العناوين الرئيسيةمجتمع

لغزٌ لم يُفلح العلمُ في فكّه.. لماذا تنسى أمهاتنا أصناف الطعام التي نكرهها؟

تُفني الأمّ نفسها في رعاية أطفالها، وتشقى في تنشئتهم، وتربّيهم “كلّ شبر بندر”، وتتذكر كل التفاصيل التي تخصّهم، وزنَ كلّ واحدٍ منهم عند الولادة، ألوانهُ وألعابهُ المفضلة، لحظةَ حَبوِه، لحظةَ وقوفهِ الأولى على ساقين، وأولُّ كلمةٍ “تأتىء” بها في طفولته.

ويتعجبُ الأبناءُ دوماً من ذاكرةِ أمهاتهم التي لا تنسى أمراً يخصّهم مهما كان صغيراً، ويفرحونَ كلما روت لهم قصةً أو حادثةً من طفولتهم بأدقّ تفاصيلها.

وتنسى الأمهاتُ، كلّ الأمهاتِ (حسب استطلاعنا)، شيئاً واحداً فقط فيما يتعلقُ بأبنائهنّ، وكأنّه أمرٌ فطريّ، لا سبب واضح يقفُ خلفه، وهو أصنافُ الطعام التي يكرهها أولادها ولا يستطيعون تقبّلها أو تناولها، أو يتناولونها مُكرهين في أحسن الأحوال.

ولم يسعفنا بحثٌ علميٌّ، أو دراسةٌ واحدة في إيجادِ جوابٍ لهذا السؤال، سؤالٌ لم يسعَ وراء إجابتهِ أحدٌ، وكأنّ هنالك تسليمٌ جماعيٌّ لا إراديٌ بالأمر.

وقالت علا سقور لتلفزيون الخبر: “لحدّ اليوم أمي كلما طبخت “بطاطا بالفرن” أو أي طبخة تدخل البطاطا أو الملفوف في مكوناتها، تستغرب أنني لا آكل البطاطا والملفوف أساساً، والمشكلة الحقيقية إنها بتكون طابختها كرمالي!”.

وقال خالد سرحان لتلفزيون الخبر: “أمي بتطبخ مسقعة وأنا قايللها مليون مرة إني ما بحبها، فبتشهق الشهقة العجيبة بكل مرة إنو ياااي .. خالد ما بتحبها!، علماً أنها بتعرف كل تفاصيل حياتي وشو بحب وشو بكره، بس بالأكل اللي ما بحبه مستحيل”.

وقالت بشرى بايرلي لتلفزيون الخبر: “لما قلها لماما على أكلة ما بحبها بتقلي: “غريب كيف ما بتحبيا مع إنها كتير مفيدة!” وما بعرف كيف بتتوافق عندها الطيابة مع الفائدة”.

وتتابع بشرى: “لهلأ بتتفاجأ كيف ما بطيق طعمة الدهنة بالأكل، ولما بقلها عن شي “ما بحبو” بتقلي: “انتي دوقي هاللقمة وشوفي كيف رح تغيري رأيك” وكأنو انا ما بعرف طعمتا بعد كل هالسنين”.

وتضيف: “ماما عندها نفس الجمل بحذافيرها مع أخوي .. هو ما بيحب الجزر المطبوخ وهيي لازم كل مرة تقلو فيها .. تستغرب وتذكره انو الاكلة أصولها بالجزر وكأنه يعني إذا أصولها بالجزر رح يقتنع بعد ٣٠ سنة”.

وقال حيدر أبو علي لتلفزيون الخبر: “أنا ما بحب البامية والفاصوليا والسلق .. وحاولت مرةً أفهم الموضوع وناقشتها .. إنه ماما ليش كل مرة بتعيدي نفس الحكي عن الفاصوليا أو البامية أو السلق والسليق؟”.

وأضاف حيدر: “جاوبتني أمي: الجيل القديم يعني التمانينات وما قبل ما كانوا متعودين عالتنوع الكبير بالأكل وخصوصاً أكل السوق يلي هو شي أساسي بحياة الشباب اليوم وكانو يعتمدوا على أكلات الأرض بشكل أساسي وكانوا يحبوها بسبب عدم توفر التنوع الكبير الموجود اليوم”.

ويتابع حيدر: “لهيك بتستغرب بكل مرة بخبرها إني ما بحب هيك أكلات وبتحس هالشي غريب وخبرتني إنو رح تضل تنسى أو تتناسى لأنو هاد الأكل الصحي”.

أما أحمد علاء الدين، الذي كتب على ورقة وعلقها في غرفته “وحياة محمود عباس العقاد أنا كائن لا يأكل إلا في الليل، يرجى تفهم معدتي وعدم استهلاك الصوت والدعوات المستمرة”.

فتحدث عن معاناته لتلفزيون الخبر: “عدا عن أن أمي تنسى أو تتجاهل أنني لا أحبُّ أنواع كثيرة من الطعام، إلا أنها تصرّ عليّ أن آكلّ حسب توقيت محدد لا أستطيع إجبار نفسي على تناول الطعام فيه، وهذا السيناريو مستمرٌ منذ سنوات دون كلل أو ملل”.

ويتابع: “الأكلة الوحيدة التي أحبها (الرز وشاكرية) ولا أحب غيرها وكل يوم تسألني “شو جاي على بالك” أجيبها نفس الجواب، والنقطة الغريبة أنها لا تطبخها، وتطبخُ شيئاً آخر وتسوّقه بجملة “هالأكلة بترمّ العضم”، والمشكلة أن هذه الجملة باتت مرافقة لكل الأصناف التي تطبخها”.

وتحدث علاء سعد عن معاناته مع الموضوع: ” تسألنا أمي ليلاً “شورأيكن تاكلوا مطبّق بكرا” فأجيبها: لأ والله بتلعي القلب هالأكلة، فترد بأن الأكل محيّر شو بدنا نعمل، فأقترح عليها “المجدرة مثلاً”، فتعود لتسأل: “يعني ما بدكن مطبق؟ فأجيبها ممتعضاً: خلص اعملي الي بدك ياه”.

ويتابع علاء: “وطبعاً شو بتطبخ أمي باليوم الثاني .. مطبّق، وبعد ما تتفاجأ إني ما بحبها، بتقليلي إلي بطاطا”.

وتقول ميس مصطفى لتلفزيون الخبر: “أنا كنت استغرب ليش الأم بتسأل هالسؤال بعدين عرفت الجواب لما صرت أم، لأنو خلال فترة نمو أطفالنا منلاحظ انو بكل مرحلة ابننا عم يحب أكل ويكره أكل، بنتي الكبيرة عمرها ١٢ سنة ولهلأ أوقات بتحب نوع أكل وأوقات لا،

وتتابع ميس: “وهيك الإبن ما بيلاحظ هالتغيرات لهيك أمه بتضل تسأل، وما بعرف إذا رح تستمر هالحالة لما يصيروا أكبر، ومن تجربتي مع زوجي ببداية زواجنا ما كان يحب الحر مثلاً، هلأ مع كل الأكل بياكل حر وشخصيتو بالأكل تغيرت بعد النقّ”.

وعن تجربته قال فيليب عازر لتلفزيون الخبر: “عمري 34 سنة ولليوم الوالدة بتتفاجأ بأكلات من طفولتي ما بحبها، وبتقلي مثلاً: طبخت مقلوبة باذنجان رح تأكل أصابيعك وراها، فأرد عليها: ماما لليوم ما مصدقة أني ما باكلها لهالأكلة؟، فترد الوالدة المصرة: أنت جربها مفيدة والباذنجان المقلي طعمته طيبة ومفيد، وما بعرف كيف الباذنجان الغرقان بالزيت المقلي المضر ممكن يكون مفيد”.

يتابع فيليب: “بعد ما صرت مقيم لحالي، صرت أطبخ ومرة طلب مني صديق أطبخله برغل ببندورة، اللي هي واحدة من الأكلات الي ما كنت آكلها بالبيت، وبالطبع طبختها وانجبرت دوقها وأعجبت فيها وصارت مفضلة عندي، واكتشفت أنه النق من أمي هو اللي نفرني بدافع العناد من بعض الأكلات المتكررة بمطبخنا، مع التحفظ على أكلتين (المقلوبة والسجقات) هدول ما ممكن يتغير رأيي فيهم”.

وأجابت ملك (أم لثلاثة أبناء) تلفزيون الخبر عند سؤالها عن السبب وراء فعلهنّ (الأمهات) ذلك باستمرار: “الأم بتحب ابنها ياكل كل شي خاصةً إذا كانت بتعرف إنه في فائدة وقيمة غذائية منه، وهذا سبب لإصرارها إنه ياكل كل شي حتى لو كان ما بيحبه، وغالباً منعمل هيك بلا ما نحس”.

وعند سؤالها “لحظة مفاجأة الأم من عدم تقبّل أبنائها لطعامٍ معين .. هل تنسى الأم فعلاً أو تتناسى في محاولةٍ لإقناعهم وتغيير رأيهم؟” أجابت ملك: غالباً بكون ناسية تماماً بس ببعض الأحيان بكون عم حاول إقنعهم يعطوا الأكلة فرصة تانية عسى أن يغيروا رأيهم”.

وقال زياد إبراهيم: “أمي تكادُ لا تنسى شيئاً في حياتنا، ولكنّها لا يمكن أن تتذكر الطبخات التي لا أحبها مع إنها ليست كثيرة، ونادراً ما أشعرُ أنها تتصنع استغرابها لتقنعني بطبخةٍ ما”.

ويضيف زياد: “الأمر الوحيد الذي يستفزّني في هذا الجدال، عندما يصل لقولها: “مع إنك كنت تاكلها وإنت صغير” وكأنني وأنا في الثلاثين سأصدق ذلك وأغير رأيي وأحب شيئاً أكرهه طوال حياتي، والمشكلة أنها تكون مقتنعة تماماً بما تقوله”.

من الجدير بالذكر أن فقدان حاستي الشم والتذوق الناتج عن الإصابة بفايروس “كورونا”، كان سبباً في مسايرة بعض الأبناء لأمهاتهم في تناول أطعمة لا يتناولونها عادةً، وهذا ما فعلته علا سقور التي أخبرتنا أنها “استغلت فقدانها لحاسة التذوق، بأنها تناولت “البطاطا بالفرن” مع أمها للمرة الأولى في حياتها”.

محمد ابراهيم – تلفزيون الخبر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى