“استديو جريح”.. فرقة موسيقية من جرحى الحرب في حمص
“والأذن تعشق قبل العين أحيانا”، من منا لم يسمع بهذا البيت الشعري خلال سنوات الدراسة، والذي يدل على أهمية السمع وتأثيره الكبير على الإنسان بشكل يفوق النظر بعض الأحيان.
في حمص، 12 جريحاً برهنوا على صحة هذا البيت وتحدوا أنفسهم وإصاباتهم المختلفة، وهم من جمعهم حب الموسيقى التي عزفوها بإحساسهم، حيث قرروا الذهاب بعيداً في الفن، أبعد مما فقدته أجسادهم من أعضاء وحواس.
لتصبح الفرقة متنفساً ومكاناً للإبداع، بعد قرارهم المضي قدماً في حياتهم، والتغلب على ما فقدوه من أجسادهم، بل وتقديم نموذج يحتذى به في التحدي.
قال ثائر بلول وهو مدرس موسيقى ومؤسس الفرقة لتلفزيون الخبر: “بدأت الفرقة منذ سنة ونصف، وتضم حاليا ً 12 جريحاً من مختلف الإصابات كالبتر الجزئي أو الكلي وحالات فقد البصر”.
وأضاف: “الهدف من تأسيس الفرقة هو إيصال وجهة نظر أن الجريح لم ينته بالحرب وقادر على العطاء، فالعجز هو عجز العقل لا الجسد، فلا حياة مع اليأس ولا يأس مع الحياة”.
وأشار بلول: “عملنا على العامل النفسي للجريح وتأثيره على باقي الجرحى المحبطين في منازلهم والتأثير عليهم إيجابياً بأن الجريح قادر على المتابعة، فحاولنا العمل على تغيير قناعاتهم ومنحهم طاقة إيجابية لهم وللمجتمع على حد سواء”.
وأوضح: “بدأنا بمقاطع على مواقع التواصل الاجتماعي كالفيسبوك حيث لاقت تفاعلاً إيجابياً كبيراً ما شجعنا على المتابعة، كما قدمنا نشاطات في المركز الثقافي إضافة لتصوير وتمثيل “سكيتشات” توعوية وذات أثر ايجابي على المجتمع بشكل عام”.
وبين بلول “أنه من أبرز الصعوبات أمام الفرقة عدم توفر الإمكانيات الكافية لدعم ومساعدة كل الجرحى الراغبين بتعلم الموسيقى، حيث أن التأثير الإيجابي انتقل للكثير منهم، لكن تعليمهم ومتابعتهم يحتاج لآلات إضافية ووقت أكبر ما يتطلب دعما أكبر”.
من جهتها قالت رهف العيد إحدى أعضاء الفرقة لتلفزيون الخبر: “أصبت بتفجير إرهابي في حي عشيرة بمنطقة الزهراء أثناء عودتي من المدرسة ما أدى لبتر قدمي، لكنني هزمت اليأس وزرت الصف الذي كنت أدرس به قبل إصابتي ونجحت بالثانوية العامة، وأتابع حالياً دراستي الجامعية (فرع الإرشاد النفسي) وأقف على أبواب التخرج”.
وأضافت: “اخترت العزف على آلة العود لأنني أحبها وأراها من أكثر الآلات المعبرة، وأشعر بسعادة كبيرة لوجودي في الفرقة الموسيقية”.
بدوره قال الشاب مرهف النداف لتلفزيون الخبر: “فقدت بصري بعد إصابتي في ريف حماة عام 2014 لكنني لم أستسلم بل مضيت قدماً في حياتي، ونجحت في معهد التربية الموسيقية، وحالياً أتابع دراستي الجامعية في كلية الحقوق”.
وأضاف: “أحب آلة العود واخترت العزف عليها ضمن فرقة استديو جريح مع زملائي وإخوتي الجرحى اللذين جمعني معهم حب الوطن والموسيقى”.
أما الشاب إياد الأحمد فأوضح لتلفزيون الخبر: “إصابتي التي أدت إلى بتر أطرافي الأربعة لم تمنعني من تعلم العزف على آلة الأورغ بعد التدرب بداية على تطبيق خاص على الموبايل حيث اخترعت مع الأستاذ ثائر طريقة فريدة للعزف”.
وتابع: “قمنا بداية بوضع قلم أزرق على مرفقي في مكان البتر ولصق قلم وتعلم العزف وحفظ مكان العلامات، ليتبين أن يدي قد اعتادت على مكانها وأصبحت أعزف أغاني متنوعة لأم كلثوم وفيروز وغيرها”.
ومن أعضاء فرقة استديو جريح: يونس مصطفى، باسل الخضر، محمود الحسن، قحطان منصور، عهد القاسم، حسن ابراهيم، هلا حوراني.
الجّدير بالذّكر أن “ثائر بلول” خريج كلية التربية الموسيقية في جامعة البعث وله نشاطات موسيقية على مواقع التواصل الاجتماعي، وكان يدرّس بالمعهد الخاص به لكنه حوله إلى العمل الإنساني تحت اسم “صفحة الزهراء لدعم وتنمية المهارات والنشاطات”.
ويختم ثائر لتلفزيون الخبر: “إن الإنسان قادر وعليه أن يؤمن بنفسه وعندها يحقق المستحيل رغم كل المعوقات لأن قانون العقل يقول إن كل ما تفكر به ستحققه ولو بعد حين”.
عمار ابراهيم- تلفزيون الخبر- حمص