موسيقى الميتال في سوريا ..اتهامات بالشيطنة ما وراء الصراخ
تعتبر موسيقى الميتال (Metal) من الأنواع الموسيقية المشهورة جدا في العالم الا أنها محدودة الإنتشار في المجتمعات الشرق أوسطية أو أن محبيها ما زالوا يخشون الظهور بسبب الملاحقات الأمنية رغم تزايد عددهم مع سهولة الوصول إلى وسائل التواصل الاجتماعي.
وفي المجتمعات العربية عموما، تجد ممن يحبون هذا النمط ويستمعون إليه بالساعات، والبعض الآخر يكرهه ولا يعدو في نظره عن كونه صراخا فارغا و”أبلسة” وعدوى غربية للسيطرة على عقول الشباب.
الميتال هو الابن الشرعي لموسيقى الروك
وبحسب المعلومات والبحث عن أصل هذا النمط الموسيقي، نجد أن الميتال هو الابن الشرعي لموسيقى الروك المستمدة بدورها من موسيقي البلوز الشهيرة.
ومن أوائل الفرق التي غنت الميتال كانت Black Sabbath و Led Zeppelin و Deep Purple أواخر الستينيات وبداية السبعينيات لتظهر بعدها أجيال وفرق موسيقية تابعت بهذا الفن الموسيقي واشتقت أنواع وأنماط أخرى مع مرور الوقت.
وتتنوع أنماط الميتال لكن يمكن حصرها بعدة انماط رئيسية مثلHeavy Metal ، Death Metal ، Black Metal ، Doom Metal ، Symphonic Metal ، Gothic Metal ، Progressive Metal ، Thrash Metal والتي يتفرع من كل نوع منها فروع أخرى تختلف عن بعضها باختلافات فنية وصوت المغني وسرعة إيقاع العزف.
ويمكن دمج كل نوع منها مع نوع آخر لينتج لنا نوع جديد مختلف تماماً عن هذه الأنواع الأساسية، فقد يفاجأ البعض بوجود نمط يسمى ” اورينتال ميتال” أي الميتال الشرقي حيث تدخل فيه الآلات الشرقية كالناي والعود و غيرها.
أصل التسمية
تعود تسمية هذا النمط الموسيقي بالميتال أو ” موسيقى المعدن” لعدة أسباب يعود باتفاق معظم محبيها لرواية تعود لعازف جيتار يدعى Tony Iommi حيث فقد اصبعين من يده اليمنى أثناء عمله بأحد مصانع الحديد في ألمانيا.
وبعد فشله بالعزف بيده اليسرى أو استخدامه أصابع من البلاستيك، ارتدى” تومي” قفاز يحتوي على أصابع معدنية، وعند محاولة العزف وجد نفسه مجبراً على العزف بالأوتار السفلية – ذات النغمة الغليظة – والتي كان وقع صوتها ولحنها باستخدام الأصابع المعدنية “قاتماً ومظلماً”
وبدأ “تومي” بتأليف موسيقاه بتلك الطريقة التي لاقت نجاحاً واسعاً، ونشأ من خلالها نوع جديد من الموسيقى هو موسيقى الـHeavy Metal
ومن إحدى النقاط التي تؤخذ على محبي هذا النمط الموسيقي هو وجود طبقات صوتية يقوم المغني بأدائها متبعا عدة تقنيات وتدريبات والتي تعتبر” مرعبة” حسب رأي كارهي هذه الموسيقى.
إلا أن مستمعي الميتال يردون بأن فكرة الغناء الصارخ يعبر عن الإنفعال و الغضب و التمرد، ولن تجد لغة أصدق من موسيقى الميتال يعبر عن تلك الانفعالات و المشاعر.
بالإضافة إلى أن الميتال لا يقتصر على الصراخ فقط بل يعتمد على العديد من أشكال الغناء المعروفة، حتى الغناء الشرقي. فهناك العديد من أنواع الأصوات التي يمتلكها مغنو الميتال (Clean vocals – Growling – Harsh) و لكن أغلب الناس لا يعرفون ذلك.
الميتال في سوريا
لم تستطع الفرق المحلية في سوريا بعد الوصول إلى الجماهيرية المنشودة لعدة أسباب، منها الضغط وملاحقة محبيها والسبب الآخر اقتصادي يتعلق باستيراد الأدوات الموسيقية وكلفتها العالية كالطبول والغيتارات وغيرها.
