كاسة شاي

13 عاماً على الغياب والأدب “الماغوطي” باقٍ .. في ذكرى وفاة محمد الماغوط

كنت حينها في السنة الأولى من سنوات دراستي الجامعية في كلية الآداب (قسم اللغة العربية) حين قال لنا دكتور النحو والصرف: “اليوم غادرنا أحد جهابذة الأدب السوريين ومن كان لهم سمة أدبية خاصة ميّزته”، ليردف موضحاً “الشاعر محمد الماغوط توفي اليوم، ٤ نيسان 2006”.

هذا ما قالته رزان، 30 عاماً، تعمل مدرسة للغة العربية في مدارس دمشق، كتمهيد لإجابتها على سؤال تلفزيون الخبر: “كيف تعرفتي على الشاعر محمد الماغوط”، لتسرد بعدها كيف ذهبت للبحث والتقصي عن هذه الشخصية التي أثار حديث أستاذها عنها فضولها للتوسع فيها.

“ضيعة تشرين، شقائق النعمان، غربة، كاسك يا وطن، خارج السرب، العصفور الأحدب، والمهرج”، هي عروض مسرحية لا تخلو من ذاكرة المسرح العربي، للشاعر والكاتب المسرحي السوري محمد الماغوط.

ولد محمد الماغوط في سلمية بمحافظة حماة عام 1934، ونشأ في عائلة شديدة الفقر حيث كان أبوه فلاحاً بسيطاً طوال حياته، ودرس الماغوط بادئ الأمر في الكتّاب، ثم انتسب إلى المدرسة الزراعية في سلمية حيث أتم فيها دراسته الإعدادية.

وانتقل بعدها إلى دمشق ليدرس في الثانوية الزراعية، ليتركها ويعود إلى سلمية، وبعد عودته انتسب إلى الحزب السوري القومي الاجتماعي دون أن يقرأ مبادئه.

ومما رواه الماغوط عن ذلك أن “حزب البعث كان في حارة بعيدة في حين كان القومي بجانب بيته وفيه مدفأة أغرته بالدفء فدخل إليه وانضم إلى صفوفه، ولم يدم انتماؤه طويلاً”.

في هذه الفترة عمل الماغوط فلاحاً وبدأت بوادر موهبته الشعرية بالتفتح فنشر قصيدة بعنوان “غادة يافا” في مجلة الآداب البيروتية، بعدها أدى خدمته العسكرية في الجيش حيث كانت أوائل قصائده النثرية قصيدة “لاجئة بين الرمال” التي نُشِرَت في مجلة الجندي، وبعد إنهاء خدمته العسكرية استقر الماغوط في السلمية.

سلمية ودمشق وبيروت كانت المحطات الأساسية في حياة الماغوط وإبداعه، عمل في الصحافة حيث كان من المؤسسين لجريدة تشرين، كما عمل رئيساً لتحرير مجلة الشرطة، واحترف الأدب السياسي الساخر، وألف العديد من المسرحيات الناقدة التي لعبت دوراً كبيراً في تطوير المسرح السياسي في الوطن العربي.

في بيروت، نشأت بين الماغوط والشاعر بدر شاكر السياب صداقة حميمة، فكان السياب صديق التسكّع على الأرصفة، وفيها أيضاً تعرّف الماغوط في بيت أدونيس على الشاعرة سنية صالح التي غدت في مابعد زوجته.

احترف الماغوط الأدب السياسي ووظّفه في مؤلفاته المسرحية التي لعبت دوراً كبيراً في تطوير المسرح السياسي، ليظل اسمه واحداً من أهم رواد قصيدة النثر في الوطن العربي، حيث امتلأت نصوصه بحب الوطن والثورة وانتقاد سلبيات الأنظمة العربية.

وتعد مسرحية “غربة” من روائع المسرح العربي الهادفة، حيث قُدِّمت في إطار اجتماعي سياسي، وسلطت الضوء على واقع الوطن العربي، في فترة السبعينيات في إطار كوميدي ساخر.

انضم الماغوط إلى جماعة مجلة “شعر” وتعرف من خلالها على الشاعر يوسف الخال، الذي احتضنه في المجلة بعد أن قدمه أدونيس للمجموعة، كما ترك الماغوط إرثاً كبيراً من المؤلفات في الشعر والمسرح والأدب.

ونال الماغوط بسبب هذا الإرث العديد من الجوائز والتكريمات، وكان آخرها جائزة سلطان بن علي العويس الثقافية للشعر عام 2005، وفي ظهيرة 3 نيسان 2006 رحل محمد الماغوط عن عمر يناهز 72 عاماً بعد صراع امتد لأكثر من عشر سنوات مع الأدوية والأمراض عندما توقف قلبه عن الخفقان وهو يجري مكالمة هاتفية.

أما اليوم وبعد غيابه، يتساءل كثيرون عن حجم الإضافات الأدبية التي كان سيبدعها الماغوط فيما لو انتظره الموت خمس سنوات فصلت وفاته عن بداية الحرب في سوريا.

تلفزيون الخبر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى