علي شكوحي.. كفيف بيدين مبصرتين
يعمل علي شكوحي الكفيف في حرفة جدل الخيزران بيدين تبصران فهو بعد ثلاث سنوات من ولادته عام ١٩٨١ اكتشفت عائلته أنه يعاني من التهاب شبكية صباغي غير قابل للعلاج ويوماً بعد يوم بدأ نظره يسوء وأصبح لا يرى إلا بشكل خفيف جداً.
قال شكوحي لتلفزيون الخبر: درست في مدارس المبصرين وحصلت على الإجازة الجامعية في قسم التاريخ، وكان حلمي دراسة العلوم السياسية ولكن معارضة أهلي لي بسبب وضعي منعني من دراستها.
وفي قسم التاريخ كنت على ما أعتقد أول كفيف يدرسه لأني أحبه أيضا ليتشجع بعدها مجموعة من المكفوفين لدراسته.
وتوظفت بعدها بجامعة تشرين وأعمل معاون رئيس شعبة في كلية الطب البشري أمين مكتبة. وكنت كما قلت لك أرى قليلاً، وفي الجامعة ظهر عندي شيء جديد نتيجة تقريب الكتب لعيني وبسبب غبرة الكتب صار عندي التهاب قرنية مخروطية.
وعن البداية بحرفة الخيزران وكيف تعلمها وهو كفيف يقول علي، حبي لهذه الحرفة وشغف تعلم أي جديد دفعني لتعلمها على يد صديق كفيف يدعى ميشيل بريبهان، يعمل بالخيزران وتعلمها في معاهد لبنان حيث كنت أتردد عليه في المنزل يحاول مساعدتي وتعليمي هذه الحرفة.
ويتابع علي بين عام ٢٠١٦ _٢٠١٧ تم تمويل جمعية المكفوفين باللاذقية من قبل المفوضية عن طريق البطركية لهذا المشروع وكوني أنا عضو قديم في جمعية رعاية المكفوفين بدأنا العمل أنا وميشيل في هذه الحرفة.
وبعدها تم اقتراح ورشة تدريب مدتها ٦ أشهر كنت أتدرب وأدرب أشخاص على تعلم حرفة الخيزران .
وعن صعوبات تعلّمها قال علي بما أن المعلم كفيف لا يوجد صعوبة كبيرة فيها على اعتبار التعلم من كفيف لكفيف أفضل من أن يأتي مبصر يعلمني، ذلك لأن لدينا نفس المعاناة.
فمثلا عند تعلم الجدلة، المبصر يقول لك يمين شمال أو ١،٢،٣. أما الكفيف يمسك بيدي و امسك بيده وبهذه الحركة مرة اثنتان يتعلم الحركة وبعدها تتم المراقبة عن طريق اللمس و يبتسم علي ويقول إنها حرفة ممتعة جداً.
ويضيف علي لكن الصعوبة هي بالتعامل مع الأدوات الأخرى كالحراق لأنه يحتاج لمعرفة متى تكون النار قوية و متى تكون ضعيفة ووقت استخدامها فعندما يستخدم الكفيف الحراق يجب عليه وضعه أمامه كي لا يحرق نفسه.
ويتابع شكوحي الاستمرارية في تدريب الناس هي من الصعوبات الكبيرة و أنا تعلمت هذه الحرفة بمحبة لذلك أنا مستمر، ومن عملي قمت بصنع مزهرية على شكل فازة نحاسية وأيضا عملت على تصميم كرسي المصحف وستاندات للموبايل وعلب محارم وأشياء أخرى بمساعدة ميشيل وشاب آخر.
ويضيف علي من هواياتي الرسم بالفحم كنت أرسم بالفحم قبل أن أتوقف عن الرسم نتيجة الضرر الذي سببه الفحم لي، وأغلب لوحاتي كانت بورتريه، ودراستي للتاريخ ساعدتني كثيراً.
كنت استعين بالرموز التي لها علاقة بالحضارات القديمة في الرسم بالإضافة لأنني أكتب خواطر أنشرها على صفحتي وصفحة الجمعية.
ويقول علي إرادتي قوية ومنذ طفولتي والدي و والدتي علّماني الاعتماد على نفسي وأزحت الخوف من أمامي، هناك أشخاص دمرهم الخوف لذلك يجب على الكفيف أن ينمي شخصيته و يعرف متى يقول لا ومتى يقول نعم و يعطي رأيه ويدافع عنه ويناقش.
وعليه أن يكون قادراً أن يتحرك في هذه الحياة و يجابه أي صعوبة تواجهه، لذلك عليه ألا يطرق باب التسول عند أول صدمة أو يذهب للانطواء. وهنا الأسرة تلعب دورها و أنا أسرتي لعبت دوراً إيجابياً في حالتي.
ونصيحتي لكل كفيف أن ينطلق للحياة لأن أساس وجود الإنسان العقل و صحيح أن الإنسان يملك ٥ حواس ولكنه قادر أن ينمي حاسة على حساب أخرى وممكن أن ينمي حواسه الخمس مع بعضها.
يقول: على أهل كل كفيف أن يعلموا أولادهم الاعتماد على أنفسهم فمثلا أنا أقوم بعمل القهوة والطبخ والجلي و أنظف المنزل لوحدي.
وعن نظرة الناس للمكفوفين أوضح علي، هناك عدم وعي وإدارك من الناس للشخص الموجود في الشارع فمثلا عندما أرغب بالذهاب لمكان ما وأسأل سائق الميكرو لوين طريقك يقول لي مانك شايف الآرمة،و بعض المكفوفين لا يحملون العصا البيضاء نتيجة النظرة السلبية لهم من الناس، مع العلم أن العصا ضرورية من أجل أن تعرف الناس هذه الحالة التي أمامها.
و ختم علي بحر الأمنيات واسع وأمنياتي كثيرة ولكن الأمنية الأكبر هي أن يكون في المنطقة الساحلية معهد لتعليم المكفوفين.
زياد علي سعيد _تلفزيون الخبر_اللاذقية