حر وتقنين وغلاء…كيف سيقضي السوريون عطلة عيد الأضحى؟
لطالما اشتكى السوريون سابقا من “روتين العيد” كلازمة ترافق أحاديثهم خلال زيارات الأعياد، والتي تتميز بها أيام العيد عادة.
وكثيرا ما سمعنا عن عبارات ترافق أحاديث الأعياد مثل “أيام العيد بتشبه بعضها”، و “شو فرق عيد السنة عن اللي قبلو”، “وهاد هو العيد ع طول صلاة وزيارة وناس منشوفا عشر مرات بالتلت أربع أيام”.
وربما سمع العيد “تنكوت السوريين ونقهم” من روتينه، فقرر أن يأتي كل عام ببصمة مميزة عن سابقه، خاصة في السنتين الأخيرتين، بغض النظر عن سلبية بصمته أو إيجابيتها.
“المهم كسرت الروتين” تبدو تلك العبارة لسان حال العيد الكبير مثلا، وهو الذي جاد على السوريين بأزمة كورونا في عيد 2020، وبغلاء كبير وتقنين وفير، يتسم به عيدهم في 2021، كمتغيرات “كسر النمطية” عن الأعياد السابقة.
ولم يكتف العيد الكبير بذلك، فحلوله هذا العام يترافق مع موجة حر كبيرة، ترتفع معها الحرارة عن معدلاتها بست درجات، وسوى الحر خلف ظهرك تقنين، فعلى أي جانبيك تعيد؟.
متغيرات كثيرة تواجه عيد السوريين القادم، لم يعتادوا عليها سابقا، لناحية المستويات التي وصلتها، سواء بتقنين الكهرباء وهم الذين انتظروا مثلا أن يحل عيد الفطر قبل شهرين حاملا معه تخفيفا في ساعات القطع، ليجدو أنفسهم أمام تقنين معتاد “ولا كأنو عيد”.
كذلك تعصف الحرارة المرتفعة بخطط السوريين لقضاء عطلة سعيدة، دون نسيان الارتفاعات السعرية المتلاحقة، حتى أن أصنافا زاد سعرها بين عيدي الفطر والأضحى، رغم قصر المدة الزمنية بينهما.
وقال صلاح فتاحي، طالب جامعي من اللاذقية، لتلفزيون الخبر، إن: “بعصر التقنين باتت الرفاهية أمرا ثانويا، حتى ولو تعلق الأمر بعطلة العيد، وأمام الحر الشديد في المنزل وخارجه، لا حل لي سوى بالتوجه نحو المصائف، وقضاء الإجازة فيها، حتى ولو كانت مجرد (تمشاية بهالخضار).
وتابع فتاحي: “أمام متغيرات الظروف الحالية، استعضنا عن زيارات العيد المكررة، بالاجتماع في منزل جدي، وفي ساعات توافر الكهرباء، وهكذا نكون قمنا بواجبنا، وخففنا استقبالات وتوديعات، في ظل هالشوبات”.
ويقول أحمد، موظف في أحد فنادق طرطوس، لتلفزيون الخبر: “أخطط لقضاء ما سيتيسر لي من إجازة العيد في المنزل، خاصة وأن المتغيرات فرضت علينا الاستمرار في العمل من عدا أول يوم، وعند الانتهاء من دوامي في الخامسة عصرا، سأعيد نائما”.
أما وسام، مدرس من حمص، فيقول لتلفزيون الخبر: “في ظل هذا الغلاء والحر الشديد، انتظر العيد ليكون عطلة طويلة من أربع أو خمسة أيام، اقضيها في المنزل، وبالنسبة للتقنين لا مشكلة، أنام على البلاط، ولا ضير في ذلك، لأن (ما بينطلع محل، ومنو بسمع درسي بحفظ مسرحية العيال كبرت).
وأكمل وسام: “العيد لم يعد فيه أي بهجة، ربما عيد الفطر بهجته الوحيدة الإفطار، حتى لمة الأهل في مطعم ما تراجعت، ليس فقط لظروف الغلاء، بل للازدحام الذي تتميز به تلك المطاعم في العيد، (ومن شو بتشكي عزيمة البيت)”.
وتقول راما شعباني، صحفية من حماه، لتلفزيون الخبر: “أيام العيد أصبحت تشبه باقي الأيام، ولا يميزها عن سواها سوى فرحة الأطفال، فالطفل لا يميز تقنين أو غلاء، (خلص بدو يعيد يعني بدو يعيد)”.
وتابعت راما: “أخطط لقضاء إجازة العيد في المنزل، والمميز فقط عن بقية أيامي سيكون استقبالات العيد والزوار، غير ذلك لا شيء يشجع على الخروج، (وين ما رحت شوب وتقنين)”.
أما نوار، محاسب، من اللاذقية، فيقول لتلفزيون الخبر: “أبرز ما تغير علي عن باقي الأعياد السابقة، ضيافة وحلويات العيد، التي شطبناها من قائمة مستلزمات الأعياد، حيث بلغت أسعارها مستويات قياسية”.
وأضاف نوار: “تعودنا على التقنين بعيد وبدون عيد، وربما الحر سيجبرني على أن يكون نشاطي الاحتفالي بالعيد، مقتصرا على مشوار مع فنجان قهوة على الكورنيش بعد مغيب الشمس، لكن (ألف حر وألف شوب)، لن يغيروا طقسي السنوي، بزيارة البحر صبيحة أول أيام العيد”.
ولفتت نورا نشاوي، رئيس قسم المعلوماتية في جامعة الشام باللاذقية، إلى أن: “أبرز ما سيتغير هذا العيد، التخفيف قدر الإمكان من زيارات الأهل والأقارب الروتينية، ففي الزيارة لن تكون سعيدا لا أنت ولا هم، في ظل الحر الشديد، وضرورة ارتداء ملابس تناسب العيد”.
وتابعت نورا: “زيارات العيد باتت أمورا شكلية، وبغيابها تخفف من الحرج والضغط عن اقاربك ومعارفك، في ظل الارتفاعات السعرية على صعيد الضيافة مثلا، أما مشكلة التقنين، فسأهرب منها باتجاه الكافيهات، بحثا عن تكييف من هنا، أو شحن من هناك، (ليقولو إني عطلت يعني طالما مسمية علينا عطلة)”.
وأضافت نورا: “وبدلا من التسوق من المحال التجارية لاقتناء ملابس العيد التي باتت تقتصر على بدل واحد لا أكثر، بعد أن كان كل عيد يحتاج لشراء بدلين أو ثلاثة، توجهت نحو متابعة تصاميم الملابس على الانترنت، وتفصيل ما اريده منها، عند الخياط، وبذلك أوفر نصف القيمة تقريبا”.
فيما يرى محمود، مشرف مبيعات الكترونيات، والأب لطفلين، أن “العيد بالنسبة لي مجرد إجازة من ضغط العمل، و4 أيام جمعة متتالية، ولولا حرصي على أهمية ارتباط اطفالي بالعائلة، لبقيت في المنزل طول الأيام، لكنني سأكون مجبرا لأجل أطفالي على الزيارات الأسرية”.
وتابع محمود: “كنت سابقا أعيد في المصائف وغيرها، لكن أزمة البنزين مثلا فرضت حسبتها علينا وباتت السفرة خارج المدينة صعبة، واستعضت عنها بعدة مشاوير على البرودة، آخذ فيها أطفالي إلى مدينة الملاهي”.
أما مازن، صحفي، فقال لتلفزيون الخبر: أخطط لقضاء إجازة العيد في البحر صباحا وبعد الظهيرة، ومساء في المقاهي، (وهيك ما بعرف لاشوب ولا تقنين)، والعيد عندي فرصة، لأقابل أصدقائي ممن لا تسمح لنا ظروف العمل بالالتقاء بهم في الأيام العادية”.
يذكر أن عيد الأضحى هذا العام، يحل على السوريين، وسط أزمة اقتصادية خانقة تعصف بقدراتهم الشرائية، وتقلصها مرارا وتكرارا، فيما بلغت ساعات التقنين في مناطق مختلفة من البلاد حدود ما بين 16 إلى 20 ساعة باليوم الواحد.
تلفزيون الخبر