“زواج بالإكراه”.. كيف تفاعل السوريون مع مصالحة أهل الخليج؟
لم يشأ الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته دونالد ترامب أن يسلم عهدته ويغادر البيت الأبيض، إلا بالقيام بحركة مشابهة بالموضوع، معاكسة بالاتجاه للتي قام بها عند بداية العهد “الترامبي” في 2017.
ومع الأشهر الأولى لولايته، أوعز ترامب لمحور السعودية والإمارات بالبدء باجراءات حصار قطر وعزلها وشن أعنف الحملات السياسية عليها، ليقرر في نهاية عهده مطلع 2021 إجبار “الخلجان المتخاصمين” على الصلح فجأة على طريقة “زواج بالإكراه”.
اختلف أمراء الخليج فجأة وتصالحوا فجأة، كانت أسباب الخلاف واهية، وأسباب الصلح أوهى، اللهم إلا أن صهر ترامب “كوشنر” أراد أن يتسلى طيلة وجوده في البيت الأبيض بخلاف الشيوخ، ولما حان وقت الرحيل، أطفأ اللعبة ومشى.
ومر الخلاف الخليجي على السوريين كمسلسل طويل، تنوعت حلقاته بين السياسة، الإعلام، الواقع الميداني، وصولا حتى للرياضة.
ويذكر السوريون في أول سنتين من أزمة الجزيرة العربية، كيف نسي أخوة الثورة “أهدافهم وشعاراتهم” في تحقيق “الحرية”، وانشغلوا في إثبات أن “أميري الخليجي أقوى من أميرك”.
وانعكس الخلاف الخليجي على الواقع الميداني بسوريا، فتقاتلت الفصائل الإرهابية بضراوة فيما بينها، ومال بعضهم لأمراء قطر، وبعضهم الأخر لتيار السعودية، لينتهي الأمر بهم في جيوب صغيرة محتلة على الحدود التركية.
وانشغل السوريون بمسلسل الفضائح الذي انتشر بين طرفي الأزمة، حيث بات كل طرف يفضح الآخر عن دوره في الأزمة السورية، وبدا الأمر كوصلة ردح بين رجل وامرأته المطلقة، أخرج بهما الطرفان ما في جعبتهما من أسرار وأدوار تخريبية، كانت حتى وقت قريب “خططا مشتركة”.
ومع توقيع اتفاق العلا للصلح بين “شيوخ الخليج”، تفاعل السوريون على صفحات “فيسبوك” مع الأمر بشيء من الكوميديا، وبات الصلح الخليجي مادة دسمة للنكات السورية.
وتساءل معلقون على “الفيس بوك” عن مصير رابح صقر وحسين الجسمي وغيرهم من مطربي محور السعودية، الذين أنشدوا عديد الأغاني في ذم قطر، وهل سيلقون نفس مصير أهل “أم الطنافس” عندما أقام لهم “حسان” حفلة “فلقة”، بعد صلح “أبو نادر والبيسة”؟.
وكتب أحدهم :” ربما سيغني الفنانون أوبريت جديد بعنوان “قولوا لقطر كنا نمزح معاها ولا ضرر” وربما سيرد عليهم ذلك السلفي “عبد الله الشريف” معاكسا أغنيته “قلنا لقطر” فيقول “تقلك قطر هي تمزح وكله برحب الصدر”.
وحاول آخرون معرفة أي نتيجة سيصل إليها تحقيق “الجزيرة” القادم عن سبب مقتل المعارض السعودي جمال خاشقجي، والذي خصصت له “الجزيرة” ساعات طوال من بثها، لإثبات تهمة القتل على السعوديين، وهل ستقول قناة “الحقيقة” أن خاشجقي مات بكورونا أم منتحرا بمنشار؟.
وأمل متابعون آخرون على “فيسبوك” أن لا تحرم الصلحة الخليجية السوريين، من متابعة وصلات الردح بين قناة “أورينت” المقربة من السعوديين، وقناة “سوريا” الممولة قطرياً، وما تتضمنه من نشر للغسيل الوسخ “للمعارضة السورية”.
وتوقع معلقون آخرون عودة الأزمة إلى سابق عهدها لكن في 2025، بحال عاد ترامب للحكم حينها في أمريكا، فالرجل لن يجد شيئا يتسلى به و “يسترزق منه” كالخلاف الخليجي الخليجي، حيث يدعم كل فترة طرفا على حساب آخر، مقابل أموال النفط وريالاته.
ونصح بعد المعلقين جوقة شعراء الهجاء من “الإعلاميين” كنديم قطيش، وجمال ريان، و معتز مطر وغيرهم، بتعلم مهنة ما “يقطعون بها أوقاتهم”، ريثما يعود الخلاف مجددا “بتعليمة أمريكية”.
وقال معلق: “الحقيقة ضعنا، ياترى الجزيرة رح تبطل تهاجم المطبعين، ولا السعودية رح تحب “الإخوان”، ولا عشو اتفقوا بالضبط، سيدي أهم شي يرجع فارس عوض وفهد العتيبي ع “بي إن سبورت”، والباقي كلو ما بيأثر”.
وأضاف آخر :”أكثر السعداء بالصلح الخليجي، سيكون المسؤولون عن أمن الملاعب، فعندما ستتواجه فرق قطر والسعودية أو الإمارات، ستغيب الأحذية المتطايرة من المدرجات باتجاه الملعب”، في إشارة لخسارة الإمارات أمام قطر بكأس آسيا 2019 برباعية، والتي رمى بها المشجعون أحذيتهم غضبا”.
وأشار آخر :”بعد مصالحة السلايف، ننتظر موقف الحماية”، في إشارة لموقف تركيا شريك قطر الرئيسي في مشروعها “الإخونجي” في المنطقة، وهل ستنضم الدولة العثمانية لحفلة الصلح هذه، المقامة على شرف رحيل ترامب، واستقبال الرئيس الأمريكي الجديد “جو بايدن؟”.
يذكر أن السنوات العشر الأخيرة شهدت محطات عدة من خلاف “الأخوة الأعداء” على النفوذ والحصص في الدول التي ضربها زلزال “الربيع العربي”، لكن الخلاف الأكبر كان في حزيران من 2017، وبداية ما عرف بالحصار الخليجي لقطر.
تلفزيون الخبر