهواء لابعادهم.
وأحكمت طالبان سيطرتها على البلاد بعد أشهر من الاشتباكات مع القوات الحكومية الأفغانية المدعومة أميركياً وذلك بعد الإخفاق في التوصل إلى تفاهم سياسي يُفضي لاتفاق سلام بين الطرفين.
وبعد إعلان الرئيس الأميركي جو بايدن منتصف نيسان ٢٠٢١ أن انسحاب قوات الولايات المتحدة سيبدأ في الأول من أيار ٢٠٢١ وينتهي في ١١ أيلول من العام نفسه قامت قوات “طالبان” في ٤ أيار بشن هجوماً على القوات الأفغانية في إقليم هلمند إضافة ل٦ أقاليم أخرى على الأقل.
وفي ١١ أيار ٢٠٢١ تمكنت قوات “طالبان” من السيطرة على مقاطعة نرخ خارج العاصمة كابول مباشرة مع تصاعد العنف تباعاً ليصل لذروته يوم ٧ حزيران عندما بلغت رقعة القتال ٢٦ إقليماً من أصل ٣٤ مع سقوط مئات القتلى من القوات الحكومية الأفغانية.
وشن مسلحو “طالبان” في أواخر حزيران هجوماً “نوعياً” شمال البلاد ليتوسعوا خارج معاقلهم التقليدية في الجنوب وذلك بالتزامن مع انسحاب القوات الأميركية من قاعدة “باغرام” قرب كابول لتنهي أميركا يوم ٢ تموز فعلياً تدخلها في الحرب الأفغانية.
وتحدثت حركة “طالبان” في ٥ تموز أنها يمكن أن تقدم اقتراح سلام مكتوب للحكومة الأفغانية بحلول أب ولتقوم بعدها بسلسلة من المعارك تجعلها تسيطر على نصف أفغانستان.
وتعهدت الولايات المتحدة في ٢٥ تموز بمواصلة دعم القوات الأفغانية بضربات جوية مكثفة لمساعدتها في التصدي لهجمات “طالبان” ليصل عدد الضحايا خلال شهرين لنحو ٢٤٠٠ مدني أفغاني بحسب الأمم المتحدة.
وتسارعت وتيرة المعارك ودمويتها منذ مطلع أب ٢٠٢١ لصالح قوات “طالبان” حيث سيطرت على زرنج ٣ أب لتكون أول عاصمة إقليمية تقع بأيدي التنظيم ويليها مدينة قندوز في الشمال وفي ١٣ أب سقطت ٤ عواصم أقاليم منها قندهار معقل الحركة ومدينة هرات بالغرب.
واستولت الحركة في ١٤ أب على مدينة مزار شريف عاصمة الشمال الرئيسية ثم مدينة لوجار لتقوم الولايات المتحدة بإرسال قواتها للمساعدة بإخلاء المدنيين الأفغان والأجانب من كابول بينما أكد الرئيس الأفغاني أشرف غني أنه يحشد الطاقات للدفاع عن العاصمة بالتعاون مع شركاء بلاده.
واستطاعت “طالبان” صباح ١٥ أب السيطرة على مدينة جلال آباد الرئيسية دون قتال وبعدها على المدن المحيطة بالعاصمة كابول لتحاصرها بشكل تام إضافة لسيطرتها على كامل الشريط الحدودي مع باكستان.
ومع حلول ظهر ١٥ أب قال وزير الداخلية الأفغاني إن قوات “طالبان” بدأت باقتحام العاصمة كابل من جميع الجهات.
وبدأت الولايات المتحدة بإجلاء دبلوماسيها من سفارتها بطائرات هليكوبتر مع صدور تحذير عن وزير خارجيتها برد حازم بحال تعرضت الحركة للدبلوماسيين وانتقلت البعثة والقوات الأميركية لمطار كابول لحمايته والعمل منه.
وغادر الرئيس الأفغاني غني البلاد لاحقاً إلى طاجيكستان بعد توجيهه أوامراً للقوات الحكومية بالحفاظ على أمن البلاد وحماية العاصمة إلا أن قوات الحركة استطاعوا السيطرة فوراً على القصر الرئاسي.
وأعلنت كل من بعثات ألمانيا إيطاليا والسويد وبريطانيا وإسبانيا وفرنسا وهولندا وكندا عن نقل البعثات والمواطنين التابعين لهم في أفغانستان لمطار كابول بانتظار نقلهم لديارهم.
وعلى العكس قالت السفارة الروسية بكابول أنها “لا ترى تهديداً من التطورات التي تشهدها المدينة ولا ترى حاجة لإخلائها (سفارتها) في الوقت الحالي الموقف في كابل متوتر بعض الشيء لكن ليست هناك حرب دائرة في المدينة”.
وأبدت الصين استعدادها لعلاقة صداقة مع حركة “طالبان” بينما رأت إيران أن هزيمة واشنطن في أفغانستان فرصة لتحقيق سلام مستدام بالعالم.
وأفاد المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في بيان أنه “طالبان وجميع الأطراف الأخرى (في أفغانستان) على التحلي بأقصى درجات ضبط النفس من أجل حماية الأرواح وضمان تلبية الاحتياجات الإنسانية”.
ويشار إلى أن حركة “طالبان” هي حركة أفغانية متطرفة تسعى لتطبيق الشريعة بطرق عنيفة أسسها الملا عمر عام ١٩٩٤ وحكمت أفغانستان وأعلنت فيها الخلافة أول مرة مابين ١٩٩٦ و٢٠٠١ تربطها علاقات وثيقة بتنظيم “القاعدة” والجماعات المتطرفة الأُخرى.
ويذكر أنه وبعد أحداث ١١ أيلول ٢٠٠١ شنت الولايات المتحدة حرباً على أفغانستان لتطهيرها من الإرهابيين وخلال أشهر معدودة انهارت حركة “طالبان” وسيطرت القوات الأميركية على البلاد.
وقامت واشنطن بتسليح وتدريب جيش محلي بغاية السيطرة على أفغانستان وكلفها ذلك حتى انسحابها حوالي ٩٠ مليار دولار إلا أنه سقط خلال بضعة أشهر أمام مسلحي “طالبان”.
وما جرى في أفغانستان يفتح السؤال حول جدية رغبة الولايات المتحدة بنشر السلام (كما تدعي) في الدول التي تتدخل به عسكرياً أم أنها تسعى لإثارة الفوضى ونشر الدمار كما يحصل بسوريا والعراق من دعمها لفصائل متطرفة وانفصالية بهدف تدمير كيانات الدول ونهب خيراتها.
جعفر مشهدية-تلفزيون الخبر