قلعة “تسيغون” أجمل نموذج لفن العمارة العسكرية في سوريا
سميت قلعة صلاح الدين في اليونانية “تسيغون” والتي تعني الحصن، تقع في مدينة الحفة في اللاذقية وترتفع حوالي 410 متر فوق سطح البحر.
ووصفت القلعة كأجمل نموذج لفن العمارة العسكرية في البلاد، وهي أكبر القلاع التي بناها الصليبيون مساحةً وكانت تابعة لسلطة جزيرة أرواد في عهد اليونانيين في القرن الرابع قبل الميلاد.
وما إن تبدأ بالدخول لحرم القلعة حتى تغرق بغابات كثيفة صعوداً ونزولاً لتصل إلى جسر ضيق يصل بين جبلين يفصلهما نهر، وتتابع بعده الصعود ضمن الجبل حتى تظهر لك تحصينات الصليبيين من الأخطار التي كانت تواجههم آنذاك.
ويستقبلك جبلان يفصلهما عمود صخري شاهق وكأنه ينظم دخول الزائرين من جهة وخروجهم من جهة أخرى، لتجد نفسكَ بحضرة أربعة عهود العهد الحمداني، البيزنطي، الصليبي والمماليك.
يصعد الزائر على درج مؤلف من حوالي 141 درجة عتيقة كفيل بأن يقطَع أنفاسه، ليصل إلى باب القلعة حيث تكون الأبواب مشرعة في ساعات الدوام الرسمي لمديرية سياحة اللاذقية.
وتتألف القلعة من ثلاثة أبراج: أولهما على يمين المدخل وهو حصن بناه الصليبيون وإلى جانبه برج ثان كان للمراقبة، والبرج الثالث يتألف من طابقين فيه غرفتين، في جدرانه فتحات لرمي السهام ودرج يقود لسجن انفرادي وإلى جانب السجن يوجد خزان ماء وإسطبل رممه الصليبيون ليستعملوه كمستودع أسلحة في وقت لاحق.
ويوجد برج آخر في الجهة الشرقية من القلعة يتألف من طابقين فوقهما شرفة، الطابق الأول كان لفتحات رمي السهام والثاني كان قاعة الملك فيه ثلاث نوافذ تستخدم للمراقبة.
من الممكن للزائر ملاحظة الإسطبلات وخزانات المياه بالإضافة لكنيسة إلى جانب المباني التي تعود للعهود العربية الإسلامية كجامع السلطان “قلاوون” ومئذنة وحمامان وبرجٌ يُطل على جدران الحمام.
وتعود المنطقة السكنية إلى عهد الصليبيين الذين بنوا حصناً مربعاً يضم خزاني مياه ومجمع سكني يضم الحمامات وغرف الاستقبال، أما المنطقة الصناعية فتقع في القسم الجنوبي وتعود للعصر الأيوبي.
ويشير المؤرخون إلى أن سيف الدولة الحمداني قد استولى على القلعة واتخذ منها حصناً من حصونه.
ويروي المؤرخون أن الإمبراطور ابن الشمشقيق (امبراطور بيزنطة) قد اجتاح سوريا عام 975ميلادي، واستولى على القلعة وبقيت بيد البيزنطيين حتى قدوم الفرنجة الى اللاذقية الذين مكثوا فيها 120 عاماً، لتتركز تحصيناتهم في القسم الشرقي من القلعة ليشيدوا القمة البيزنطية والأسوار المحيطة .
وقعت القلعة بيد الصليبيين عندما احتل الفرنجة اللاذقية عام 1108م، لكن لم تبق لوقت طويل تحت إمرتهم ليحررها القائد العسكري صلاح الدين بعد حوالي مئة عام ليعلن حملته ضدهم، وليبدأ بإغناء القلعة بالمدارس والجوامع والحمامات والغرف المتعددة الاستخدامات.
يذكر أن الترميمات في قلعة صلاح الدين “تسيغون” استمرت من عام 2006 لغاية 2008، وشمل الترميم السور البيزنطي الشرقي وأبراجه بالإضافة لإكمال بناء الأقواس لمنع انهيار الجزء الأصلي وتم تسجيل القلعة على لائحة التراث العالمي في عام 2006 كونها أجمل نموذج لفن العمارة العسكري.
شذى يوسف – تلفزيون الخبر – اللاذقية