الخالة أمونة: قولوا لعين الشمس ما تحماشي
مع هذا القيظ، ودرجات الحرارة الأربعينية، والرطوبة الزائدة، وندرة النسيم العليل، وفوق ذلك انعدام وسائل التهوية والتبريد، بسبب انقطاع التيار الكهربائي، اكتفت الخالة أمونة بالمناجاة الوجدانية مع شادية عبر أغنية “قولوا لعين الشمس ما تحماشي.. أحسن حبيب القلب صابح ماشي”.
ولأنها ليست على علاقة جيدة بتربية الحمام، فإنها لم تستطع أن تطلب منه أن يطير قبل حبيبها ويجعل الشمس حريراً من أجله، واستعاضت عن ذلك بأن أوصته بأن يلبس طاقية، وأن يشرب كميات كبيرة من المياه، خوفاً من ضربة شمس تلعن سلسفيل سلسفيله.
وبما أن البطيخ البارد، وتشكُّل الثلج في البرادات، والتَّنعُّم بنصف ساعة من نسائم المكيفات إن وجدت، أضيف إلى سابع المستحيلات السورية، فإن الخالة أمونة توصي بما أسمتها “أغاني البرد”، من مثل “ليل ورعد وبرد وريح”، أو “تلج تلج عم تشتي الدنية تلج”، وغيرها.
تقول: ولأن الظروف حوَّلتنا إلى “سُكَّان كهف معاصرين”، مع فارق أن السكان القدامى كانوا “مبوردين” في كهفهم الأثير، بينما نحن أشبه بسُكَّان جحيم دنيوي لا يُطاق، فما علينا سوى التَّنعُّم بغلي إبريق الشاي بوضعه تحت الشمس مباشرةً، وبالإمكان أيضاً قلي بضع بيضات بالطريقة ذاتها، وفي ذلك توفير للغاز.
النظرة الإيجابية للخالة أمونة تستمر من خلال نصائحها للـ”المشوبين” بأن يلتزموا بدوامهم في الدوائر الحكومية، خاصة تلك التي لا تنقطع فيها الكهرباء بسبب وجود المولدات وبدائل الطاقة، حيث أسباب “البوردة” متوفرة بكثرة من المال العام، وهذا ما قد يزيد الإنتاجية، إن كان ثمة إنتاج بالأساس.
وهذا الموضوع سيتيح لأولئك الموظفين شحن بطاريات موبايلاتهم، وتثليج بضعة قناني ماء لوضعها ضمن “الترمس” المنزلي، لاسيما أنه حتى محلَّات بيع الثلج لم تعد تبيعه، ومحلات البوظة أيضاً فإنها تحوَّلت إلى بيع العلكة والمحارم، بعد الشكاوى المديدة عن بيعهم “بوظة سائلة ساخنة”.
أما فيما يتعلق بوسائط النقل العامة، التي تتيح للبشر أن يتحولوا في بضعة دقائق إلى مخلل “رسمي”، فإن الخالة أمونة تنصح بالتَّعلُّق بالأبواب، وإخراج الرؤوس من النوافذ، مع التأكيد على أن استخدام “الديودوران” لا يحتاج إلى وصفة طبية، وهو اختراع يُلطِّف من هول الفاجعة الجماعية.
وتنصح الخالة أمونة أيضاً بارتياد المسابح لمن استطاع إليها سبيلا، خاصةً أن كل مشوار من هذا النوع سيكلِّف عائلة متوسطة العدد إلى نصف راتب للدخولية والنصف الآخر للطلبات، لكنه يضمن “بوردة” ما بعدها “بوردة” لست ساعات على الأقل، لاسيما إن كانت مياه المسبح معبأة من آبار مجاورة.
وللتخفيف من الاحتباس الحراري بالإمكان استخدام البطاقة الذكية والبطاقة الشخصية وبطاقة الجامعة والبطاقة الوظيفية وغيرها من بطاقات لازمة وغير لازمة، وجعلها بمثابة مراوح يدوية، قادرة على تحريك الهواء الساكن وإحداث أثر يشبه أثر الفراشة، وربما تُساهم في تصغير ثقب الأوزون وتخفيف الاحتباس الحراري العالمي، الله أعلم.
وفيما يتعلق بالبعوض وشبيهاته من الحشرات اللاسعة والعاقصة وماصة الدماء، فالأمر متروك لزمرة الدم، ومن سوء حظهم من يمتلكون زمرة A+ الجاذبة، أما العقارب والأفاعي التي تخرج من أوكارها بسبب الحر الشديد، فما لكم سوى “البصل” الطارد لها برائحته القوية.
وللتقليل من آثار ضربات الشمس، بحسب الخالة أمونة، ليس عليكم سوى تناول التمر الهندي “اللي بيطفي الشوب”، والليمون المثلَّج والجلّاب، والعرق البلدي، كلما أتيح لكم ذلك، ولا مانع من كأس شاي خمير، أو بضعة كؤوس متة تعمل على مقارعة لهيب الحرارة رغم سخونتها، وفق مبدأ “وداوها بالتي كانت هي الداء”.
بديع صنيج- تلفزيون الخبر