“الملك 10”.. مارادونا الثائر الذي دافع عن العرب وفلسطين ووقف مع سوريا وضحاياها
أن تعلن الدول الحداد على قائد سياسي أو عسكري فهو شيء تقليدي “بروتوكولي” لكن أن ترى شعوباً بأكملها تعلن الحداد لأجل شخص لا يمت للسياسة بصلة، فاعلم أنك في جمهورية “دييغو أرماندو مارادونا”.
مارادونا مات، والأرجنتين أعلنت الحداد 3 أيام لروح ملهمها الأول، فلا حواري بيونس أيرس سترقص “التانغو” اليوم، ولا جداريات “الملك 10” التي تملئ شوارع البلاد ستبقى على حالها بعد الآن.
دييغو أرماندو مارادونا مواليد لانوس 1960 لم يكن أسطورة كرة القدم الأفضل والأكثر إثارة للجدل وحسب، بل كان ملهماً وصاحب رأي وموقف في قضايا سياسية وإنسانية عدة.
وكان ماردونا مؤيداً للحركات اليسارية والتوجهات الثورية في شتى أصقاع الأرض، فكما حمل ثوار أمريكا اللاتينية ثورتهم ليحرروا أوطانهم، انطلق مارادونا عبر شهرته في عالم المستديرة، ليتابع خط رفاقه ويدافع عن قضايا المستضعفين.
وشكل “الملك 10” صداقة فريدة مع أهم وجوه الكفاح المسلح في القارة اللاتينية، وشغلت صوره مع كاسترو وتشافيز ومادورو الصحف العالمية مراراً وتكراراً.
ووصف كاسترو دييغو بأنه “صديقٌ عظيم ونبيل للغاية، هو رياضي رائع وحافظ على صداقة كوبا من دون أي مكسب مادي من تلقاء نفسه”.
بينما لا يغيب عن بال أي من عشاق دييغو وشم الثائر الأرجنتيني وابن بلاد “الفضة”؛ إرنستو تشي غيفارا، الذي أكد دائماً أنه يرى فيه البطل الحقيقي والملهم.
وارتبط “الملك” بفنزويلا من خلال رئيسها الراحل تشافيز، حيث وصف نفسه ذات مرة قائلاً: “أنا شافيستا” كما نعاه يوم رحيله بقوله: “ما تركه لي هوغو كان صداقة عظيمة وحكمةً سياسية لا تصدق”.
وقال “لقد غيّر هوغو الطريقة التي تفكر بها أميركا اللاتينية، خضعنا للولايات المتحدة لكنه أظهر لنا أنه يمكننا السير بمفردنا”.
وكما كان مهاجماً شرساً على أرض الملعب، كان حضور دييغو في مواجهة غطرسة أمريكا أكبر، فمن ينسى موقفه في قمة الأمريكيتين 2005 حين وقف محتجاً على حضور جورج دبليو بوش في بلاده.
وارتدى دييغو حينها قميصاً يحمل عبارة “توقف بوش” (STOP BUSH) لكنه استبدل حرف الـ”S” بصليب معقوف ارتبط بالنازية التي استخدمته شعاراً لها، ووصفه ب “القمامة البشرية”.
واستمر التوتر بين دييغو والولايات المتحدة حتى عهد ترامب الذي وصفه “Chirolita” للتقليل من شأنه، وصرح ذات مرة بعد فوز فريقه قائلاً: “أهدي الفوز لمادورو وفنزويلا، التي تعاني بسبب أميركا”.
وتابع “هي تعتقد أنها شرطية العالم، لأن لديها أكبر قنبلة، تعتقد أنها تستطيع دهسنا، لكن ذلك لن يحدث، لن يستطيع الطاغية الذي عُين رئيساً أن يشترينا”.
ولأن عشق مارادونا ليس حكراً على بلاده، تعدت مواقفه الوطنية حدود قارته، ليقف مع قضايا العرب، وخصوصاً القضية الفلسطينية.
وفوجئ العالم أجمع بفيديو مارادونا عام 2018 مع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس وهو يقول له: “أنا فلسطيني القلب”، وله صور عدة يظهر فيها متشحًا بالكوفية الفلسطينية.
وهذا عدا عن تصريحه عام 2015 الذي أثار غضب الشارع “الإسرائيلي” بقوله “أُوجّه التعازي لعائلات الضحايا في فرنسا، سوريا، ولبنان، وفلسطين” وذلك بعد هجمات إرهابية تعرضت لها البلدان على يد متشددين في فرنسا و”إسرائيليين” في سوريا ولبنان وفلسطين.
وحول ما يجري في سوريا علق دييغو في مقابلة 2018 بقوله: “أنت لا تحتاج للذهاب إلى الجامعة لتعرف، على سبيل المثال، أن أميركا تريد أن تمحو سوريا من الوجود”.
يذكر أن دييغو أرماندو مارادونا رحل وترك خلفه إرثاً كروياً كبيراً على صعيد المنتخبات والأندية، وهو بالنسبة للكثير من عشاق اللعبة، أفضل من مر على الملاعب في التاريخ، بسبب قدراته التي كانت تمتع المشاهدين، ومواقفه التي كانت ترسخه في وجدانهم
جعفر مشهدية-تلفزيون الخبر