“الخالة أمونة”: ظُلم في التقنين وعدم مساواة في توزيع المازوت والبنزين
تتكئ “الخالة أمونة” على ركيزة نظرية ثابتة في كل ما تقوله، لأنها تكره كثيراً “الكلام في الهواء”، وما يُقال عنه “حكي جرايد”، وأكثر ما يُغيظها هو عدم المساواة والتمييز بين المواطنين.
لذلك قَرَأَت ذات مرة بأن مفهوم العدل يُعبِّر عن الإنصاف، كما يشير إلى معاملة الناس بشكل متساوٍ، وعدم الانحياز لفئة معينة، أو تعريض فئة أخرى للظلم أو التعامل معها بعنصرية.
لكنها بربط ذلك على أرض الواقع، تجد أن ثمة عدم عدالة في ساعات التقنين مثلاً، فكيف هناك من تأتيهم الكهرباء لاثنتي عشرة ساعة متواصلة، وآخرون لا يلمحونها إلا لُماماً، أو كما يُقال “كل سبعة بلمعة”؟ أليس ذلك دليل واضح على أنه هناك “خيار وفقُّوس” في التقنين؟
هذا الظلم الذي تتحدث عنه “الخالة أمونة”، ليس بين الريف والمدينة فقط، وإنما في البلدة الواحدة أحياناً، وفي مرَّات بين الأحياء المتجاورة، فلا منطق يحكم عملية الوصل والقطع الكهربائي، وهذا ما يجعلنا بحسب قولها “مُتردِّدين في السَّبّ على مين!”.
صحيح أن الحرب أفرزت طبقات اجتماعية “مُرصَّعة ترصيع” وأخرى “مُرقَّعة ترقيع”، لكن الفرز الكهربائي الطبقي، يضع ألف إشارة استفهام على الذّهنية المُتحكِّمة بالتوزيع الجائر، لاسيما أن مديريات الكهرباء ومحوِّلاتها قطاعاً عاماً.
ولا يتوقف الظلم والجور عند ساعات التقنين، كما تُشير الخالة أمونة، وإنما في شدة التيار أيضاً، فكيف تصل إلى بعض المنازل 220 فولت من دون زيادة أو نقصان، بينما تصل إلى أخرى بحدود الـ100 فولت فقط وأحياناً أدنى من ذلك؟ أو أن محوِّلاتهم غير مُحولاتنا لا سمح الله.
ثم أليس من العنصرية بمكان، أن تنعم قلة قليلة بأنوار الكهرباء ودفئها، بينما كثيرون ينتظرون أياماً حتى تسخن حماماتهم، أو كي يستطيعوا أن يُنهوا وجبة غسيل لا تتجاوز الساعة الواحدة؟ لدرجة دفعت البعض للقول “بينما أنتهي من غسيل ثيابي تكون موضتهم قد بطلت”.
موضوع عدم العدالة لا يقتصر على الكهرباء، بل يتعداه إلى الماء أيضاً، توضح “الخالة أمونة”، فبينما تظل صنابير المياه الرئيسية دفَّاقة طيلة اليوم عند البعض، هناك من يعمل عُرْساً لو أطلَّت عليه لساعتين كل أربعة أيام، كي لا يضطر لملاحقة صهاريج المياه وملوكها الصناديد.
تقول “الخالة أمونة”: الأنكى هو تضافر تخبيصات إدارات الكهرباء مع نظيرتها المائية، بحيث يفتحون “السُّكْرْ” بالتزامن مع انقطاع التيار، فلا يستفيد منها إلا أصحاب المولِّدات، بينما أصحاب الدخل المهدود يُصلُّون صلاة الاستسقاء متبوعةً بصلاة الكهرباء كي يحظوا بحصتهم الشحيحة من الماء.
وفي ظل البرد والعتمة ناشد الكثيرون “الخالة أمونة” للحديث أيضاً عن عدم العدالة في توزيع مازوت التدفئة، وبعد التحليل والتمحيص، تبيَّن لها، أن القِسمة جائرة، ففي بعض المناطق وُزِّعَ مئة لتر، وفي أخرى مئتان، وبين تلك وتلك، هناك من لم يحصل على حصته منذ سنوات.
تقول خالتنا: عدم عدالة في توزيع المازوت والمياه والكهرباء، ولم نحكِ عن حصص الأفران من الطحين، ولا عن رسائل السكر والرز “المُفرطَعة” شمالاً ويمين، ولا عن طلبات كل كازية من البنزين، فعلى ما يبدو أن تخطيط هذه المسائل “مالو دين”، لذا دعونا نصلي للعادل الأمين، وأنتم صلّوا معي وبعدها قولوا “آمين”.
بديع صنيج- تلفزيون الخبر