العناوين الرئيسيةمجتمع

هزمت “هداك المرض”.. (أم أكرم) ناجيةٌ حاربت سرطان الثدي بروحٍ وردية

بوجهٍ باسمٍ، وشعرٍ أبيضَ أزهرَ في رأسها بعد غيابه فترات طويلة مع العلاج الكيمائي، تتحدث السيدة سلام سليمان، أو” أم أكرم” كما تحب أن تُنادى، عن قصتها مع سرطان الثدي وتغلبها عليه.

“من طقطق للسلام عليكم” 

تتحضّر” أم أكرم” لبدء حديثها المفعم بطاقة إيجابية تبعث العجب في نفس المتلقي، بانتظار فنجان القهوة أن يمتلئ على شرفة منزلها في بلدة “قريات” بريف تلكلخ.

“هادا يا ابن الحلال كلو بالصدفة”، بدأت “أم أكرم” جملتها التي اختصرت بها لتلفزيون الخبر معرفتها بوجود خطبٍ ما في الثدي، مضيفةً” شعرت بوجود كتلة مريبة ولم أتردد لحظة بالقول لابنتي التي لم أسرعت بأخذي إلى المستشفى لفحصها”.

“حسيتْ الزمن وقّف”، تقول أم أكرم لتلفزيون الخبر، وهي تصف لحظة معرفتها بالخبر الذي أثار قلقها، قائلة “لا أدري كيف أشرح لك تلك الثواني واللحظات الأولى، كنت في صدمة وصمت مطبق”.

تأملت “أم أكرم” في الأفق البعيد، وكأنها تستذكر ما حصل، و تابعت” صارحني الطبيب المختص بأنني مصابة بشكل من أشكال سرطان الثدي، وانتشر بالعقد الليمفاوية، مع تأكيده على ضرورة البدء بالعلاج الكيماوي فوراً “.

معيار الأنوثة..فقدان قطعة ليس بالامر السهل

” رح ضل مرا ؟ مع مليون سؤال دار ببالي”، تشرح أم أكرم ما دار في ذهنها، وهو حسب قولها “يدور في ذهن كل النساء اللواتي يكنّ على بعد دقائق من خسارة عضو تراه كل النساء معيار الأنوثة”.

وتتابع” لا اخفيك سراً، شعرت بجرح في كبريائي، وصدمة عاطفية، رغم عشرات التطمينات من حشود المحبين والأهل في المشفى، إلا أن شعور غريب انتابني لا يمكنني وصفه بشكل دقيق”.

بدأت المعركة..

“أبشع شي هو الجرعات”، ولعلّ “أم أكرم” اختزلت شعور كل من أصيبوا بالسرطان، وقالت” تأخذك الجرعة إلى عالم آخر من الألم، لكنني كنت قد قررت المواجهة والكفاح، مع يقيني بضرورة هزم السرطان قبل أن يهزمني”.

” تعبت كتير أول يومين”، تقول أم أكرم، مع شعور عام بالتعب والإقياء والدوار، بعد استئصال أحد الثديين، الا أن جسدي تجاوب مع العلاج الكيماوي، لأنني امتلكت الشجاعة لإجراء العملية وبدء العلاج بسرعة، وهذا ما أنقذ حياتي”.

ومع فنجان قهوة ثان تملؤه، قالت أم أكرم لتلفزيون الخبر” تحليت بالإيمان طوال رحلتي مع سرطان الثدي، مع مروري بالكثير من الأوقات العصيبة التي أعانني الله على تجاوزها، التي كان أصعبها هو السفر المتكرر إلى مشفى البيروني بريف دمشق لتلقي الجرعات”.

العائلة والمحبين..دواءٌ روحي

“عوني وسندي بالمرض”، مع نظرة تأكيدية من “أم أكرم” على دور أولادها وأخواتها ومحبيها، في مساعدتها خلال رحلة العلاج الطويلة حتى شفائها.

تقول أم أكرم” ليال كثيرة قضتها ابنتي “ميساء” بجانبي في المشفى، إضافة لاهتمامها الدائم بي في منزلها، مع جو الإيجابية الدائم الذي وفرته لي مع أحفادي اللذين أحبهم بشدة، كما أن إخوتي واخواتي لم يتركوني أبدا ً ويبقون على تواصل دائم معي حتى بعد شفائي”.

استراحة محارب ما بعد الشفاء

تشير بيدها إلى أراضيها البعيدة في بلدة “حالات”، مع شرحها لكل أرض وما زرعت فيه مع زوجها الراحل، أراض تقول أن روحها معلقة بها وصار بينهما “خبز وملح وليمون وتفاح”.

تقول أم أكرم لتلفزيون الخبر” شعرت طوال رحلة علاجي بشوق كبير لمنزلي وأرضي، كدت أختنق من الغرف المغلقة في المشفى، أو في مدينة حمص، حيث اعتاد قلبي على تنفس الهواء النظيف، وعيناي على رؤية الأفق والسماء، لا الأسقف الصامتة”.

لتتحول نبرة حديثها الحزينة إلى راحة انعكست في وجهها مع وصولها للجزء الذي عادت فيه إلى قريتها، قائلة” تزوجت هون وعشت هون وروحي هون”، وما إن استعدت قوتي وعافيتي حتى عدت للاهتمام بالأرض وجني المحاصيل التي تركها لنا زوجي” أبو أكرم” رحمه الله.

الأمل دواء يماثل الكيماوي

“التفكير يقتل صاحبه”، قول مأثور متداول في بعض القرى، استخدمته “أم أكرم” للدلالة على أهمية التمسك بالأمل أثناء العلاج.

تداعب أزهار ورودها المزروعة في أحواض حديدية على الشرفة، متحدثة عن تعجب زوارها ما بعد استئصال أحد الثديين، حيث قام وفد طبي مختص بمرض سرطان الثدي بزيارتها في المنزل للكشف عليها.

تقول “أم أكرم” لتلفزيون الخبر” اقترحت علي إحدى الممرضات اللواتي كن مع الوفد بأن أتجول معهم في زياراتهم التوعوية إلى القرى، نظراً للروح الإيجابية التي امتلكتها، حيث أن الأمل هو سلاح ناجع لمواجهة السرطان كما يفعل العلاج الكيماوي”.

النصيحة بجمل..وبحياة

” ويلي، يلي بقلك ما بخوّف بكون كذاب”، تقولها أم أكرم صراحة دون أي تجميل لهول الإسم كما تقول، مضيفة” مجرد أن تسمع كلمة سرطان حتى ينتابك الخوف لدرجة أننا نقول” هداك المرض” للرعب الذي يسببه.

وتتابع” لكن هول الإصابة واستئصال الثدي، ليس مرعباً قدر الموت نفسه، فالجميع يخافه ويرغب إطالة عمره قدر ما يستطيع إن كتب الله ذلك، لذلك فمن واجبي ومحبتي لكل النساء أن أقدم لهم النصيحة الأفضل”.

وأردفت” على كل امرأة أن تتابع صحتها وتكون يقظة بشأن الكشف عن سرطان الثدي دون تجاهل الحملات كما تفعل الكثيرات، حيث لا عيب ولا خجل باستشارة طبيب مختص إن لاحظتي أي تغيرات على ثدييك، كوجود تكتل أو تغيرات جلدية، وإجراء تصوير الثدي للإطمئنان وسرعة العلاج في حال الإصابة لا قدر الله”.

أكتوبر الوردي..شهر الوعي تجاه السرطان

تقلّب أم أكرم عشرات الصور بين يديها، عائدةً بذكرياتها لسنوات الشباب مع سردها لمكان وتوقيت كل صورة وكأنها التقطت منذ دقائق، قائلة” العمر قصير يا ابني”، ودوركم كبير في التوعية والإرشاد كي لا تصاب أي امرأة بسرطان الثدي.

وتتابع” كنت أسمع عن شهر أكتوبر وعلاقته بسرطان الثدي، إلا أنني وبعد شفائي، أصبحت من المساهمات بنشر هذه الثقاقة بين أوساط النساء في بلدتي وأينما كنت.

وبضحكةٍ مع تلمس الشعر الأبيض القصير على رأسها، ختمت أم أكرم لتلفزيون الخبر” اسمح لي أن أغير المثل الشعبي قليلاً حتى أقول” ألف كلمة حسن صبي ولا الله يرحمو”، لتودعنا أمام منزلها قائلة” تضلو بخير بأكتوبر وكل شهور السنة”.

عمار ابراهيم-تلفزيون الخبر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى