موجوعين

يعملون في لبنان وعائلاتهم في سوريا .. ظروف صعبة للحصول على لقمة عيش نظيفة

هم ليسوا نازحين ولا مهاجرين أو هاربين، لكن ظروف الحياة الصعبة في بلدهم وقلة فرص العمل ورخص اليد العاملة، دفعتهم إلى ترك عائلاتهم، بحثا عن أي عمل مهما كان صعبا يؤمن لهم حياة مقبولة .

ليست حكايتهم جديدة، فالبعض منهم يعمل في لبنان منذ سنوات عدة، وحتى قبل اندلاع الحرب في سوريا، وقبل فرض مجموعة الشروط التي صعّبت عليهم العمل في بلد غير بلدهم، فوق صعوبته.

ويروي أبو خضر لتلفزيون الخبر، الظروف التي دفعته إلى العمل في لبنان ” أعمل ومعي مجموعة من الشباب السوريين في أعمال البناء والزراعة وغيرها مما يتوفر لنا، ورغم صعوبة العمل في أحيان كثيرة إلا أن الأجور هنا تبقى أفضل بكثير من الأجور في سوريا إذا ما عملنا في نفس الظروف”.

ويضيف ” أغلب العاملين هنا لم يكملوا تعليمهم، لكن خلال سنوات الحرب أصبح حتى خريجو الجامعات من الشباب يأتون إلى لبنان للعمل بسبب عدم قدرتهم على إيجاد عمل بشهاداتهم في سوريا”.

وينوه “نحن جميعا جئنا إلى لبنان وقبلنا بالابتعاد عن أسرنا وأهالينا بسبب عدم وجود فرص عمل تؤمن لنا حياة كريمة في بلدنا، وزادت الحرب من سوء الأحوال الاقتصادية الأمر الذي جعل الكثيرين منا يقبلون بأي عمل في لبنان “.

ورغم قرب لبنان من سوريا، فأبو خضر لا يسافر لزيارة أسرته “سوى مرتين في العام وأحيانا ثلاث مرات، وذلك بحسب العمل الذي يقوم به، ووفق تعامل صاحب العمل معه “، والتي يصفها بالجيدة، مؤكدا أنه “مثلما تُعامل الآخرين يعاملونك”.

“أتمنى أن أبقى قريبا من عائلتي، لكنني أيضا أتمنى ألا ينقصهم شيء، وأن أستطيع تلبية كافة طلباتهم، ولهذا أتحمل التعب والبعد والظروف الصعبة التي فرضت على العمال السوريين في السنوات الأخيرة”، يقول لتلفزيون الخبر.

عمل أبو خضر في لبنان سنوات طويلة، قبل زواجه، وعلى فترات متقطعة خلال حياته، ويشير بفخر إلى أنه كان أحد البنائين الذين عملوا في إعادة إعمار ” السراي الحكومي الكبير في لبنان في التسعينات”.

بدوره يقول حسن، وهو شاب عشريني يعمل في لبنان منذ ثلاث سنوات ” استفدنا من فرق الدولار خلال سنوات الأزمة، فارتفاع سعر الصرف ساهم في زيادة دخلنا عند تحويل الدولار إلى الليرة السورية، رغم صعوبة تصريفه في بعض الأحيان”.

ويعتبر حسن أنه “على الأقل أستطيع الآن التفكير بالزواج وتأمين منزل، وهذا كان حلما بعيد المنال لو بقيت في سوريا”.

ولا يخفي حسن ألمه فيقول ” أعيش هنا مع شباب آخرين أحوالهم مشابهة لحالي، نحن لسنا فارين من الجيش أو مهاجرين لكننا نتحمل كل شيء لنحصل على لقمة نظيفة”.

ويشير حسن إلى أن ” الكثير من شباب لبنان لا يرضى بالعمل الذي نقوم به ، وهذا ما يجعل العمالة السورية مرغوبة، فهي رخيصة وليس لها مطالب ، نحن نسكن في أي مكان يقدمه لنا أصحاب العمل أو نستأجر في مكان رخيص، ونعتني به كما لو كان بيتنا، لكننا نعلم أن لنا بيوتا وعائلات تنتظرنا على بُعد بضعة كيلومترات منا”.

وفرضت الدولة اللبنانية العديد من الشروط على العمال السوريين خلال سنوات الحرب فحددت مجالات عملهم، بسبب كثرة أعداد السوريين في لبنان، وفرضت وجود كفيل لبناني (صاحب العمل)، للسوريين للقبول بإقامتهم وعملهم على أراضيها، وحددت رسوما للإقامة.

ثم عادت وألغت العديد من هذه الشروط وعدلت بعضها، وحصرت الكفالة بالشركات العاملة فعليا، بعد أن تحولت الكفالة إلى تجارة من قبل الشركات الوهمية وأصبحت ” تباع” من قبل السماسرة على الحدود وفي المطارات.

أعداد كبيرة من شباب الساحل السوري على وجه الخصوص، اتجهت وتتجه إلى لبنان سنويا للعمل، ورغم قرب المسافة جغرافيا، يبقى اسمها “غربة” في نظرهم.

رنا سليمان _ تلفزيون الخبر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى