“مصائب قوم”..تراجع قدرة السوريين الشرائية بالعيد تبشر الخراف “بطول سلامة”
يحل عيد الأضحى هذا العام على البلاد، وسط ظروف استثنائية يعيشها السوريون، تنهك فرحتهم بالعيد، وتضرب “ميزانياتهم” الاقتصادية.
ويطل العيد بأزماته الكهربائية والمائية والاقتصادية، مغيرا من سلوكيات السوريين وعاداتهم الشرائية وغير الشرائية، نحو مزيد من “الحرص” والتأقلم، الذين باتت تتسم بهما معظم أنماط حياة سكان البلاد.
إلا أن المثل يقول “مصائب قوم عند قوم فوائد”، وهو ما يتجسد بتجربة السوريين مع عيد الأضحى هذا العام، والذي يقتبس اسمه، من أضاحي العيد، التي تقدم تقربا لله، عبر إطعام الفقراء والمساكين.
ولعل ذلك الخروف المسكين، يبدو أكثر “المعيدين” هذا العام، وهو الذي سمي العيد على اسمه، بينما كان سابقا تحت حد السكين، أبعد ما يكون عن الفرح والبهجة.
وتعود “فرحة الخروف”ربما لظروف اقتصادية عدة قلصت من قدرة السوريين على شراء الأضاحي، ونحرها، وتوزيع لحمها، وتخزينها، وحتى الإقبال على شراء اللحم الأحمر بكافة أنواعه، و”أبشر بطول سلامة يا مربع”.
ويقول محمد جواد (مدرس) لتلفزيون الخبر: “منذ العام 2016 توقفنا عن طقسنا السنوي بتقديم الأضحية في العيد الكبير، فأسعار الأضاحي باتت تقفز قفزات نوعية كل عام، أرهقت جيوبنا، وانهكت مقدراتنا الشرائية”.
وتابع جواد “أسعار الأضاحي تضاعفت 5 مرات تقريبا عن 2016، أسوة بمعظم حاجيات السوريين، والأمر لم يتوقف عندنا وحسب، فمعظم الأقارب والأصدقاء عزف عن ذلك الطقس السنوي”.
وختم جواد “بات واضحا تراجع المقربين عن الإقبال على الأضاحي، فبينما كان يردنا سابقا قرابة ثمان حصص من لحم الأضحية، بأوزان الكيلو والنصف كيلو، تقلص ذلك الرقم إلى حصة أو اثنتين، لا يتجاوز مجموعهما النصف كيلو”.
من جانبه سامر خوندة (تاجر)، أوضح لتلفزيون الخبر أنه سيحافظ على التقليد السنوي، بذبح الأضحية، برفقة اخوته وأصهاره، وهو تقليد داوموا عليه خلال السنوات الفائتة “حسب التيسير”.
وقال خوندة “نشتري أنا وأخوتي وأصهرتي عجلا ونتقاسم سعره، لنقدمه كأضحية في العيد المبارك، وذلك بحكم الظرف الاقتصادي الحالي، الذي جاء صعبا على الجميع”.
وتابع خوندة “العام الفائت بلغت الكلفة على الشخص الواحد 400 ألف ليرة سورية، والمشكلة في توزيع الحصص بكونها بحال كانت كبيرة، معرضة للتلف في البرادات، بحكم التقنين الكهربائي القاسي”.
وختم خوندة “ننوي هذا العام تقليل الحصص بحيث تصل إلى أكبر عدد من الناس، بواقع كيلو لكل شخص، كي يستفيد منها مباشرة، فيطبخها أو يشويها، كي لا تفسد من سوء التبريد”.
وقال محمد كردغلي، مهندس بحري، لتلفزيون الخبر: “ضحيت اليوم للمرة الأولى، كعقيقة لطفلي الصغير، وبلغ سعر الأضحية مع أجور الذبح والتنظيف والفرم 730 ألف ليرة سورية”.
وتابع كردغلي “سنوزع الحصص بمقدار نصف كيلو لكل مستفيد، كي تصل لأكبر عدد من الناس ونكسب الثواب، ولكي لا يصيبها سوء التخزين بفعل التقنين، وبشكل عام ومنذ سنتين للان تراجع ماكان يصلنا من لحمة الأضحية بمقدار 75 %”.
وقال محمد (صاحب مطعم) لتلفزيون الخبر أنه :”في السابق كنا نذبح خاروفين أنا والوالد، والآن بتنا أنا وهو نتقاسم سعر الأضحية الواحدة، وسعر الكيلو تغير خلال عام بين 6500 وصولا إلى 11500 هذا العام”.
وتابع محمد “حتى أجرة يد القصاب في المسلخ أصبحت قرابة 15000 بعد أن كانت قبل عام 7000، واليوم مبيعاتنا من اللحم باتت لمن استطاع إليه سبيلا، مع ارتفاع سعر كيلو اللحمة المشوية من 25 ألف قبل عام إلى 35 ألف حاليا”.
وختم محمد: “لا ننوي تغيير عادتنا بتوزيع الحصص، والمستفيد سيستهلك اللحوم التي ترده مهما كان حجمها، قبل أن تفسد، ولن يسمح لها بالبقاء في الثلاجة حتى تفسد، ومبدأي يقول “اذا بدك تطعمي شبع”.
من جهته قال رئيس جمعية اللحامين في دمشق وريفها إدمون قطيش لتلفزيون الخبر إن “توقعاته لعيد الأضحى هذا العام تشير إلى مبيعات شبيهة بمبيعات العام السابق، والتي ناهزت 110 آلاف ذبيحة من الخرفان، و150 عجلا، في دمشق وريفها”.
وتابع قطيش “شيخ الكار”: “منحنا مع مديرية الشؤون الصحية بمحافظة دمشق رخص لبعض محلات اللحامين، ليذبحوا ضمن محلاتهم، ضمن شروط معينة”.
وتابع قطيش “شملت الشروط قيام المحلات بوضع المخلفات في أكياس قمامة وترحيلها مباشرة بعد الانتهاء من الذبح، مع توجيهات من المحافظ لمديرية النظافة بدمشق، للاستمرار بترحيل المخلفات على مدار الساعة خلال أيام العيد”.
وأكمل قطيش: “لم نلزم اللحامين بالمسلخ، نظرا لوجود مسافات بعيدة بين عدة مناطق في دمشق، وموقع المسلخ في الزبلطاني، ويتم الاتفاق على موضوع الجلود بين اللحام والزبون”.
وأضاف قطيش: “الخرفان ذات الأوزان الخفيفة قرابة 40 كغ، وطعمه أطيب كونه يرعى في البراري، لكن يعطي كمية اقل من اللحم لا تتجاوز 15 كيلو، بينما الخروف المسمن والمرغوب أكثر، والذي يبلغ وزنه ما بين 50 إلى 60 كيلو، يعطي نصف وزنه تقريبا لحم”.
وحول الأسعار قال قطيش: “في الأعياد لا يوجد أسعار محددة، فقد يتم الاتفاق بين البائع والشاري على سعر تقديري للخروف دون وزن، وقد يهبط سعر الكيلو عدة آلاف في حال لم يكن هنالك طلب شديد، وعلى العكس بزيادة الطلب قد تزيد الأسعار”.
وتابع قطيش: “يتضح شكل السوق لناحية العرض والطلب في ثاني أيام العيد، والبائع قد يقلل من سعر مبيع الكيلو، كي يبيع الأضحية قبل أن ينقص وزنها وتخس بحكم قلة الاكل، بحال كان الإقبال ضعيفا”.
وأوضح قطيش: “سعر الكيلو قبل عام كان 6500 إلى 7000ل.س، ولكن في عيد 2020، ارتفع إلى قرابة 1200 ليرة، بحكم زيادة الطلب على الأضاحي، والأمر يخضع للعرض والطلب”.
وختم قطيش: “أنصح للحفاظ على جودة اللحم أثناء التخزين في الثلاجات بظل ساعات التقنين الحالية، وضع الملح عليها، أو طبخها وتخزينها مطبوخة بحيث تكون جاهزة للاستعمال لاحقا، وذلك يحفظ جودة اللحم مدة أطول في الثلاجات”.
يذكر أن مدير المسالخ في “السورية للتجارة” مجدي البشير كان أدلى في آذار الفائت بتصريحات صحفية أن: “كمية استهلاك الفرد من اللحوم في سوريا تراجعت لأقل من الربع سنوياً، حيث شهدت الأسعار ارتفاعاً بمقدار 20 ضعف عما كانت عليه خلال 2010، وحصة الفرد من اللحوم الحمراء تراجعت إلى 2 كغ سنويا”.
تلفزيون الخبر