الجولان في الأدب.. بين النكسة والنصر والثبات
زَيَّنَ الجولان السوري المحتل صفحات الأدب العربي عموماً، والسوري على وجه الخصوص، لاسيما في الفترة الممتدة ما بين أواخر الستينيات وثمانينيات القرن الماضي.
تناول الأدباء الجولان كحالة توثيقية كاملة، لواقع منطقة تعرضت للاحتلال، لكنها رفضت الخضوع على كافة الأصعدة السياسية والعسكرية، يضاف إليها رسم صورة عن هوية الجولان الاجتماعية والطبيعية.
ولمع “الأدب الجولاني” بعد حربي حزيران 67 وتشرين التحريرية 73، فكانت الروايات التي نجمت عن النكسة تجسد مشاعر الخيبة والإحباط، على حين ركز أدب ما بعد حرب تشرين على الإحساس بالظفر والشعور بالزهو والنصر.
وجسد الراحل ممدوح عدوان عبر روايته “الأبتر” صورة المواطن الجولاني الصامد، من خلال شخصية العجوز ادريس الذي صمد في قريته، ورفض النزوح بعد حرب حزيران، رغم إغراءات الحاكم العسكري “الإسرائيلي” حتى يستشهد حاملاً هَمَّ المقاومين وسِرَّهم.
“أن يقاتل صاحب الحق، يعني أن ينتصر”، بهذه الجملة وصف حنا مينا في روايته “المرصد” شكل الجولان خلال حرب تشرين، حيث ذهب في سبر أعماق روح السوريين في تلك الفترة، من بوابة شخوص جولانية لعبت حول حبكة “ما ضاع حق وراءه مُطالب”.
أما الحدث الرئيس في قصة “شجرة البطم” للكاتب فارس زرزور، فهو وصف وقائع المعركة، إذ يرصد العلاقة اليومية بين الضابط الابن والجندي الأب، اللذين شاء القدر أن يجمعهما في مفرزة واحدة، وأن يخوضا معركة “تل العزيزيات”، حتى استشهد الأب، وذلك في تعبير واضح عن تواصل المقاومة عبر الأجيال المتلاحقة.
وربط “عبد السلام العجيلي”، في سلسلة من الروايات والقصص، الأحداث التي دارت في المنطقة منذ نكبة 1948 حتى انتصار تشرين 73، حيث رصد كل ما عكسته هذه الفترة من هزائم وانكسارات ونكسات وأفراح على النفس البشرية.
ووثق العجيلي الرابط بين أم الشهيد وجثمان ابنها المتروك على أرض فلسطين بعد نكبة 48 في قصة “كفن حمود”، بينما في قصة “السيف والتابوت” فرصد بها الجانب الإنساني والمكاني للمعارك الممتدة من الجولان حتى فلسطين، ليعود بـ”أزاهير تشرين المدماة” ليؤكد مقاومة الجولان وانتصاره.
من جهته رسم القاص “أديب نحوي” عبر “عائدون من طبريا” محورية الجولان في أي صراع مع العدو، حيث أنه خط العبور الأول نحو التحرير، مسهباً في وصف جغرافية المنطقة وأهميتها.
وأسقط “حسن حميد” في روايته “جسر بنات يعقوب” عقلية المحتل عبر التاجر يعقوب يهودي الذي يستخدم بناته للسيطرة على الجسر الواقع بين الجولان وفلسطين، لما لهذه المنطقة من أهمية لتحقيق السطوة والقوة في تصوير مشابه لأطماع الاحتلال في بلادنا.
يشار إلى أن هناك عشرات الروايات والقصص التي سطرت ملاحماً عن الجولان، وصمود شعبه، لما يشكله من أهمية على درب النصر من جهة، ولأنه يختصر قصة أرض وشعب من جهة أُخرى.
يذكر أن أهم رواية كُتبت عن الجولان كتبها أبناؤه الصامدين تحت نير الاحتلال، عبر تمسكهم بالانتماء لسوريا، وثباتهم على موقفهم الرافض لكل محاولات الاحتلال بضم أرضهم أو تهويد تاريخهم.
تلفزيون الخبر- جعفر مشهدية