بتول أبوعلي: تجاوزت نمطية المجتمع ونظرته للمختلفين عنه
تعرف المهندسة بتول أبو علي عن نفسها لتلفزيون الخبر قائلة :يمكنني أن أستفيض بذكر الأشياء التي أحبّها أو التي تشكلّ شخصيّتي ويوميّاتي وحياتي كالكتابة مثلاً، لكن لا أعتقد بأنّ هذا هو التقديم الذي تنتظره أو ينتظره القرّاء منّي، وأنّ المعلومة الأولى التي يجب أن أطرحها هي النتيجة الأولى التي يشكّلها أي شخص فور رؤيته لي، وهي كرسيّ المتحرّك، حيث تمّ تشخيص حالتي بالحثل العضلي Muscular Dystophy منذ 16 عاماً.
انا بتول أبوعلي عمري٢٧ سنة، مؤسِّسة مبادرة ضوء لدعم المكفوفين وضعاف البصر، ومهندسة معلوماتية، طالبة ماجستير في علوم الويب، اعمل كفري لانسر في مجالات الترجمة وكتابة محتوى، الفويس أوفر او التعليق الصوتي.
واجهتُ صعوبات كثيرة خلال مسيرتي، مثلي مثل أي شابة سورية هي الصعوبات اليوميّة منذ 2011 وتعترض حياتنا ومحاولاتنا في المجالات العمليّة والعلميّة، على مدى عشر سنوات تحوّلت يومياتنا إلى استنزاف للعقل، والطاقة والإمكانيات.
وأضف إليها على الصعيد الشخصي فيما يتعلّق بمرضي تقول بتول ، أعتقد أن أوّل وأصعب جزئيّة للتعامل معها هي الجانب النفسي، لسنوات طويلة لم أتمكّن من تقبّل فكرة مرضي، لم أتقبل فكرة أن يموت جزء من جسدي في كلّ يوم وأنّني كلّ يوم أصير إلى إنسان أضعف وامرأة أقلّ جمالاً.
تتابع لابدّ أيضاً من ذكر الصعوبات الفيزيائيّة إن صحّ التعبير، حيث أنّني منذ بدأت باستخدام الكرسي المتحرك، ويوميّاتي هي محاولات عقيمة غالباً للتكيّف مع وسط مادي غير مجهّز إطلاقاً، والأمر لا يقتصر على البيئة الريفيّة التي أعيش بها، بل على مستوى البنى التحتيّة وهو أمر محبط كليّاً.
وعن الصعوبات المجتمعيّة أو المتعلّقة بالمحيط، تردف بالقول مجتمعنا بعيد كلّ البعد عن قبول الأشخاص المختلفين عنه حتى بأصغر المسائل، دوماً كان من حولي أشخاص يفترضون الكثير عنّي أحياناً بشكل سيء وأحياناً بشكل مبالغ فيه، البعض أحبطني، البعض طالبني بالتحوّل لمصدر إلهام، البعض وضع حاجزاً كبيراً بينه وبيني، في الحقيقة، أنا أعتب على المجتمع، على جهله وتطرّفه، على عجزه عن رؤية البهجة الموجودة في الاختلاف، على إصراره على خلق الخوف والنظر للاختلاف على أنّه منبع التشوّه، عوضاً عن أنّه منبع الجمال.
في البداية تخلّيت عن أشخاص أحبّهم، لأنني كنت خائفة أنهم لن يقبلوني كما أنا، تخلّيت عن متابعة الدراسة خارجاً لأنني كنت خائفة أن عائلتي لن تقدّم لي الدعم، وتخلّيت عن الظهور الإعلامي لأنني كنت خائفة أنني سأنهار أمام الضوء.
ولكن، في لحظة ما وبرغم الخوف الذي يملؤك، ترغب في التوقف عن التصرّف كضحيّة، وتقديم الدعم لنفسك كناجٍ، وهذا ما أحاول فعله منذ فترة قريبة وكان سبب قيامي بالظهور والحديث على منصّة TEDx العالمية ضمن فاعلية tedx cornich street women
وتختم المهندسة بتول حديثها، إن الرسالة التي أحاول إيصالها للأشخاص المختلفين أيّاً كان اختلافهم، لأولئك المختبئين من الضوء يغمرهم الخوف، أريد أن أقول: توقّفوا عن النظر باتجاه الآخرين، وانظروا باتجاه أنفسكم، بكلّ صدق، هنا فقط توجد الحقيقة وهنا فقط توجد القيمة.
زياد علي سعيد-تلفزيون الخبر- اللاذقية