العناوين الرئيسيةكي لا ننسى

ما بين لحية ولحية .. الضابط طارق الشامي يبصق في وجه الشيخ عبدالله عزام

بعيداً عن الضجيج ، وكاميرات الإعلام العالمي التي لا تلتقط إلا ما يناسب قطر عدستها المنحاز نحو اليمين ، وقف عشر رجال بهامات مرفوعة ، ولحى كثة لم تتح لهم الحرب فرصة لحلاقتها ، يستمعون لقرار صدر من ” الهيئة الشرعية ” بإعدامهم ، في حلب.

ما بين لحى كثة مغبرة لرجال عافوا الحياة لأداء الواجب ، وبين لحى طويلة معطرة لرجال همهم الجنس على الأرض وفي السماء ، مسافة أكثر من ألف عام ، جسّدها اسم المتقابلين ، الضابط الشاب في الجيش العربي السوري طارق الشامي ، والشيخ في ” جبهة النصرة ” عبدالله عزام .

وقف طارق الشامي مع تسعة من رفاق السلاح ، عزلا في مواجهة رصاصات قيل أن الشيخ عبدالله عزام ، أمير النصرة ، وقع عليها بالنيابة عن الله ، وان جريمتهم هي ” الكفر ” .

لأكثر من 7 اشهر صمد طارق ورفاقه الذين زادوا عن الستين بقليل ، في مشفى الكندي ، في مواجهة الاف من المقاتلين القادمين من شتى أصقاع الأرض ، ليقيموا دولة الإسلام في بلاد الكفر ، وكأن محمد ابن عبدالله لم يقل يوما عنها أنها ” شامنا ”

لم يعد سيناريو تفجير مشفى الكندي خافياً على أحد ، لكن رجالا لم يسقطوا إلا بأطنان من المتفجرات ، وما سقطوا لكن الحجر سقط ، ونقص المؤونة والذخيرة ، لجديرون أن يكونوا أنبياء ، يوزعون صكوك البراءة على العالم المتفرج .

وقف العشرة المبشرون بالنصر في مواجهة دين عبدالله عزام ، القائم على مواجهة ” الله ” للكرواسان ، رفع سلاحه ، تكبيرات ” الغوييم ” ترتفع ، ويطلق الرصاص ، فيرتقي الشهداء ، وتسقط الكاميرات المطلية باللون الاسود .

ينشغل الإعلام بحرب ” داعش ” مع ” الدواعش ” الاخرين ، المنضوين تحت اسماء مستعارة من تاريخ لم يقدم لنا أكثر من قصائد ، ومناسف لحم لأثداء من ” لم يسبقونا بالإيمان ” ، ويمر خبر استشهاد طارق ورفاقه غريبا ، نعم هم لم ياتوا من ” تورا بورا ” ليستحقوا التصفيق ، أو حتى الشتم .

في اليوم الرابع من الشهر الأول بعد 2014 عاما على ولادة السيد المسيح على هذه الأرض ، تم إعدام عشرة من رجال الجيش العربي السوري الذين صمدوا لأكثر من 7 أشهر في وجه شياطين الأرض القادمة باسم ” الله ” لتحرير الإنسان من إنسانيته .

طارق الشامي شهيد شاب من أرض الشام ، أما قتلته فهم عبارة عن كتل لحم متنفسة ، جاءت لتزرع نطافها القذرة في أرض مباركة ، كتل لحم تتشح بالسواد ، علمها اسود ، تاريخها اسود ، ثقافتها سوداء ، اعتقدت خطأ أن ” الله ” يمكن أن يفصل على قياس ” تحت الإبط ” .

وبعد إعدامهم ، حملهم القتلة على سيارة مكشوفة ، وطافوا بهم في أحياء حلب المغلوبة على أمرها ، فرحين بما فتح ” ربهم عليهم ” ، بينما أولئك الذين اختلطت دماؤهم ، وأجسادهم ، عيونهم مشرعة للسماء، يستغربون كيف لصدرها أن يتسع لكل هذا ” التكبير ”

عبد الله عبد الوهاب – رئيس تحرير تلفزيون الخبر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى