مقهى “الفرح”.. مكان الألفة والمحبة وروح الماضي في حمص
“كاسة الشاي هنا تجري في عروقي”.. يقول المهندس عبد الرحيم مطر الذي ناهز عمره الـ 75 عاماً، وهو جالس على طاولته الدائمة في مقهى “الفرح” التراثي وسط مدينة حمص والذي يناهز عمر بنائه الـ 120 عاماً.
يهوى المهندس مطر لعبة “طاولة الزهر” ويعتبر نفسه رائداً فيها ومنافساً لكل رواد المقهى، ويتابع مطر حديثه المليء بمحبة المكان لتلفزيون الخبر : “أنا هوايتي الوحيدة هي (طاولة الزهر) و أنافس بها الجميع في هذا المقهى و يجتمع أغلب الموجودين حولي لتشجيعي ضمن طقس اجتماعي يبعث على الألفة و الفرح”.
ويقول أحد الروّاد الدائمين للمقهى الذي يحمل عبق الماضي الحمصي “في كل زاوية من هذا المقهى التراثي تأتي نفحة زكية من رائحة حمص العدية وتاريخها الأزلي، في المقهى أجلس و في خاطري كل ذلك العبق”.
تختلف توصيفات مرتادي المقهى الحماصنة للمكان الذي يحبونه، ويعتبر من أقدم مقاهي حمص، ويختصر أحدهم الحكاية بجملة : “يا حمص، أيتها الجميلة التي في روحها روح ديك الجن الحمصي”.
أمّا “أمين الشامي” الذي يعمل سائقا يقول :”أنا مرتاد للمقهى منذ أكثر من ثلاثين عاماً، و هو “متنفس” حمصي بامتياز.
و يتابع أبا محمد الشامي “أفراد عائلتي إذا فقدوني يتوجهون تلقائياً للمقهى لمعرفتهم المسبقة بوجودي هنا”.
و أردف الشامي بأنه يجتمع مع الأصدقاء في المقهى لتبادل المواضيع الثقافية والاجتماعية وسماع القصص الحمصية التي يشعرون بها بالألفة و يستمتعون بها.
مدير المقهى الحالي مصطفى طعمة يقول لتلفزيون الخبر: إن “هذا المكان مشيّد منذ عام 1902 وكان والدي عبد الباسط طعمة يستيقظ باكراً و هدفه الأول هو محبّة الناس لهذا المكان كما هو هدفي الآن”.
و يتابع طعمة “مرتادي المقهى من فئات الشعب كافة، و كان الناس سابقاً عندما كانت الإضاءة على القناديل يجتمعون جانب “المناقل” للتدفئة شتاءً و يستمعون للحكواتي الذي كان يشعل الحماسة في أفئدتهم”.
و عن سبب تسمية المقهى ذكر طعمة أنّ “مكان المقهى الحالي كان بالأساس مسرحاً اسمه “مسرح الشرق” و كان يوجد مطربة اسمها فرح اشتهرت بصوتها الشجي في الأوساط الحمصية، حتى أنَّ المسرح لُقِّب بإسمها و لذلك المقهى حافظ على ذات التسمية، مقهى الفرح أو قهوة الفرح”.
و ختم طعمة بأنّ المقهى كانت جدرانه مغطاة بالكامل بصور رجال من رموز حمص ناضلوا ضد الاستعمار الفرنسي ولكن المقهى تعرّض للتخريب نتيجة الأحداث المؤسفة مؤخراً، وتعرّضت كل تلك الصور للتلف.
ويؤكد طعمة أن المقهى عاد بعد إصلاحه ليكون مقصداً مُشبعاً بالتراث لكل أهل حمص.
تتعدد الأقوال والحكايات في مقهى “الفرح” و الكلّ في هاجسه يخاطب شوارع حمص “العتيقة”، ويلقي السلام على روح هذا المكان الذي يمثل أحد أوجه حمص التاريخية.
أحد روّاد المقهى يختم الحكاية بجملة واحدة قائلا : “عندما نجلس هنا نسافر في المكان لنتذكّر بأننا ما زلنا مكدَّسين على أبواب ألف ليلة وليلة”.
حسن الحايك – تلفزيون الخبر