شفا وخمير يا عرقسوس
لم يخلُ شارع في اللاذقية، في اليوم الأول من شهر رمضان المبارك، من باعةٍ يبيعون العرقسوس والتمر الهندي، ورغم ساعات صيامهم الطويلة، لم تخفَ على أحدٍ ابتسامتهم وجملتهم المشهورة “الله يعوّض عليك.. رمضان كريم”.
يلبسُ أبو محمد “الصديري” المعرّقة بعدة ألوانٍ، ويضعُ على رأسه طربوشه، أحمر اللون، ويقصد شوارع حارته “الصليبة”، المعروفة بأجوائها الرمضانية، وزينتها التي تحتوي على أشكال الفوانيس، المساجد، النجوم، وهلال رمضان.
يقول أبو محمد لتلفزيون الخبر: أبيع العرقسوس صيفاً وشتاءً، صار بيني وبين العرقسوس حبٌ منذ الطفولة، عندما كنت أرافق والدي بجولاته قبل الإفطار، كنتُ أتمنى أن أحمل الإبريق المعدني على كتفي وأسحرُ المشتري بحركاتي، لأبيعه العرقسوس في نهاية المطاف.
تظهرُ أسنان أبو محمد بخجلٍ من تحت شاربه المفتول، ويقول: عُرف نبات العرقسوس منذ أكثر من 4 آلاف سنة في مصر وسوريا، هذا المشروب الذي يروي العطشان، يرتبط ارتباطاً وثيقاً بشهر رمضان، وهو من أساسيات مائدته.
وعن تحضير العرقسوس، يحدثنا أبو محمد: أحتاج لكربونات الصوديوم، سكر، الماء، ومن ثم أضع العرقسوس في صينية دائرية، وأرش عليه كربونات الصوديوم، وأفركه باليد بشكل جيد مع الماء، ثم أتركه بالشمس لعدة ساعات، ثم أضع العرقسوس في “شاشة” من القماش، وأبللها بالماء.
ويضيف: أقوم بتغطيس “شاشة” القماش عدة مرات حتى يتكون العرقسوس، ولأحصل على الرغوة، أقوم بصب العرقسوس أكثر من مرة لتشكيلها.
وعن ارتباط العرقسوس بمائدة رمضان، يقول أبو محمد: من المعروف منذ أيام زمان، أن للعرقسوس قدرة على حفظ الماء داخل الجسم، “ولهيك بيساعد الصايم لحتى ما يحس بالعطش”.
ومن وجهة نظر صحية تقول أخصائية التغذية رنيم منصور لتلفزيون الخبر: يساعد مشروب العرقسوس على علاج التقرحات التي تصيب المعدة والمري، ويساهم بسير عملية الهضم بشكل جيد، كما ويحافظ على صحة الكبد، والعرقسوس فاتح شهية قوي، ويساعد في الحفاظ على صحة القلب، ويخفض نسبة الكوليسترول بالدم.
وتضيف منصور: يساعد العرقسوس على تقوية الجهاز المناعي، والوقاية من الأمراض السرطانية المختلفة، لاحتوائه على مضادات الأكسدة القوية، وله دور كبير بالتخلص من مشكلات الجهاز التنفسي ونزلات البرد والإنفلونزا والسعال.
وتشير منصور إلى أنه بالرغم من كل فوائد العرقسوس، لكن يحذّر مرضى السكري والضغط من تناول المشروب، لاحتوائه على السكر بنسب كبيرة.
ويبقى العرقسوس المشروب الباقي من أيام زمان، وكأنه تراث نتناقله، مع حفاظه على برودته وطعمه الحلو والغريب، وسعره الذي يناسب كافة فئات المجتمع، وكلمات الباعة التي تناقلوها من أجدادهم إلى أبنائهم “الله يعوّض عليك.. رمضان كريم”.
شذى يوسف- تلفزيون الخبر- اللاذقية