محليات

هجرة الأطباء السوريين … الأرقام على أرض الواقع تخالف أرقام التصريحات الرسمية

رغم الحديث عن هجرة الأطباء الذي تداولته وسائل الإعلام بكثرة، وعن نسبة الأطباء الذين بقيوا والذين سافروا، مازالت الأرقام التي تقدمها نقابة الأطباء تختلف عن الأرقام الموجودة على أرض الواقع.

وعانت سوريا خلال سنوات الحرب من هجرة الأطباء السوريين إلى مختلف الدول الأوروبية، وخاصة ألمانيا التي كانت البلد الأكثر استقبالاً للأطباء السوريين بمختلف اختصاصاتهم.

وفي حديث لتلفزيون الخبر مع أحد الأطباء في مستشفى المواساة بدمشق قال إن المستشفيات بجميع أقسامها وشعبها تعاني من نقص في عدد الأطباء، وذلك بسبب الهجرة بشكل مباشر.

وأوضح ” بمراجعة مفاضلات القبول للاختصاص في وزارة التعليم العالي على مدى السنوات الأربع الماضية تبيّن أن عدد الاطباء المطلوب في شعبة الداخلية العصبية هو 3 على الأقل في كل سنة، بينما لا يوجد حالياً سوى طبيب مقيم واحد سنة ثالثة وآخر سنة رابعة ولا يوجد اي طبيب سنة خامسة”.

وتابع “الأطباء المداومين في اختصاصهم بشكل ثابت أي من السنة الثالثة فما فوق، يقدمون الخدمة النوعية الاختصاصية للمرضى ونسميهم اصطلاحاً أطباء اختصاص فرعي أو فرعيين، ومنهم “أذن داخلية عصبية” يوجد طبيبين ويجب أن يكونوا 9 أطباء”.

وأضاف “الداخلية الإنتانية (وهو اختصاص مهم جداً وتحتاجه كل شعب المشفى) تراوحت الأعداد المطلوبة بين الـ 4 والـ 8 أطباء بينما الموجود فعلياً هو طبيب سنة رابعة وطبيبة خامسة وطالب دكتوراه فقط أي يوجد طبيبين من أصل 12”.
وبيّن “الأعداد المطلوبة في قسم الداخلية الصدرية بين 3 و 8 الموجود فعلياً 6 من أصل 9 على الأقل، و أمراض الدم المطلوب 4-8 الموجود فعلياً 6 أطباء من أصل 12 يجب أن يكونوا سنة ثالثة و رابعة وخامسة على الاقل”.

وعن جراحة الأطفال “يوجد في السنة الثالثة طبيب واحد من أصل 6 حسب العدد المطلوب بمفاضلة 2013-2014 و 2 سنة رابعة من أصل 3 مطلوبين بـ 2012- 2013، و لا يوجد أي طبيب سنة خامسة، بينما مجموع اطباء الداخلية عامة وفرعية اللذين بدأوا بالدراسات العليا سنة 2015 كان 120 و في نهاية السنة أصبح العدد 62 فقط والباقي معظمهم هاجروا”.

وتابع “هذا ما يدل على هجرة أعداد كبيرة من الأطباء خلال السنتين الاولى من الاختصاص، وبعد حصولهم على الدراسات العليا، بحيث أصبحت سوريا تعاني من نقص كبير في أعدادهم بمختلف الاختصاصات، نتيجة لعدم قدرة الطبيب في ظل الحرب وغلاء الأسعار الاستمرار في ظروف عمل قاسية جداً ومغريات تقدمها الدول الاوروبية لحياة أفضل”.

وأوضح مصدر طبي لتلفزيون الخبر “الأطباء المذكورون يغطون حاجة كل مشافي التعليم العالي في دمشق وهي المواساة والأسد الجامعي والأطفال والتوليد والبيروني، ويصل عدد ساعات دوام الطبيب الى 130 ساعة في الأسبوع وهو دوام مجهد يتضمن التعامل مع مرضى بحالات حرجة ووفيات كثيرة لا بد منها، بالمقابل يتقاضى الطبيب المقيم راتبا ًلا يتجاوز 32 ألف ليرة بعد آخر زيادة”.

وكان نقيب أطباء سوريا عبد القادر حسن صرح مؤخراً لتلفزيون الخبر أنه لا يوجد أي نقص في اختصاص طبي في سوريا، وتستطيع المشافي تلبية حاجات المواطنين الصحية بمختلف الاختصاصات، رغم هجرة عدد من الأطباء لكن الأرقام المتوافرة لدينا تؤكد أن سوريا ما زالت منتجة وليست هرمة في هذا المجال.

كما أن الاطباء المقيمين والعسكريين ممنوعين من ممارسة أي عمل أضافي و”عايشين” على الراتب يدفعوا رسوم سنوية (تعادل راتب شهر عالاقل) اكثر من الاطباء القديمين الذين يحصلون على مبالغ كبيرة في عياداتهم الخاصة”.

و كان نقيب أطباء سوريا صرح أن معظم الأطباء هم من الشباب، و ما زالت تحتفظ بالكثير من كوادرها الطبية البالغ عددهم 31 ألف طبيب من مختلف الاختصاصات، و هناك الكثير من المغريات عرضت على الكثير من الأطباء من عدد من الدول العربية وخاصة الخليجية للعمل فيها، بأجور مرتفعة إلا أنهم رفضوا.

وفي سياق متصل قال المصدر لتلفزيون الخبر “يعاني سكن المدينة الجامعية من سوء الخدمة، خاصة الحمامات القذرة تمطر مياه مجارير على رؤوس الأطباء والغرف موبوءة ببق الفراش، بالإضافة لطعام المطعم الرديء”.

وتابع “أما الطبيب المتزوج فيحتاج الى ثلاثة أضعاف هذا الراتب ليضمن الحد الادنى من الحاجات الأساسية، خاصة أن الأغلبية مهجرون وبحاجة لاستئجار بيت بسعر لا يقل عن 40 الف ليرة في الشهر”.

ويتراوح راتب طالب الاختصاص حسب المجلة الطبية الألمانية ärzte blatt التابعة لنقابة الأطباء بين الـ1800 والـ 2400 يورو بعد خصم الضرائب، يتضمن العمل مناوبات إلزامية، وأي مناوبة إضافية يقوم بها الطالب يتراوح سعرها بين 60 إلى 200 يورو، حسب التوقيت والتاريخ وحسب المشفى الذي يُجري فيه الاختصاص.

وكان نقيب أطباء سوريا أوضح مسبقاً أن النقابة لا تملك إمكانية مادية لمساعدة الأطباء الذين تضرروا في الأزمة، ذلك أن مالية النقابة تقوم على الرسوم النقابية، التي باتت قليلة جداً، فأكثر من 9 محافظات لم تعد تسدد الرسوم، إما بسبب صعوبة وصول الأطباء للفروع أو بسبب عمليات التخريب فيها، وهذا ما سبب نقصاً في الوارد المقدم لخزانة التقاعد

ووفق آخر إحصائية نشرتها المجلة الطبية على موقعها في العام 2015 ” عمل في ألمانيا عام 2013 أكثر من 31230 طبيباً أجنبياً، بينهم 1236 سورياً، وهم الفئة غير الأوروبية الوحيدة المشمولة بين أول ثماني جاليات أفصح عنها الإحصاء، ومن المتوقع تضاعف عدد الأطباء السوريين خلال السنوات القادمة حسب المجلة، التي لفتت إلى زيادة الأطباء السوريين بين عامي 2012 و2013 بنسبة 172% .”

وكانت دراسة أجراها مركز “فيريل” للدراسات ببرلين، في سوريا خلال شهر أيار 2016 قالت إن أكثر من 1100 طبيب واخصائي سوري هاجروا إلى ألمانيا خلال سنوات الحرب، بحيث تراجع عدد الكادر الطبي في سوريا ابتداءً من عام 2011، من أطباء وممرضين وفنيين، وخسرت سوريا آلاف الأخصائيين والأطباء ذوي الخبرة نتيجة هجرتهم أو وفاة آخرين نتيجة التفجيرات والقصف والخطف.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى