كاسة شاي

لماذا يفضل السوريون الجلوس في مطابخ منازلهم ؟

تختلف عادات المجتمعات فيما بينها، من طريقة التفكير إلى أسلوب الحياة، إضافة إلى نمط المعيشة، وبعض هذه الحالات تكون واضحة الأسباب، فهي ناتجة عن تراكم ثقافي واجتماعي عبر مئات السنين .

ومن العادات الغريبة والمتداولة التي تقوم بها أغلبية المجتمع السوري، “الجلوس في مطبخ المنزل”، فقلة من البيوت التي لا تقوم بتصميم مطابخها، لتتسع للجلسات العائلية، وخاصة في فصل الشتاء .

وتقوم الكثير من الأمهات بفرش المطبخ بالسجاد، وتركيب “صوبيا” صغيرة، تتناسب مع حجم المطبخ، وكذلك لا يخلو الأمر من جهاز تلفزيون أو راديو تتفرع عنه أسلاك “التربيط” باتجاه النوافذ لتقوية الإشارة .

وتقول أم أمجد ، ربة منزل، لتلفزيون الخبر “الجلوس في المطبخ، يعطي جو من الحميمية بين أفراد الأسرة، وتجتمع كل حنية الأم في هذا المكان، فأنا أشعر باختلاف الطعم، أثناء الطبخ عند وجود أطفالي حولي في المطبخ، عن وقت غيابهم” .

وتتابع أم أمجد “في الشتاء تزداد رغبتنا في الجلوس بالمطبخ، وخاصةً أن بعض المأكولات نستطيع طهوها في الـ”صوبيا” كالبطاطا المشوية مع البصل، أو فوقها كشوربة العدس، وكذلك تحميص الخبز عليها، وهذا يصنع جو دفء حقيقي” .

منظر البخار المتكاثف على النافذة التي تطل على الحارة الباردة، من المستحيل نسيانه، بهذه الجملة بدأ أحمد حديثه، والذي شرح فيه عن أيام الدراسة على طاولة الطعام وسط المطبخ، مضيفاً مع ضحكة حقيقية “الرياضيات مع رائحة الزيت والثوم تصبح أسهل” .

وتتحدث فدوى، إحدى بنات أم علي الأربعة “عند عودتنا من المدرسة أنا وإخوتي، نسارع بالدخول الى المطبخ لمعرفة طبخة اليوم، التي غالباً نشمها من “راس الحارة”، ونبدأ بتذوقها قبل نضجها، لنسمع أمي تقول “سكتوا جوعكن بشو ما كان ولا تنزعوا أكلكن”، فالمطبخ هو وجهتنا الأولى بعد عودتنا .

وتعطف ندى على حديث أختها فدوى فتقول “ملخص ما يجري معنا في كل يوم، تتم تلاوته في المطبخ، أثناء “تسكيت الجوع” ريثما يجهز الطعام، وأنا أشعر بنقصان جزء هام من يومي إن عدت ولم أرى أهلي مجتمعين هناك” .

أما أبو رياض، البالغ 63 عاماً، يقول “كل يوم منذ 40 سنة وأنا أشرب قهوتي مع أم رياض، في هذا المطبخ، واعتدنا ذلك لأن المطبخ هادئ وبعيد عن غرف نوم الأطفال، لكي لا نزعجهم أثناء نومهم بصوت “خربشة” الراديو” .

اليوم بدأت تختفي هذه العادات، بشكل تدريجي بسبب ضيق الوقت، وتسارع عجلة الحياة، وسفر معظم أفراد الأسرة، وهذا الأمر مخيف بالنسبة للذين حفرت بذاكرتهم وتفاصيل يومهم هكذا حالات، فاليوم نستطيع أن نسأل أنفسنا، ماهي الذكريات الدافئة التي سيقصّها جيل اليوم حينما يكبر ؟.

حتى أن تصميم البيوت هذه الأيام صار مختلفا، ولعل “المطابخ الأمريكية”، لن تستطيع أن تحل مكان المطبخ التقليدي، رغم جمالها، وحداثتها، ففعلاً “الرياضيات مع الزيت والتوم أسهل” من الرياضيات في غرفة مع موبايل وألف وسيلة تسلية .

يزن شقرة _ تلفزيون الخبر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى