فلاش

لكل مدينة سورية مشروب محبب ولكل مشروب “تقاليد واساطير”

لعل أكثر ما يميز الحالة الاجتماعية في سوريا هو الخليط الثقافي الحياتي الكبير فيها، خليط متنوع بعاداته وتقاليده، فالسفر مثلاً بين مدن كدمشق وحلب والمدن الساحلية وصولاً إلى دير الزور والحسكة والقامشلي، لن يكون سفراً مملاً بكل تأكيد بسبب الاختلاف الكبير في تفاصيل الحياة لكل مدينة.

والاختلاف والتنوع بين المدن السورية طال كل شيء، من طقوس الأعياد إلى الخطوبة والزواج وصولاً إلى أدق التفاصيل اليومية، حتى أن لكل مدينة طعامها وشرابها الخاص الذي تفتخر به وليس هذا فقط بل لها أساطير تتعلق بمشروباتهم أيضاً.

وإذا أردنا الغوص بالحديث عن أشهر المشروبات السورية، فلا بد لنا أن نتحدث بدايةً عن المشروب الأخضر “المتة”، هذا الصنف المجتهد الذي انطلق من المدن الساحلية بشكل رئيسي ليدخل وبشكل تدريجي إلى معظم المدن السورية، حتى أصبح لها طقوسها الخاصة في مدن كالسويداء.

المتة رفيق مضاد للمل أثناء الدراسة مساعد على التركز وطقس مهم من طقوس “الجمعات” اليومية مع العائلة أو الأصدقاء، كما قال الشاب باسل أحمد، أحد سكان اللاذقية لتلفزيون الخبر.

وللمتة أساطير ومعتقدات عديدة، كما قالت ميار محرز، من مدينة السويداء، مضيفة “فظهور فقاعات على سطح المتة في الكأس تدل على حسد بعض الناس لصاحب الكأس وهذه الفقاعات تجسيد لعيون يجب التخلص منها بثقبها”.

وتابعت محرز “أما ظهور الفقاعة في أعلى المصاصة فهو بشرة برزقة تحملها الأيام لصاحب الكأس، وفي معتقدات أخرى فهذه الفقاعة دليل على ذكر الحبيب لصاحب الكأس في لحظة ظهور الفقاعة”.

فيما قال باسل عن طقوس المتة في المدن السورية، وعن” الخلاف الجوهري” بين اللاذقية وطرطوس، فسكان الأولى يناصرون الماء الساخن أما سكان الثانية فأبريق المتة لديهم يغلي دائما، وفي السويداء ومن مبدأ التشاركية كأس واحدة كافية لكل الجماعة.

ولشعبية المتة في الساحة السورية منافسون أيضاً، ولعل أشهرهم وأقدمهم الشاي، التي تعد من أهم وأشهر المشروبات في سوريا عموماً وحلب ودمشق وحمص خصوصاً.

والشاي بعد الغداء طقس رئيسي لفائدتها، وخلال جلسات السمر الشاي بالقرفة أو النعنع أمر محبب إلى قلوب “الحماصنة”، كما أوضحت فاتن زعرور، من سكان مدينة حمص.

وأضافت زعرور “للشاي مكانة ثابتة لدى جميع السوريين عند الصباح مع الفطور، وبشكل أخص يوم الجمعة حين تجتمع العائلة بأكملها”.

وبحسب “سانا”، فإن “مؤشرات التجارة الخارجية تقول أنه بلغت كمية الشاي المستوردة لعام 2016 نحو 6 آلاف طن بقيمة 15 مليون و800 ألف يورو، وجاءت المتة في المرتبة الثانية في قائمة، وبلغت الكمية المستوردة منها خلال الفترة ذاتها نحو 600 طن بقيمة 6 ملايين و300 ألف يورو”.

ويحتل مشروب القهوة قلوب الأغلبية في سوريا، فهو المشروب الوحيد الذي يشربه السوريون في البيت، في العمل، ويباع بشكل كبير في الطرقات والحدائق والمقاهي خصوصاً عند الصباح على أنغام السيدة فيروز، وهو طقس صباحي معروف في سوريا، كما الت ساره.

وأضافت ساره، من سكان مدينة حمص لتلفزيون الخبر، “ما يميز أهل حمص هو حب جميع سكان المحافظات الأخرى لهم، وهذا بالضبط ما يميز القهوة أيضاً، فهي أحد العومل الرئيسية للعديد من العادات والتقاليد المشتركة بين المدن السورية كالخطوبة والعزاء”.

وتابعت ساره “للقهوة طقوس ضيافة مهمة وعريقة لدى جميع السوريين، وتعتبر دعوة شرب القهوة هي الأكثر شيوعاً بين الناس في سوريا، وعادةً ما تقدم القهوة مرتين للضيوف، مرة في أول الجلسة والأخرى في آخرها، وتعرف بقهوة أهلا وسهلا وقهوة الله معكن”.

وقال هاشم المحمد، من سكان مدينة درعا لتلفزيون الخبر، “لا تزال صناعة القهوة المرة حاضرة في حوران منذ زمن طويل، رغم ظهور العديد من أنواع الشراب المختلفة فيها، فهي متوارثة عن الأجداد، ولا يخلو أي بيت أو مضافة منها، ولتناولها عادات وآداب معينة لازالت محفورة في الأذهان”.

وأوضح المحمد “تعتبر صناعة القهوة المرة، تحديداً من العادات العربية الأصلية التي ترمز إلى الكرم وحسن الضيافة، وطريقة تقديمها وتناولها فيها الكثير من المعاني والدلالات لدى أهل حوران، فهي لا تكون جيدة مالم تكن لها خميرة، ومحمصة بشكل كافي، وماؤها عذب ونظيف، وتتوقف جودة القهوة المرة على جودة الماء قبل كل شيء”.

وعن الأساطير المتعلقة بالقهوة، ذكرت ساره “دلق القهوة أمرٌ محبب ويدل على قدوم الخير، أما الرغوة التي تظهر على سطح الفنجان فهي بشرة قادمة، والأكثر شيوعاً هو التبصير ومعرفة بعض الاحداث في الحاضر والمستقبل من خلال قراءة الخطوط التي تتركها القهوة على سطح الفنجان الداخلي”.

وأضافت ساره “للتبصير قواعد محددة، فلا يجوز مثلا التبصير وقراءة الفنجان ليلاً، فكل ما هو خير سيصبح شراً، وحالة الشارب عادةً تنعكس على شكل الخطوط الداخلية للفنجان، ففي حال كانت حالته النفسية سيئة سيكون الفنجان مرغول، أي لن يكون للفنجان أي معنى، ولن تستطيع البصارة قرائته”.

ختاماً لابد من التذكير ببعض المشروبات السورية العريقة، رغم انخفاض شعبيتها، كالعرقسوس وقمر الدين المصنوع من المشمش البلدي المجفف بعد إضافة السكر إليه، وشراب التمر الهندي الذي يعتبر من مشروبات الصيف الدائمة في سوريا، وضيف بارز على المائدة في رمضان.

 

سامر ميهوب – تلفزيون الخبر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى