أهل الحب صحيح مساكين
تجلس “تيريز” ذات الـ 77 عاماََ، بين كبكوبات الصوف الملونة وتمسك سنارتيها وتبدأ بحياكة فستان صغير لحفيدة ابنتها المنتظرة، وتروي حكايتها مع الحب: “بيوم من الأيام عملتلو كفوف صوف”.
وتقول: كنت أنتظر عيد الحب بفارغ الصبر لألتقي بحبيبي الذي أصبح زوجي بعد حين، كنت ألجأ للكثير من الكذبات البيضاء لأخرج من المنزل في اليوم ذاته أوقبله، كان يأتي “محمد” من دمشق الى اللاذقية بالـ “هوب هوب” ويجلس منتظراََ قدومي في مقهى “الموعد” “.
وتضيف تيريز “كنت أحاول أن أظهر بأبهى حلّة، كان يستقبلني بابتسامة ساحرة، ويقدّم لي هدية عيد الحب التي كانت عبارة عن وردة حمراء جورية، وأقدم له كاسيت لعبد الحليم أو أم كلثوم، ثم نتجه لنأكل قطعة كنافة عند “مجنون ليلى” وكل واحد يرجع ع بيتو.
وتتابع: لم تكن هدية عيد الحب مكلفة، كانت هدية رمزية وبعيدة كل البعد عن المواضيع المادية، وكان الأهم منها جلستنا سويةََ لنتبادل الأحاديث خلال ساعة أو ساعتين من الوقت، ومن ثم نتفق على موعد أخر بعد فترة من الزمن لاتقل عن شهر أو شهرين.
وتضيف: أغلب الهدايا التي تفرح القلوب كانت عبارة عن وردة حمراء، كاسيت لأغاني حديثة، زجاجة عطر، والأجمل بطاقة منقوش عليها قلوب حمراء وورود مع جملة يكتبها المحبوب بخط يده.
وعن بطاقة الحب التي وصلتها عبر ساعي بريد تقول: خبأت بطاقة وصلتني من”محمد” لسنوات في خزانتي، كنت أفتحها كل يوم لأشم عطره على الورقة و أقرأ عبارة “ياما عيون شغلوني.. لكن ولا شغلوني.. الا عيونك أنت “، أبتسم وأنام.
وعن أحفادها وجيل هالأيام تقول “تيريز”: يبدأ أحفادي الخمسة منذ أول شهر شباط برحلة البحث عن هدية لأحبائهم، يبحثون عن الأشياء غالية الثمن، من وجهة نظر جيل هالأيام، كلما كان سعر الهدية مرتفع كلما كان حبهم أقوى.
وتضيف: لم يبقَ أحد تعجبه الوردة الحمراء، فـ تالا ابنة بنتي، جلبت لحبيبها ساعة دفعت حقها هديك الحسبة، ومحمد ابن ابني جلب لحبيبته خاتم ذهب مع أنو الدهب غالي، وعندما سألته عن الوردة الحمراء أخبرني بأنه لايجلب هدية سعرها 5000 ليرة “لأنو مانها قد المقام”.
وعن ليلى حفيدتها، المخطوبة لشاب يعمل كطبيب في ألمانيا تروي: بعتلها بطريقة ما، “موبايل” حديث جداََ، وكالعادة تتكلم معه عن طريق الإنترنت، بدون ما يلمسوا ايدين بعض وبدون مايشوفو عيون بعض.
أما عن أوس تقول: هاد أخد عن جدو كلشي، بياخد حبيبتو بيعطيها وردة حمرة ورسالة كاتبها بخط إيدو، دايماََ بيخبرني انو هاليوم لازم يكون للوردة الحمرا، وغير يوم فيي جيب اللي بدي ياه.
تتذكر “تيريز” أغاني المقهى وتقول: كانت “أم كلثوم” تشاركنا الفرحة والضحكة، صوت الست الى الآن بأذني وهي تغني و”محمد” يغني معها ” أهل الحب صحيح مساكين..أما الحب ياروحي عليه، نتعب.. نغلب.. نشتكي منه.. لكن بنحب”
وهمست “تيريز” قائلة: حب أيام زمان كان إلو طعمة ولون، كنا نحس بدقة القلب، أما حب هالأيام حب مظاهر، و الشاطر مين بيهدي هدية أغلى، والله.. كنا نفرح بالوردة الجورية أكتر من السيارة.
شذى يوسف – تلفزيون الخبر – اللاذقية