العناوين الرئيسيةع البال

“يابياع العنب والعنبية” .. كيف وصلت تهويدة الطفولة إلى أمهاتنا ؟

“يلا تنام يلا تنام لدبحلا طير الحمام”، نعم هي الأغنية أو التهويدة الفيروزية التي رددتها ملايين الأمهات بينما كن تجمعن كل ما في العالم من أمومة صادقة لتحطن بها أطفالهن، “يلا تنام” هي المقطوعة التي كبرت معنا دون أن نعلم أن خلف تلك الأغنية مأساة إنسانية حدثت في مدينة معلولا.

حيث نقل حادثة هذه الأغنية أستاذ اللغة الآرامية جورج رزق الله، ابن معلولا، إلى مشروع التوثيق البصري عام 2014.

يقول رزق الله في توثيقه “وقعت أحداث تلك القصة المؤلمة في معلولا، مع فتاة في العاشرة من عمرها خطفت من بيت أهلها، بينما كانوا يلملمون أرزاقهم من المشمش والخوخ في الوديان البعيدة”.

حيث جاءت مجموعة من البدو وجابت ساحات المدينة وبيوتها، فوجدوا فتاة وحيدة في منزلها وكانت أخت الشماس عيسى في ذلك الوقت، خطفوا الفتاة ابنة السنوات العشر.

بحث أهل الفتاة عن فقيدتهم بحرقة وألم في كل مكان، ولم يفلحوا بمعرفة مصيرها، إلى أن مر زمن وسنين طويلة وبينما كان رجل من معلولا “جبل الحلو” يبيع العنب والتين في ديار تلك القبيلة، التي خطفت الفتاة تعرفت عليه الفتاة لكنه لم يعرفها.

وما كان من الفتاة إلا أن ارتجلت، حينها، أبياتاً هي مزيج من الآرامية المعلولية والعربية للفت انتباه الرجل، وطلب النجدة منه، ليتعرف إليها، دون أن تلفت نظر القبيلة.

وبدأت تغني لدى مرور البائع تحت شباكها وهي تهدهد لطفلها “وليس طفلتها كما ورد في أغنية السيدة فيروز ” المقطوعة الآرامية: “هيو هيو يالبني يالمزبن عنبي …مليه لبي ملي لمي

نغبوني العربي..بايثح كم الكليسا..حوني شموسا عيسى..بقرتنا حمرا نفيسة..وكلبنا اسلك سلوك..يالله ينام يالله ينام..لادبحلو طير الحمام”، وفقاً للتوثيق.

بينما كان المعنى بالعربية “هييي .. هييي يا بياع العنب.. خبر ابي وخبر امي.. خطفني العرب.. بيتنا بجانب الكنيسة وأخي الشماس عيسى.. وبقرتنا حمراء سمينة.. وكلبنا نحيف سلوقي”.

رددت الفتاة التائهة أغنيتها ليفهم البائع المعلولي مغزى الكلام، وليتعرف بالتالي عليها، حيث قام بنقل رسالتها إلى أهلها، متلهفاً لإخبارهم بمكانها وأنها حية ترزق.

وعندما اتجه الأهل إلى تلك الديار لاسترجاع ابنتهم، لم يجدوا أحداً، إذ كان أصحاب الدار قد رحلوا إلى مكان آخر.

وبقيت الحسرة في قلوب الأهل وخلدت ذكراها تلك الكلمات البسيطة العميقة المليئة باللهفة والأشواق، لتصل بعد حين دندنة تلك الفتاة إلى الأخوين رحباني حيث أعادا صياغتها وغنتها السيدة فيروز.

“يا بياع العنب والعنبية.. قولوا لأمي وقولوا لبيي.. خطفوني الغجر من تحت خيمة مجدلية.. ع التيشتشي التيشتشي والخوخ تحت المشمشمي.. كل ماماهب هب الهوى لأقطف لريما مشمشي.. هي هي هي لينا.. دستك لكنك عيرينا.. تنغسل تياب ريما.. وننشرهن عل ياسمينا”.

تلفزيون الخبر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى