العناوين الرئيسيةمن كل شارع

ماذا يأكل السوريون: المائدة الحلبية تختصر أصنافها .. الفروج عوضا عن اللحم.. والكبة “حيلة” بدلا من الكبب والمحاشي

في حلب لا يبدو المشهد مختلفا عن باقي المحافظات السورية، فتأثر المائدة الحلبية بارتفاع الأسعار يبدو جليا مع تراجع الطبقة الوسطى والتي تشير الدراسات إلى أنها كانت تشكل بين 60 – 80 % من شرائح المجتمع السوري.

وهناك مخاوف تهدد الطبقة الوسطى التي بدأ يقل عدد المنتمين إليها تباعاً، فأجور الكثيرين من الطبقة الوسطى لم تعد كافية لتغطية نفقات كامل أيام الشهر تزامناً مع ارتفاع سعر صرف الدولار الأمريكي مقابل الليرة السورية، مما أحدث فجوة بين الدخل الشهري للمواطن والأسعار.

في حين أشارت آخر الإحصائيات حسب المكتب المركزي للإحصاء في سوريا أن متوسط دخل الأسرة السورية يجب ألا يقل عن 250 ألف ليرة سورية وهو الرقم الذي لا تحصل على أقل من نصفه أغلب العائلات السورية، فمتوسط الدخل في سوريا حسب مؤشر Numbeo لعام 2017 لا يتجاوز 50 دولاراً شهرياً.

ذلك أجبر عائلات سورية كثيرة على تغيير نظام حياتها وتقليص حاجياتها المعيشية اليومية، فماذا يأكل الحلبيون؟

في وقت كان فيه الحلبيون يشتهرون بمأكولاتهم الدسمة والتي تعتمد بشكل أساسي على اللحوم في مكوناتها إلا أن السعر المرتفع للحوم أدى إلى تقليصها أو استبدالها بلحم الدجاج.

وباتت بعض محلات الوجبات السريعة تعتمد على الدجاج لتصنع منه ما يعرف ب “الكباب الحلبي” والذي يتكون بشكل أساسي من لحم الخاروف.

فيما كانت بعض الأطباق الرئيسية تُزين بشرائح اللحم أيضاً كاليبرق الذي يُضاف إليه شرحات من لحم الخاروف والتي ايضاً استبدلها البعض بشرحات الدجاج أو استغنى عنها ككل.

إلا أن اليوم اختلفت السفرة الحلبية مع اختلاف الظروف الاقتصادية، كما تقول ياسمين لتلفزيون الخبر: “كانت سفرة العائلة يوم الجمعة مثلاً أو في العزائم تتضمن عدة أصناف من أشهر مأكولات حلب، وجرت العادة على تقديم اليبرق مثلاً إلى جانب عدة أنواع من الكبب، فيما يبدو ذلك صعباً في ظل الظروف المعيشية الضاغطة، وباتت تقتصر السفرة اليومية الآن على صنف واحد من المأكولات قد لا يتضمن اللحم في أغلب الأحيان”.

ومن أبرز المأكولات الحلبية التي غابت عن المائدة اليومية، أكلة المحاشي والتي تحتاج في مكوناتها إلى اللحم أيضاً، وأنواع كثيرة أخرى كالكبة اللبنية والكبة السفرجلية والكبة السماقية التي تحتاج إلى عصير الرمان في مكوناتها، ويتحايل البعض على الواقع بصنع الكبة حيلة، ومن اسمها، فهي لا تتضمن اللحم وتعتمد بشكل أساسي على السميد والبرغل.

إلا أن لحم الدجاج لا يبدو حلاً بالنسبة للبعض، فتكلفته أيضاً مرتفعة مقارنة مع ما يحتاجه من إضافات كالتوابل، ومثلما غابت اللحوم عن مائدة أغلب الحلبيين غاب لحم الدجاج أيضاً كما هو الحال مع أحمد، وهو أبّ لأربعة أطفال، إذ يعتمد بشكل أساسي على البقوليات التي تأتيه من الجمعيات الإغاثية.

يقول أحمد لتلفزيون الخبر: “المعونة الغذائية من الجمعيات تكفي أسبوعين من الشهر، وبحسب مكوناتها فأغلب الوجبات اليومية تعتمد على البقوليات والمعلبات، أما بالنسبة لحليب الأطفال فلا قدرة لي على شرائه، لكن هناك جمعيات تتكفل بتأمين حليب الأطفال لفترات معينة من عمر الطفل”.

الحال مشابه مع هيثم وعائلته الذين اعتادوا على يوم واحد يأكلون فيه اللحم، ويشير هيثم إلى أن أسعار الخضروات ليست أرخص من اللحم، خصوصاً إذا كان عدد أفراد العائلة يتجاوز الخمسة أشخاص، فبذلك يحتاجون إلى كميات أكبر من الخضار ولا شك أن هذه النوعية من المأكولات تعتمد على الزيت والزيت أيضاً مرتفع السعر بحسب قوله.

فاتن مدبرة منزل، تعمل على تدبير حاجياتهم وتتجه إلى تقسيم الكيلو الواحد من اللحم على مدار أسبوع في عدد من الطبخات، وتقول فاتن لتلفزيون الخبر، “قد لا يكفينا كيلو واحد من اللحم طوال الأسبوع لكن إذا تناولنا اللحم ثلاثة أو أربعة أيام خلال الأسبوع يكون ذلك جيد جداً وذلك طبعاً أول الشهر، تزامناً مع قبض الراتب، أما لآخر الشهر وضعٌ آخر”.

ويبدو أنه في حلب تتفاوت أسعار الخضروات باختلاف المناطق، فالأسواق الشعبية في المناطق المغمورة تكون أسعار الخضروات والفاكهة فيها أرخص من الأسواق في مناطق السكن الأول مثلاً، حتى أنها تختلف من ناحية الجودة ويمكن للناظر أن يميز بين النوع الأول والنوع الثاني منها.

إلا أن الوضع يختلف بالنسبة لشخص يعيش بمفرده، أنس مثلاً طالب جامعي يسكن في حلب، ولم يعتاد على الطبخ، يقول أنس: “وجبة واحدة من الوجبات السريعة تكفيني طوال النهار ولن أحتاج أن أشتري مواد ومستلزمات الطبخ”.

لكن حالة أنس تمثل فئات قليلة من المجتمع، فيما يطال الغلاء العائلات المعدمة والمتوسطة والغنية على حد سواء بدرجات متفاوتة، ووصلت تأثيرات الغلاء على “المونة السورية” المعروفة بأنواعها، فالأزمة الاقتصادية التي تواجه العائلات الحلبية اضطرتهم لتقليص الكميات نظراً لارتفاع أسعار المواد اللازمة لتأمين المؤن.

وفيما يحاول الحلبيون التكيف مع واقع الحال، تتكيف أيضا المائدة الحلبية وما تحتويه من الأكلات المشهورة والغنية باللحم من كبة وكباب ومحاشي لتتراجع إلى أدنى مستوى مقابل الأكلات الرخيصة والخفيفة على الجيب والمعدة .

نغم قدسية _ تلفزيون الخبر _ حلب

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى