العناوين الرئيسيةسوريين عن جد

من الأرض إلى المائدة .. “تاتا ماري” قصة عطاء سورية 

من جرود قرية القلوف في ناحية عين البيضا بريف اللاذقية المعطاء، تحمل السيدة السبعينية، ماري زين،منتجاتها، وتصفّها بعناية فوق طاولة تتقدم مثيلاتها في الطرف الأيسر من “سوق الضيعة في اللاذقية.

تحجز “تاتا ماري” مكانها في السوق كما في قلوب منتظريها، ويعني وصولها للسوق غلياناً ونبضا بالحياة تحمله السيدة التي تلخص بمنتجاتها حب وعطاء الأرض وخيراتها.

تصفّ السيدة زين منتجاتها الطبيعية بعناية ومهارة، تجري عملياتها الحسابية بدقة وتوجه جيرانها في السوق وزبائن منتجاتها بصرامة وحب تختصران خبرة عشرات السنين من العمل والانتاج واستخلاص التجارب.

بأصابع رشيقة ليدين اعتادتا العمل بإتقان ترتب تاتا ماري العسل والعصائر والمربيات والمقطرات والمخللات، إضافة إلى النباتات العطرية والطبية وبعض منتجات أرضها وحديقتها الموسمية كالخضروات الورقية والليمون الحامض وغيرها.

تحكي تاتا ماري عن بداياتها التي كانت منذ أكثر من 30 عاماً بعيونٍ لامعة تستعيد معها لدقائق ذكريات الشابة التي فرضت عليها المتغيرات العائلية العمل في الزراعة لمساندة زوجها وأسرتها، وتروي بحب عن الاسم “تاتا ماري” الذي كرسته العائلة لتنقله بمهارتها وحرفتها ليصبح دليلاً على الجودة وحاملاً للتراث.

لتنقل بخبرتها الحياتية تجربتها من الزراعة إلى تصنيع منتجات طبيعية من غلال الأرض وخيراتها وتسوقها محلياً قبل أن تطور الفكرة وتخلق اسماً استند في بداياته على خبرات ماري زين ويكمل طريقه بخطوات أوسع تحت إدارة ابنها باسل الياس الذي درس الزراعة مزاوجاً بذلك بين خبرة السنين التي اكتسبها عائلياً والدراسة الأكاديمية.

تلخص تاتا ماري منتجاتها وقصة نجاحها بعبارة (نزرع نصنع ونبيع) لتلخص تجربة رائدة لا تكتفي معها صاحبة الإرادة القوية بجزء من عملية الإنتاج بل تقدم رحلة متكاملة من الأرض إلى المائدة بكل ما تحمله من صعوبات ومتعة.

يلفت باسل الياس، حامل راية تاتا ماري كمشروع يقدم منتجات طبيعية خالية تماماً من المواد الحافظة النظر خلال حديثه إلى مشكلات عدة يعاني منها المشروع أبرزها صعوبات التسويق وارتفاع كلفته، وغياب الثقافة الاستهلاكية الصحيحة التي تركز على مزايا المنتجات الطبيعية والفروقات الكبرى بينها وبين الصناعية.

صعوبات كثيرة يعاني منها هذا القطاع أبرزها بحسب الياس زيادة كلف الانتاج في المنتجات الطبيعية مقارنة بمثيلاتها من الصناعية، وعدم انفتاح المستهلك على زيادة الأسعار التي قد تحملها المنتجات للحفاظ على الجودة والأصالة.

بين اليد العاملة المحلية التي يشغّلها المشروع وارتفاع تكاليفها، وتوفير المواد الأولية الطبيعية 100% سواء عبر زراعتها أو شرائها من مزارعين محليين، يسير المشروع نحو مستقبله بخطوات بطيئة بحسب تعبير الياس لكنها واثقة.

وعن تطوير العمل قال الياس لتلفزيون الخبر ان المنتجات طبيعية وبقيت كذلك في كل مراحله، لكن التطوير شمل بعض آليات الانتاج لتبقى طبيعية وتحافظ على جودتها لكن بقدرة أكبر على إنتاج أعلى وتعبئة وتغليف بطرق عصرية.

تقف منتجات تاتا ماري اليوم على رفوف المولات والمحلات التجارية الكبرى متكئة على اسم صنعته صاحبته حبّاً بحب، كما تتواجد في سوق الضيعة باللاذقية صباح كل سبت وثلاثاء، وتتنقل في بازارات موسمية تُعرف بين مستهلكي المنتجات الطبيعية والباحثين عن القيمة الأعلى والنكهة المرتبطة بالتراث والذاكرة.

يحمل الأحبة منتجات تاتا ماري في حقائب سفرهم أينما رحلوا كما يبحث عنها الذواقة في كل مكان، لاستهلاكهم الشخصي أو كهدايا رمزية تحكي قصة سورية أصيلة من الأرض إلى المائدة السورية في كل بيت، أو في كل مكان من العالم تلون يومياتنا وتضيف اليها رابطاً خفياً مع الماضي الجميل.

 

تلفزيون الخبر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى