كاسة شاي

هموم الشتاء وبرده يتناساها السوريون بأكلة ساخنة

هموم الشتاء لدى السوريين تكاد لا تنتهي، وأهمها تأمين وسيلة للتدفئة، في ظل ارتفاع أسعار هذه الوسائل على اختلاف أنواعها، في حال توافرها، وارتفاع أسعار الملابس الشتوية، فيأتي الطعام الساخن ليمنح بعض الدفء والطاقة، فللشتاء أكلاته الخاصة ايضاً.

ويعرف عن المطبخ السوري تنوعه وتعدد أشكاله، وتفننت الأم السورية في إبداع أصناف تخصص للفصل البارد ، غنية بمكونات تغذي وتعالج أمراض الشتاء في آن معاً، فتأتي خفيفة على المعدة والجيب في ظل ارتفاع أسعار المواد الغذائية خلال سنوات الحرب.

وعن الأكلات السورية التي تنتشر في الشتاء تقول أم سمير لتلفزيون الخبر، ” يطلبون مني دائما أن أطبخ لهم “الكشك” وهي أكلة تصنع بشكل مختلف في كل منطقة”.

وتابعت ” نحن نقوم بعجن البرغل واللبن الحامض وتشميسه جيدا في الصيف ثم نحتفظ به على شكل كرات مملحة ك “مونة للشتاء”، وفي الشتاء نقوم بغليها ونضيف إليها البصل وأحيانا الفلفل الأحمر، وهي أكلة تدفء الجسم وتغذيه وليست مكلفة”.

وتضيف السيدة السورية ” أطبخ أيضا في الشتاء “الخبيزة” وهي نوع من الخضراوات تنمو وتكثر شتاء وبعد سقوط المطر، أضيف لها البرغل وأطبخها أيضا على صوبية الحطب ويطلب مني أولادي أن اطبخها بالصاج وهي أكلة مغذية جدا وسهلة التحضير”.

ومع عودة استخدام الحطب وسيلة للتدفئة في كثير من قرى الريف السوري، خلال سنوات الحرب، وتزامن الشتاء مع أزمات انقطاع الغاز والكهرباء، على مدى 8 سنوات، أصبحت المدافئ في بعض المناطق تستخدم أيضا لطهي أنواع مختلفة من الاكلات الشتوية التي تمنح الدفء والطاقة ولا تثقل على جيب المواطن في نفس الوقت.

“الحطب يعطي الطعام نكهة مختلفة”، يقول أبو سمير، “حتى لو كان الغاز متوافراً، أفضل الطعام المطهو على صوبية الحطب، في الشتاء، فنوفر الغاز من جهة ونحصل على طعام ساخن ولذيذ “.

وتؤكد زوجته “اعتدت منذ سنوات على وجود صوبية الحطب في مطبخي، بالإضافة إلى الدفء الذي تعطيه للمطبخ الذي أقضي فيه معظم وقتي أستطيع أن أطبخ ويبقى الطعام ساخنا وجاهزا في أي وقت”.

“أكلات القمح المسلوق بأنواعها مرغوبة جدا في الشتاء كذلك” ، تعقب السيدة كريمة، “فالقمحية او “الهريسة” (كما تسمى عندما نضيف إليها الدجاج)، هي نوع من الطعام مكون من القمح المدقوق”.

وأضافت “نحن لازلنا نستخدم الجرن اليدوي لدق القمح، ويتطلب الغلي لفترة طويلة حتى ينضج وهذا ما يجعل طهوه على الحطب أفضل، كما نضيف إليه السمن العربي الذي نحضره أيضا منزليا فيعطيها نكهة محببة”.

وتذكرنا كريمة بنوع من الطعام الشتوي لا يعرفه الكثيرون يسمى “اللوف”، فتقول “اللوف عشبة سامة لا يمكن تناولها دون طبخ ، لكنها إذا ما طبخت جيدا وأضيف البرغل وزيت الزيتون والليمون تصبح أكلة شهية ومفيدة، وقد تحتاج عدة ساعات لغليها جيدا وذهاب السم عنها”.

“أصبحت طبختي أصغر” تتابع كريمة بنبرة حزن ” فالهريسة يحبها جميع أولادي، فهم لا يجتمعون في إجازة معاً إلا نادراً، واحيانا لا أحب أن أطبخ أكلة ما، أعلم أن أحدهم يحبها وهو بعيد لا يستطيع الأكل منها ، وإذا طبختها لا أقدر على تذوقها في معظم الأحيان”.

ولا ننسى “شوربة العدس” ، “مع أول نسمة باردة ، أعود إلى المنزل لأجد شوربة العدس في انتظاري”، يقول كرم ضاحكاً، ” وكأن أمي لا تصدق مجيء الشتاء فترتاح من عبء اختيار أكلة اليوم ، فتصبح شوربة العدس مرافقة لأي أكلة أخرى طوال أيام الشتاء”.

ورغم سخريته يعترف كرم ” هي أكلة لذيذة وجميعنا نحبها ونتناولها دون اعتراض”.

وتتكون شوربة العدس بشكل أساسي من العدس المجروش والأرز ويضاف إليها أحيانا بعض أنواع الخضروات أو يعصر فوقها الليمون ، وبالإضافة إلى غناها بالفيتامينات تعتبر وصفة جيدة للرشح والكريب، عادة ما تكون أولى الوصفات الطبية لأمراض الشتاء.

ويواجه السوريون البرد أيضا بمشروب ساخن شهير يدعى ” السحلب”، هو مسحوق أبيض يشبه الطحين سهل التحضير ، وله قيمة غذائية عالية، ويتم تزينه بالمكسرات والقرفة.

وللحلويات نصيبها فهي أكثر ما يمنح الطاقة ، وتقول سعاد ، وهي سيدة دمشقية، “في الشتاء نحضر الكراوية وهي نوع من الحلويات معروف جدا في الشام، ويقدم خاصة عند الولادات، وتتكون من الأرز والقرفة واليانسون وتزين بالجوز والفستق الحلبي واللوز”.

تغيرت العادات بعض الشيء خلال السنوات الأخيرة، فانتشار مطاعم الوجبات الجاهزة وسفر الأولاد أو عملهم في مكان بعيد، أفقد الطعام المنزلي نكهته الحميمة، خاصة بالنسبة للأمهات السوريات اللواتي ينتظرن غائبا يفتقد أكلة من صنع أيديهن، باردة أو ساخنة.

رنا سليمان _ تلفزيون الخبر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى