العناوين الرئيسيةمجتمع

صناعة “الكلاش” الديري.. مهنة يدوية قديمة

ضمن محل صغير في الشارع العام بمدينة دير الزور يجلس العم محمود بجانبه عدة بسيطة وبعض الجلود، الرجل الستيني الذي لايزال يمارس مهنته التي تربى عليها وهي صناعة الحذاء العربي الذي يلبسه أهل المدينة “الكلاش الديري”.

روى العم محمود لتلفزيون الخبر تاريخ صناعة الكلاش قائلاً إن: “الكلاش الديري هو حذاء صيفي رجالي فراتي كان يصنع من جلد البقر أو الغنم، وصناعته حِرفة تقليدية يدوية بشكل تام ولا يتم استعمال أي آلة ميكانيكية عند صناعته”.

وبين العم محمود أنه “هناك نوعان للكلاش الديري الأول “الكلاش الحِجازي” نسبة لمؤسس الصنعة أبو أحمد العكيلي الذي أتى من الحجاز”.

ويعتبر هذا النوع هو الأكثر انتعالاً في أرض الفرات كونه يكون مكشوفاً للهواء من كل النواحي، و النوع الثاني “الكلاش الهجَّاني” وهو أقل استعمالاً ويكون على شكل صندَل مفتوح من الأمام من جهة الأصابع و يلم كل أصابع القدم”.

وتابع حديثه “كنا في السابق نعتمد على جلد البقر في صناعة الكلاش كونه الأشهر والأميز ويعتبر من أغلى أنواع الجلود”.

وأضاف “ثم يأتي بالدرجة الثانية الكلاش المصنوع من جلد الغنم هو الكلاش العادي الذي كنا نُصدّر منه كميات كبيرة إلى باقي المحافظات في فصل الصيف”.

وبين العم محمود أن “الأمر الذي جعل أرض الفرات تشتهر بصناعة ولِبس الكلاش الديري هو أن مناخ فصل الصيف في مدينة دير الزور حار جداً وبهكذا مناخ تحتاج أقدام الرجال و الشباب إلى التعرض للهواء”.

ونوه العم محمود أنه “لم يتبقَ في المدينة من يقوم بتصنيع الكلاش الديري سوى محل أو محلين فقط، وذلك لارتفاع أسعار الجلود الطبيعية من جهة وعدم رغبة شباب المدينة به كونه أصبح بالنسبة لهم لا يواكب الموضة”.

وأردف العم محمود “أما أنا “تعلمت مهنة تصنيع الكلاش الديري من والدي اسماعيل المحمود في عام ١٩٥٧، وكان لنا عدة محلات في الشارع العام وفي حي الشيخ ياسين خاصة بتصنيع الأحذية اليدوية الديرية “الكلاش الديري”.

وتابع حديثه “في الستينات والسبعينات ولغاية التسعينات كان الأب يأتي مع أبنائه من أجل تفصيل الكلاشات لهم من أجل التباهي فيها في بداية فصل الصيف كلٌ منهم حسب مقدرته المادية”.

وبين أنه “لا يوجد أي رجل أو شاب أو طفل صغير لم يكن يرتدي الكلاش الديري، فتراهم يأتون في بداية شهر نيسان من أجل أخذ القياسات اللازمة وتفصيل العدد الذي يحتاجه كل منهم مع اختيار النوع الذي يناسبه”.

وابتسم العم محمود وقال لتلفزيون الخبر: “لقاؤكم هذا عاد بي لسنوات ما قبل الحرب “في بداية فصل الصيف يأتي الآباء برفقة أبنائهم الشباب والصغار ويشتري له ولهم مجموعة من “الكِلشِة” الديرية متنوعة المقاسات ويلبسونها مباشرة وهم فرحين بها ويرمون القديمة بنفس المحل، حيث يعتبرون بلحظتها أنهم الآن قد دخلوا فصل الصيف”.

وأضاف “أما الآن أصبح الطلب على الكلاش الديري قليل جداً كون المواد الأساسية التي تدخل في صناعته ورغم استبدالها بمواد أقل جودة من السابق، ارتفعت أسعارها كالجلد والمشمع والإسفنج اللاصق وغيرها”.

وأكمل “وهذا ما أدى إلى ارتفاع سعره عن العام الماضي، علماً أنني أبيعه بسعر يوازي سعر التكلفة والذي لا يتجاوز ٨٥٠٠ ل.س للكلاش الواحد”.

الجدير بالذكر أن الكلاش الديري يشكل أحد رموز التراث الفراتي القديم وكان الرجال والشباب والأطفال سابقاً لا يستغنون عنه إطلاقاً في فصل الصيف”.

حلا المشهور – تلفزيون الخبر – ديرالزور

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى