قلعة الياسمين.. ماذا تعرف عن قلعة دمشق ؟
قلعة دمشق حاضرة تاريخية عريقة تختزل بين حجارتها جزءاً هاماً من تاريخ مدينة دمشق، فيها أسس القادة عبر التاريخ من نور الدين زنكي إلى صلاح الدين الأيوبي، مقرات قيادة القوات لمواجهات حملات الفرنجة، وفيها ازدهرت العمارة العسكرية الأيوبية والدفاعات المملوكية.
وما أن بدأت إبان الفترة العثمانية ومن ثم “الانتداب الفرنسي”، أتت الثورة السورية الكبرى لتوقدها من جديد وتعيد لها ألقها كحاضرة مدنية تشع بالثقافة وفنون التجارة، وتصدر للعالم بأسره بروكارها الأنيق وسيفها الدمشقي العريق.
تعد قلعة دمشق، القلعة الوحيدة المبنية فوق سهل يطل على ضفاف نهر بردى، والمؤكد أنها لم تكن مبنية في العصور القديمة، ولم يثبت أي دليل على أن القلعة قد بُنيت في العصور الهلنستية والرومانية.
بُنيت القلعة في العهد السلجوقي على يد الأمير “آتسيز بن أوق” أحد أمراء الحرب التركمان، ثم أكمل بناءها “ألب أرسلان السلجوقي“، وذاعت شهرتها في عهد نورالدين وصلاح الدين ومن ثم كل ملوك الأتابكة.
ومن ثم هُدمت وزالت وبُنيت القلعة من جديد في العهد الأيوبي، فأصبحت مقراً للسلاطين، ودار إمارة لتصريف شؤون البلاد سياسياً واجتماعياً، حتى أصبحت مدينة بداخل مدينة، وكانت محاطة بخندق يملؤه المياه، وكان في داخلها قصور وحمامات ومساجد، واستمرت حوالي مئة عام ونيف.
تاريخ قلعة دمشق
تقع القلعة في الزاوية الشمالية الغربية لمدينة دمشق القديمة، وبقربها ضريح صلاح الدين الأيوبي، الذي تسلمها صلحاً بعد أن استعصت عليه عندما دخل دمشق عام 1174م، ونقل إليها حكمه فرممها وأضاف عليها الكثير ودفن في قسمها الغربي إلى أن نقل جثمانه إلى جانب الجامع الأموي.
قاومت القلعة هجمات هولاكو المغولي حتى حاصرها وضربها بالمنجنيق وهدمها عام 1260لكنه خرج منها بعد الهزيمة على يد القائدان قطز والظاهر بيبرس في معركة عين جالوت.
استمر المماليك بتحصين القلعة وترميمها والعناية بها حتى أتى العثمانيون عام 1516 وجعلوا من القلعة ثكنة عسكرية، وجعلها الفرنسيون عندما احتلوا سوريا، سجناً عسكرياً، حتى بعد استقلال سوريا من الاحتلال الفرنسي بقيت سجناً عسكرياً أيضاً.
وبدأت مديرية الآثار والمتاحف بترميمها عام 1984 لتكون تحفة أثرية تمتاز بعمارتها العسكرية على الطريقة الأيوبية.
أقسام القلعة
كان يحيط بقلعة دمشق خندق عرضه حوالي 20م، ولها أربعة أبواب اثنان رئيسيان والآخران سريّان يصلان إلى الخندق الذي كان يحيط الباب الرئيسي للقلعة، ويقود إلى المدينة القديمة ويُفتح على سوق العصرونية حالياً، لذلك عُرف باسم باب المدينة يُؤدي الباب الشرقي إلى ممر يعرف بممر باب الحديد.
ويقع باب الحديد شمال القلعة المحاذي لـنهر بانياس، والباب السري يستعمله حاكم القلعة سراً في الخروج والدخول إليها، علماً أنه لا تخلو قلعة أيوبية من باب السر.
يوجد في القلعة 12 برجاً كانت ترمى منها النبال والسهام، أما حجارتها فهي ضخمة ومدببة فيها أبراج مستطيلة ومربعة، وتتألف أبراج القلعة من عدة طوابق، وفي الزاوية الشمالية الشرقية للقلعة يوجد برج الدفاع، وعلى واجهته الشرقية كتابة تعود للعهد الأيوبي بالخط النسخ، وقد أحدثت فيه كوة مستطيلة للرمي في القرن 16.
أما بقية الأبراج فهي مربعة الشكل وضخمة البناء والحجارة والتدعيم، ويوجد في القلعة بقايا القصر الملكي وقد أُزيلت طبقته العليا، واكتشفت في القلعة آثار مساكن وسراديب من فترة ما قبل الأيوبيين.
تمّ إزالة ما هو محيط بالقلعة من دكاكين ومحلات أقيمت على جدرانها وجرت بعض أعمال التنقيب في داخلها وذلك منذ عام 1982 وحتى 1985 كما تم ترميم بعض أجزائها وتم الانتهاء من الأعمال عام 1988 لتغدو قلعة دمشق مقصد الزائرين إلى الشام.
بوابات القلعة
تقع ثلاث بوابات في القلعة، واحدة في جهة الشمالية وواحدة في الجهة الشرقية، أما الثالثة فهي في الجهة الغربية، الأولين من أعمال العادل أبو بكر بن أيوب، على الرغم من أن البوابة الشمالية تم إصلاحها في فترة المماليك، بينما البوابة الغربية الحالية فمن تاريخ لاحق.
البوابة الشمالية خصصت للمسائل العسكرية، أما البوابة الشرقية فتم استخدامها بشكل مدني، أثناء فترة المماليك، وكانت البوابة الشرقية موقعاً لنشر المراسيم الرسمية.
يذكر أن خبراء معهد تاريخ الحضارة المادية التابع لأكاديمية العلوم الروسية، أكمل، مؤخراً، العمل على إنشاء نموذج رقمي ثلاثي الأبعاد لقلعة العاصمة السورية دمشق، بحسب ما ذكر موقع “RT”.
وأشار بيان المكتب الإعلامي للمعهد، إلى أن “خبراء معهد تاريخ الحضارة المادية، بالتعاون مع مجمع GEOSKAN انتهوا من ابتكار نموذج رقمي ثلاثي الأبعاد لقلعة دمشق، يمكن مشاهدته في شبكة الإنترنت”.
تلفزيون الخبر