ومن أشهر الفرق المحلية في سوريا فرقة ميسلون في دمشق و basher of thoughts في اللاذقية وكراج قديم في طرطوس و فرقة جين وغيرها.
أما عربيا، هناك العديد من الفرق التي اتخذت هذه الموسيقى للتعبير عن فنها، ونجحت نجاحاً رائعاً جداً، ليس على المستوى العربي فقط ولكن على المستوى العالمي أيضاً مثل فرقة SCARAB من مصر و MYRATH من تونس و CHALICE OF DOOM من الأردن والعديد من الفرق من جميع البلاد العربية.
ومن أشهر فرق الميتال في العالم، والتي لها قاعدة جماهيرية كبيرة جداً تتعدى عشرات الملايين من المعجبين،نجد Metallica و Haggard و Epica و Pantera و Savatage و Opeth و Iron Maiden والمئات من الفرق الشهيرة الأخرى ولكل فرقة منها نوعها الخاص الذي يميزها عن البقية وكلماتها الخاصة في الأغاني.
هل محبي الميتال عبدة شيطان ؟
وعند البحث في الإتهام الشائع لمحبي الميتال وعلاقتهم بعبادة الشيطان، فلا يوجد أي جملة واضحة تقول بأن لطقوس عبادة الشيطان نمط موسيقي محدد بل إن أي مقطع موسيقي يخدم الحالة الخاصة بالطقوس ستكون كافية.
كما أن الكثير من أفراد فرق الميتال حول العالم تعتنق الديانات السماوية على اختلافها بل وتتغنى بحب الأديان والأنبياء فنجد ما يسمى بال Christian metal أو الميتال المسيحي، بالرغم من وجود بعض الفرق المعتنقة للأفكار الشيطانية ونسبتها قليلة وتنتمي لنمط الميتال الأسود black metal.
يقول بشار هارون وهو شاب من مدينة حلب والذي يعتبر بنظر الكثيرين في سوريا من أبرز الوجوه في عالم الميتال، لتلفزيون الخبر ” أن موسيقى الروك والميتال هي أكثر من مجرد موسيقى”
وشرح بشار “نحن نتحدث هنا عن حالة إبداعية متكاملة بكل ما للكلمة للمعنى، تأثيرها إيجابي على كل الأصعدة سواء الفنية، النفسية، وحتى الاجتماعية، هي موسيقى تقدمية بأسلوبها وأفكارها التي تحث على التفكير، التأمل، والنمو”.
وأضاف بشار” ظهرت مؤخرا عشرات الدراسات من قبل العديد من المعاهد والمراكز المرموقة التي لم تدع مجالا للشك ما لهذه الموسيقى من أثر إيجابي سواء الأثر النفسي على عشاقها والموسيقيين، وحتى بعض الدراسات التي هدفت إلى الربط بين حالات ناجحة في الحياة وحب هذه الأنواع من الموسيقى”.
ونوه هارون” أنه منذ بداية فترة الأزمة ورغم من كل المصاعب التي مر بها بلدنا، وبعد كل المضايقات التي تعرض لها محبو هذه الموسيقى، لم أسمع عن حالة واحدة حد علمي، وأنا في الوسط منذ أكثر من 15 أن قام شخص يحب هذه الموسيقى واعتنق الإرهاب، أو خرج عن القانون في سورية”.
وتابع هارون “اتهمت هذه الموسيقى ومحبوها بالشيطنة، ولكن الواقع المرير كشف لنا من هم الشياطين الحقيقيون في مجتمعاتنا، وللأسف، لطالما قلل من شأن هذه الموسيقى بل وحوربت، واضطهد عشاقها وتم تشويه صورتهم وحتى سمعتهم، بل ومضايقتهم أمنيا واجتماعيا بدلا من إيلائهم عناية ودعما خاصين”.
وختم بشار ” شخصيا، أفتخر دون أي تردد الآن وإلى الأبد، بانتمائي إلى هذه الموسيقى وهذا الوسط”.
بينما طلب حمزة وهو مهندس معلومانية من طرطوس” من اللذين يتهموننا اتهامات باطلة بقراءة مضمون وكلمات الأغاني ومقارنتها مع الأغاني العربية الرديئة والتي يرددها الشعب دونما تفكير ليدركوا خطأ نظرتهم المغلوطة عن عبادتنا للشيطان ونشاطنا التدميري والتخريبي والمثلية وغيرها”.
وأشار حمزة ” للاضهاد الذي نتعرض له لمجرد حبنا لنمط موسيقي يختلف عن أبناء المجتمع، حيث كفّرني أبناء قريتي ونبذت ولم يروا كل قدراتي وحسن سلوكي بل فضلوا علي كل” الحرامية والزعران” لمجرد عدم حبي ” للطبل والزمر”.
وأضاف علاء وهو مهندس ميكانيكي في اللاذقية لتلفزيون الخبر ” من أفكار المجتمع المغلوطة أن هذه الموسيقى متطرفة وتدعو للالحاد ومعاداة الأديان وعبادة الشيطان، وهي فكرة مسبقة ومعممة ومغلوطة تماما، الميتال موسيقى اهتمت بكل المواضيع من حب للسياسة والفن والتاريخ، والإلحاد موجود لكن بنسبة محدودة وليست صفة عامة أو مقتصرة على مستمعي الميتال”.
وأردف علاء ” الفكرة المغلوطة الثانية هي أسلوب حياة المستمع أو(الميتال هيد metal head) ، فالميتلجي إنسان لديه احتياجات واهتمامات يومية ويلحق رزقه وقوت يومه كأي مواطن، مع التأكيد أن نسبة بسيطة جدا أخذت القشور فقط من الموسيقى من لبس ومظهر خارجي وشعر طويل، لكن لا يجب تعميم الفكرة أبدا”.
وأكد علاء ” أن الميتال موسيقى ثورية وهادفة وصاخبة وجميلة ومتنوعة وجدت فيها شغف لا يضاهيه أي شغف، و تحافظ حاليا على السوية العقلية في الوقت الذي سقطت فيه كل القيم من حولنا حرفيا”.
في حين أشار شاب من مدينة حمص رفض الإفصاح عن اسمه خوفا من الملاحقة كونه تعرض لها سابقا حسب قوله، وقال لتلفزيون الخبر” البعض مننا نحن” الميتلجيون” يصلي ويصوم ويحج، ومنا الطبيب والمهندس والمعلم، فليفهم الناس في بلدنا أنه مجرد نمط موسيقي غربي فقط لا علاقة له بالمؤامرات التي ضخها الإعلام في عقولهم”.
وأردف الشاب” الإنسان عدو ما يجهله ولهذا يحاربوننا في سوريا، فهم ورغم جهلهم بتاريخ ومضمون هذه الموسيقى لا يقرؤون ولا استعداد عندهم للنقاش ودائما ما يتهربون لعدم رغبتهم بالفهم ونحن “كآلاف المتلجيين” في سورية لسنا مضطرين للتبرير لأننا لا نرتكب أي شيء معيب”.
وقال كنان وهو موظف حكومي في حمص لتلفزيون الخبر” عبادة الشيطان مذهب ديني مستقل بذاته أما الميتال فهي نمط موسيقي فقط يعبر عن كل حالات الإنسان الوجدانية والعاطفية و ينوه على العديد من القضايا الإجتماعية كالطلاق والحرب والمخدرات والتعصب وغيره”.
وختم كنان” من يقرأ كلمات أغاني الموسيقى يكتشف أهدافها ومعانيها بينما تتناول الأغاني العربية بمعظمها إيحاءات جنسية ومصطلحات سوقية وتجعل من الحمقى مشاهير”.
يذكر أن معظم البلدان العربية تمنع نشاطات محبي موسيقى الميتال وتمنع إقامة أي حفلات لهم كما تلاحقهم بتهم مختلفة مع استثناءات قليلة منها تونس ولبنان
وكانت نقابة الموسيقيين في مصر برئاسة المطرب هاني شاكر ألغت حفلة غنائية لإحدى الفرق في مصر و تم إخطار الأجهزة الأمنية التي توجهت للمكان فيما فر أعضاء الفرقة وتعرضوا للملاحقة الأمنية لاحقا.
الجدير بالذكر أن العديد من الدول تنظم سنويا مهرجانات خاصة بموسيقى الميتال يتوجه ملايين الأشخاص حول العالم لحضورها ومن أبرزها ألمانيا ومعظم دول اوروبا.
ومن أكبر التجمعات التي حضرت مهرجان موسيقي خاص بموسيقى الميتال هو الحفل الذي أحيته فرقة mettalica والذي حضره اكثر من 1.6 مليون شخص في موسكو عام 1991.
عمار ابراهيم_تلفزيون الخبر