بعد أن وصلت العلاقة معه إلى مفترق طرق…قراءة في مسيرة نبيل معلول مع منتخب سوريا
وصلت العلاقة بين الكادر الفني لمنتخب سوريا، بقيادة التونسي نبيل معلول، والمنظومة الرياضية في سوريا، إلى مفترق طرق، وذلك قبيل حوالي ثلاثة أشهر، من انطلاق الدور الحاسم من التصفيات الآسيوية المؤهلة لمونديال 2022.
ولم تكن تلك المرحلة التي بلغتها العلاقة بين الطرفين، بمستبعدة، وبدى من خلال استعراض تصريحات سابقة، سواء لرئيس المنظمة فراس معلا، أو لنبيل معلول، أظهر فيها الأول عدم رضى عام عما يقدمه المعلول، الذي ما برح يذكر السوريين، في كل مقابلة، بضرورة حسم ملف رواتبه، التي يقول إنه لم يقبضها منذ سنة وثلاثة أشهر.
وظهر الاختلاف بين الطرفين للعلن، عقب هزيمة منتخب سوريا، أمام الصين مساء الثلاثاء، بختام الدور الثاني من التصفيات الآسيوية، وبثلاثية مقابل هدف، ليعلن المعلول أن الاتحاد الرياضي يعرقل مسيرة المنتخب، ولم يقدم مكافآت التأهل، ليرد المعلا بأن الاتحاد الرياضي صرف منح تكريم لجميع أفراد بعثة المنتخب.
ولأن العلاقة بين المعلول ومنتخب سوريا، ومنظومة سوريا الرياضية والكروية، باتت على مفترق طرق مفتوح على كل الاحتمالات، لابد من وقفة استعراض لمسيرة الرجل التونسي مع “نسور قاسيون”، قبل انطلاق الاختبار الجدي الأول، وبداية الدور الحاسم من تصفيات المونديال، أيلول القادم.
ولطالما عبر اتحاد الكرة عبر تصريحات أعضائه، أن خيارهم الأول كان، التعاقد مع مدرب يطور منتخب سوريا أداء ونتيجة، بعد أن حقق فجر إبراهيم مدرب منتخب سوريا السابق، معادلة النتيجة، بخمسة انتصارات في التصفيات، لكن مع رفع شعار “سلملي عالأداء”.
وتلقى الشارع الكروي في سوريا، قرار الاتحاد، بالتعاقد مع المعلول، صاحب الثلاثية التاريخية، مع الترجي التونسي، بكثير من الارتياح، لطموح الشارع بمنتخب يقدم أداء يليق بنجومه، ويتناسب مع قوة حضورهم في أنديتهم، ويرفع من حظوظ المنتخب، في بلوغ المونديال.
وكان أول ظهور للمعلول في سوريا، بشهر آب 2020، بعد خمسة أشهر من توقيع العقد معه، حيث عطلت إجراءات كورونا، من حظر وتعقيدات سفر، قدومه قبل ذلك لسوريا، وغاب عن متابعة معظم المراحل العشر المتبقية من الموسم الكروي 2019/2020.
أجرى المعلول حينها عدة معسكرات، قبل أن يقفل متجها نحو بلاده، قبل بداية الموسم 2020/2021، ملمحا للمرة الأولى عن صعوبة العمل بسوريا، لناحية عدم قبضه مستحقاته الشهرية، هو وكادره.
وتفجرت حينها قضية رواتب المعلول، حيث تساءل سوريون حينها، كيف يقوم اتحاد الكرة بالتعاقد مع مدرب، لا يستطيع الالتزام بسداد رواتبه الشهرية، نظرا للتجميد المفروض على الأموال السورية في الفيفا، بذريعة “قانون قيصر”؟.
ورأى البعض في موقف المعلول من ناحية غيابه عن العمل على أرض الواقع، رد فعل طبيعي على عدم قبض مستحقاته، فيما قال آخرون، أن معلول ولو لم يقبض حاليا، فهو سيحصل على كامل مستحقاته، وعلى دوز بارة، طال الزمن أم قصر، وبشكوى بسيطة للفيفا، وبالتالي لا مبرر لتقاعسه في عمله.
وكنتيجة منطقية لغياب المدرب عن أرض العمل، شهدت قائمة منتخب سوريا في المباريات الودية الأربع في شهري تشرين الثاني وآذار، العديد من الاستبعادات غير المفهومة للاعبين بصموا في الدوري المحلي، أو خارجيا، لصالح لاعبين، استغربت جماهير انديتهم، دعوتهم للمنتخب.
وأيضا، ظهر المنتخب في الوديات الأربع، بصورة عادية، حيث خسر ثلاثا منها، وانتصر في الرابعة، دون أن يقدم على الأقل، أداء مطمئنا، في تلك المواعيد الاستعدادية، بالتزامن مع غيابات كثيرة شهدتها صفوف المنتخب، للإصابة، سواء مع أندية اللاعبين، أو في تمارين المنتخب، حيث يكفي أن نذكر أن عمر السومة مثلا، لم يلعب بتاتا تحت قيادة المعلول، في سبع مباريات.
ويؤخذ على المعلول، اعتماده الكثير على التصريحات الإعلامية، التي تثير الجدل، والتي ينشط فيها، أكثر من نشاطه في ميادين الملاعب السورية، فهو يرى مثلا أن اللاعب السوري غير مؤهل للعب مباراتين خلال أسبوع واحد، وأن لديه معلومات عن لاعبي سوريا، أكثر من مدربي أنديتهم، وأن الدوري السوري ضعيف فنيا، وغيرها من التصريحات التي أحدثت جدلا في الوسط الكروي السوري.
ورد عديد من الكوادر الكروية في سوريا على تصاريح المعلول تلك، بأنه كمدرب للمنتخب الأول، مطالب بإيجاد حلول لتلك المشاكل، أو الاعتذار عن التصدي لتلك المهمة، بحال وجد أن مقومات الفشل أكثر من مقومات النجاح في الكرة السورية.
ولعل أكثر ما أثار جدلا، في مسيرة المعلول، البند الموجود بعقده، والذي يقضي بحصوله على 85 ألف يورو، بحال نجاحه بقيادة منتخب سوريا، لكأس آسيا 2023، والدور الحاسم من التصفيات، وهو شرط يتحقق بمجرد الانتصار على مالديف او غوام، المغمورتان كرويأ، وبالتالي نحن أمام مكافأة لا تتناسب وقوة الخصم، وغير مفهوم ان يقبل الطرف السوري بذلك الشرط.
وأمام تلك الجدليات، وصلنا اليوم إلى آخر مراحل التصفيات بدورها الثاني، حيث هزم منتخبنا أداء ونتيجة، أمام الصين، فيما انتصر انتصارات منطقية ومتوقعة على مالديف وغوام، لكن دون أن يقدم منتخبنا الأداء الذي يليق بالفوارق الطابقية، بين كرتنا وكرة المالديف وغوام.
وهكذا، يقف الجمهور السوري اليوم، منتظرا حسم تلك العلاقة الجدلية، وبسرعة، قبل أن نخسر مزيدا من الوقت قبل التصفيات الحاسمة، فلابد من حسم ملف رواتب التونسي وكادره، ليواصل العمل من دمشق وسائر محافظات سوريا، وبحال عجزت منظومة سوريا الرياضية واتحاد كرتها، عن تأمين تسليم تلك المستحقات بمواعيدها، فمن الأفضل أن تنتهي مسيرة المعلول عند هذا الحد.
كذلك، ربما على القائمين على كرتنا، أن يرفعوا شعارات قابلة للتطبيق، والاستعانة بكوادر تدريبية، تناسب أولا إمكانيات منتخبنا الفنية، وثانيا امكانياتنا المادية، و “على قد بساطك، مد رجليك”، وربما يكون الحل بالتعاقد مع شركات راعية، تدعم المنتخب، أسوة بدعمها للأندية، خاصة وأنها قد تكون آخر فرص هذا الجيل السوري، لبلوغ المونديال.
وينبغي أن يصار إلى تحديد أطر العلاقة بين الاتحاد الرياضي، والكروي، والكادر التونسي، فلا تخرج خلافاتهم إلى العلن، وأن يتواصلوا جميعا لصيغة تفاهم، يعملون على أساساها في قادم الأيام، وإلا، فالإنفصال هو الحل الأمثل، حتى لا نكون أمام حرب خفية بين تلك الأطراف لن يدفع ثمنها، سوى الجمهور السوري.
تلفزيون الخبر